.. علَى شاطِيء اللقَاءِ الأوَّلِ ..
كتَبْتُ اسمَكَ
غزَلْتُ بخيُوطِ المستحِيل ثوْبَ حلمكَ الملقِيِّ علَى عتبَاتِ الأمسِ
و ألبَسْتُهُ غدَكَ
أطفأْتُ أنوَارَ الحقِيقَة بجبرُوتكَ
و بمِثَاليَّتِي أشعَلْتُ شمُوعَ الوهْمِ
رسَمتُكَ وطناً علَى جبينِ الشمسِ
و ألقَيْتُ تمرُّد غربَتِي علَى حدُودِ ظِلِّكَ
تنَاسَيْتُ جرُوحَ القِيلِ و القَال
.. و الآه و المُحالِ ..
حمَلتُ ظُلمَكَ علَى أجنحَةِ العَفْوِ
مُحلِّقَةً فِي سمَاءٍ اخترَقَتْهَا أسرَابُ الألَمِ
قرَأتُ لأجلِكَ كل تعاوِيذ الوِصَال
و اعتَنَقْتَ فِي وصْلِي شرِيعةَ الهجْرِ
علِمْتُ أنَّنِي لَسْتُ أوَّلَ لوْحَةٍ تعبَثُ بتفاصِيلِها ريشَتُكَ
لكِنَّنِي ما علِمْتُ
أنَّكَ ستقْطَعُ آخِر شرَايِينِ الوِد بِحَدِّ غدرِكَ
ما علِمْتُ
.. أنَّنِي لَسْتُ وحدِي حبِيبَتُكَ ..
لسْتُ وحدِي مَن تنْحتُها أنامِل لهفتِكَ
لسْتُ وحدِي مَن تتَمايَلُ براءَتُها فرَحاً معَ نسمَاتِ همسَتِكَ
لسْتُ وحدِي مِن عُلِّقَتْ أحرُفَ هوَاها علَى جدرَانِ غرفتِكَ
.. لَسْتُ وحدِي ..
الأخِيرَة
فقَلْبٌ كقلبِكَ
.. تسكُنُهُ قلُوبٌ كثِيرَة ..
كُلَّ حِينٍ تُبدلُ فِيه أهلَ بيتِهِ و العشِيرَة
لا خوْفَ من تفَاقُمِ أعدادِ المسْتوطنَاتِ علَى أرضِه
فموَارِدُه هائِلة
و خيْراتُهُ دائِماً وفِيرَة
.. ما أعجَبهُ مِن قلْبٍ ..
يستبِيحُ انتِهاكَ عذرِية الهوَى
و يُثقِلُ حمُولَة الهَمِّ علَى سفِنٍ تُغادِر موانِئَهُ
مِنها ما يغرَقُ
و مِنها مَا يصِلُ مُتحَطِّمَ الذَّاتِ
.. كُلُّهَا تُنسَى ..
لحظَةَ إطلاق صافرَة رحِيلِها
و رَفْعِ مرَاسِيها
.. تُنسَى ..
إنْ طالَتْ فِيه مُدَّة إقامتِها
أوْ كَانَت قصِيرَة
.. هكذَا أبحَرْتُ في بحرِ مشاعرِكَ مُرتجِيَةً الأمان ..
حتَّى وصَلْتُ قلبَكَ
و سكَنْتُ فِيهِ
.. ثُمَّ رحلْتُ ..
.. و مِن ثَمَّ نُسِيتُ ..
هكذا
.. بكِلِّ بسَاطة و تلقائِيَّة ..
طَعنْتَ الوفَاءَ
و دنَّسْتَ بنجَاسَةِ جُرمِكَ طُهرَ الشَّفافِية
.. رمَقْتُ خيَانتَكَ بنظْرَةٍ تسألُ ..
و رمَقْتَ تساؤلِي بنظْرَةٍ تقتُلُ
ضحِكتَ و سخِرْتَ
.. و اتهَمْتَ احتِجَاجِي بالغِيرَة ..
.. و ثوْرَة كِبريَائِي ..
بانعِدامِ البصِيرَة
ألقيْتَ فيِ سلَّةِ أنانيَّتِكَ
كلَّ أورَاقِ التبرِيرِ
و الممْكِن
.. و الاحتِمَالِ ..
لأُعِيدَ قرَاءَة أورَاقِي معَكَ من جدِيدٍ
.. كيْفَ أنَّي أذبْتُ غرورَ جليدِكَ ..
.. و صهرْتُ فِي بنيَانِ رجُولتِكَ كُلَّ أعمِدة حدِيدِكَ ..
و حِينَ ملَّتنِي مسَامَاتُكَ
سقَط عنْكَ القنَاعُ
و ثَار صقِيعُ نزوتِكَ
فتجمَّد الجلِيد
و بَردَ الحدِيد
.. أيْقنْتُ أنَّ طعْمَ الدِّفء من امرأةٍ واحدةٍ لا يكفِيكَ ..
و أنَّ تنَوُّعَ المذاقَاتِ علَى مائِدَةِ نرجِسِيَّتكَ هوَ ما يستهْوِيكَ
.. و بعدَها ..
لملَمْتُ بقاَيَا أنثَايَ المُستبَاحة علَى أرضِكَ
.. و نفِيتُ برِيَاحِ الذهُولِ و الاستِنْكَارِ ..
مُحملَةً بأطنَانٍ من الهمُومِ
تُنهِكُ أركَانَ سفِينَتِي الصغِيرَة
.. ناجَيْتُ الليْلَ ..
أرتجِي منْهُ لحظَةَ سكُونٍ
أتأمَّلُ فِيها عُمْقَ طعنتِكَ
و لمَحْتُ أموَاجَ الغيَابِ تُداعِبُ ثَغرَ القمَر
تُوقِظُه مِن غفوَةِ عِشقٍ تملَّكَتْهُ
.. لتَحفِر علَى وجنَتيْهِ أخادِيد الوِحدَةِ ..
و اصطَفَّت النُّجُومُ علَى جانبَيْهِ
مُعلِنَةً
.. أنْ حانَ وقْتُ السَّهَرِ ..
.. و انشَقَّت السمَاءُ ممَهِّدَةً طرِيقَ السَّفرِ ..
طرِيقٌ مرْصُوفٌ بالوجَعِ
يحتَضُنُ الدَّمْعَ مُبتسِماً
ليُوارِي فِيهِ رجفَةَ الفزَعِ
.. تأمَّلْتُ كلَّ ذلِكَ ..
و تنَهَّدتُ تنهِيدَةً استرجَعْتُ بِها بعضاً من زفرَاتِ بأسِي
.. ما أخَافنِي الطرِيق ..
و لا أرهقَنِي طُول رحلَتِي
فكُلَّما طالَت
كلَّما وهبَتْنِي متَّسعاً من الوقْتِ أدَاوِي فِيه جرَاحَ صدمتِي ببلسَمِ الصَّمْتِ
.. و عزَائِي الوحِيد ..
أنَّكَ رجُلٌ لا يُندَمُ علَى ترْكِهِ
.. رجُلٌ مِثلُكَ ..
تفَشَّى فِيه سرَطَانُ الخيَانَة
ينْهَشُ فِكرَهُ و أهوَاءَهُ
يتدَفَّقُ فِي دمِهِ خُبثاً
من أعمَقِ شريَانٍ لأقصَى ورِيد
اعذرنِي
رجُلاً مثلَكَ
.. لا أرِيدُ ..
ماذا بعْد ذلِك ؟!!
لَمْ يعُد هنَاكَ ما يُقَالُ
أُزهِقَت الأحرُفُ
و أرِيقَت المعَانِي
و اكتَفَت الأسطُر
.. و مَا مِن مزِيد ..