عرض مشاركة واحدة
قديم 01-16-2011, 11:17 PM
المشاركة 603
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
ابو العينين شعيشع
كروان القراء الشيخ





مذكرات الشيخ شعيشع تتناول سيرة الشيوخ الأولي وحكاياته معهم واعتماده كقاريء للإذاعة وعمره‏17‏ عاما‏,‏ وأيضا ذكرياته في الليالي القرآنية في مصر وخارج مصر مع القرآن‏,‏ ويصف حفاوة كل بلاد المسلمين بتلاوة المصريين‏...‏ في المذكرات أيضا جزء مهم عن علاقته بكوكب الشرق أم كلثوم‏,‏ ومحمد عبد الوهاب والشيخ محمد رفعت‏.‏ وتتناول المذكرات علاقته بثورة يوليو خاصة أنه حضر اجتماعا للضباط الأحرار بل الثورة‏,‏ ولكنه لم يكن يعرف بطبيعة التنظيم‏,‏ وأسرارا أخري عديدة في حياة الشيخ أبو العينين شعيشع‏,‏

ويبدأ معنا في الحلقة الأولي الحديث عن نشأته‏,‏ وسر الصوت الحزين في قراءته لأن متخصصي القراءات يدعون الشيخ أبو العينين شعيشع ملك الصبا وهو المقام الموسيقي الذي يحوي الشجن في مقامات النغم‏...‏
ويربط الشيخ أبو العينين شعيشع ذلك بحادث وفاة والده عندما كان طفلا صغيرا في التاسعة من عمره واثر ذلك علي نفسه‏..‏ فأكتسي صوته بالحزن‏,‏ وهو ما يشرحه لنا من خلال مذكراته التي سنوالي نشرها في حلقات مع أيام شهر رمضان‏.‏

بداية الحكاية
أنا ولدت في مدينة بيلا في محافظة كفر الشيخ في عام‏1922‏ وكنت الطفل الثاني عشر لاسرتي‏,‏ ولذلك لم يكن مرغوبا في وجودي فأمي أنجبت قبلي‏11‏ طفلا‏,‏ ورغم أن الأمور كانت تسمح وقتها بأن تعول الاسرة مثل هذا العدد من الأولاد‏,‏ وفإن أمي الله يرحمها حاولت أن تتخلص مني وأنا جنين في بطنها‏,‏ ولكن مشيئة الله أرادت أن أعيش‏.‏ وفشلت أمي فيما كانت تنوية رغم أنها حاولت عدة مرات أن تسقط حملها بي ولكني كنت متمسكا بالحياة‏...‏ ولم أترك رحمها إلا في الشهر التاسع وأنا طفل مكتمل لدرجة أن السيدات اللاتي كن يعملن لها عملية الإجهاض قلن لها الجنين لا يريد أن ينزل وكأنها حكمة الله أن أبقي وأعيش حتي يومنا هذا رغم التربص بي وأنا جنين في رحم أمي‏,‏ وكانت والدتي وقتها معذورة لأنها مهمومة باحد عشر طفلا آخر غيري من أخوتي الذين كانوا سبع بنات وخمسة اولاد وأنا كنت الأخير‏,‏ ولكن سبحان الله أنا كنت رزق أخوتي كما سنري فيما بعد‏.‏
ورغم أنني كنت جنينا غير مرغوب فعندما نزلت للدنيا وجدت تدليلا من أبي وحنانا لم أجد مثله علي الاطلاق طوال حياتي‏,‏ فأبي الذي كان يعمل موظفا صغيرا في إدارة الري ببيلا كان يحبني جدا وجعلني احمل أسم والده شعيشع أبوالعينين‏..‏ كنت الطفل المدلل للأب والغريب رغم الظروف الصعبة التي كانت عليها اسرتي ولكن أبي كان عنده طموح أن أكمل تعليمي‏,‏ فالتعليم في وقتنا هذا كان بعيد المنال الا لأبناء الأثرياء‏,‏ ورغم ظروف أبي لكثرة عدد الأبناء الا أنه أدخلني مدرسة أهلية‏,‏ ولم أدخل الكتاب مثل باقي الأطفال في الريف في وقتنا بل ألتحقت بالمدرسة الابتدائية وعمري كان وقتها ست سنوات‏.‏

وحدث اثناء الدراسة حادث مروع للاسرة فقدنا بسببه أبي‏...‏ وبقدر ما كانت فاجعة للأسرة جميعا‏...‏ الا أنها كانت كارثة بالنسبة لي كان عمري تسع سنوات وكان أبي كل شيء لي في هذه الدنيا‏.‏ دلعني ودللني وكان يحملني علي كتفه ويسير بي في الشوارع وياتي لي بالحلوي‏.....‏ وأصر علي أن أدخل المدرسة لأتعلم رغم ان الظروف المادية كانت صعبة‏..‏ أتذكر واقعة وفاة أبي جيدا‏.‏ و
كانت واقعة فقد أبي برغم ماحملت من آثار سيئة في نفسي وانا طفل فقد أعز واقرب انسان إليه‏...‏ الا أن الواقعة كانت مفتاح سر في حياتي ومسيرتي مع القرآن أنها مثلت لي الحزن لم أكتشف هذا السر الا فيما بعد‏.‏ الكل يقولي ان صوتي حزين وكان حزني فيه غموض وكان السر الرئيسي في صوتي الحزين كما أتخيل‏.

‏ أنه منذ وفاة أبي تغلب الحزن علي رغم أنه رحل وعمري تسع سنوات ومر علي رحيله ما يقرب من ثمانين عام ولكن كان أبي كل حياتي وقرة عيني أتذكر ملامحه الآن وهي يحملني علي كتفه‏..‏ كان حزن بي علي فقدي له كبيرا‏.‏
وطبع ذلك الحزن علي لدرجة أن أثر علي صوتي بلون الشجن المعروف عني بالصوت الحزين أعتدت قراءة الصبا وهو مقام حزين في النغم يقسمون المقامات هكذا السيكا للبهجة والصبا للحزن‏,‏ وتميز صوتي بالشجن ولذلك أطلق علي البعض صوت الصبا‏.‏ هذا السر في صوتي أراه أرتبط بي منذ وفاة والدي كنت حزينا فأثر ذلك علي إداء صوتي‏.‏ فأبي كان شيئا أخر وعندما مات شعرت أنني تهت وضاع مني الجانب الحنين في حياتي‏.‏

أتذكر واقعة وفاته جيدا عندما مات أبي كنت أبكي عليه بحرقة أغني كلام بصوتي وانا أرثيه بكلمات مثل سايبنا لمين ياأبا وهتعمل أيه من غيرك وجمل أخري من المعتادة في التعديد والحزن ولكن كنت أؤديها بصوتي كالغناء وكان صوتي جميلا وقويا تاثر المعزون به وبكي الناس كلها من التأثر بجمال أداء صوتي ومشهد الطفل الحزين علي والده‏.‏ ربما كانت هذه الواقعة سر ومفتاح صوتي الحزين لم أكن وقتها أدرك أي شيء ولكني تذكرت فيما بعد تأثير صوتي في الناس الذين حضروا جنازة أبي‏..‏