عرض مشاركة واحدة
قديم 01-14-2011, 11:44 PM
المشاركة 58
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

* العاصفة - رحمة الله (3)
- لن ينساكِ الله من رحمته ..
قالت الصغيرة ببراءة وهي تنكمش بجسدها النحيل على المقعد في زاوية الشرفة ,
رحمة الله!! .. أشعلت في جوانحي هذه العبارة آهات من الحزن الدفين , أججت حرائقي ورمادي الساكن في غفوة الفأل .. ليتك تدركين يا صغيرتي كم أنا في حاجة إلى رحمة العظيم ..
كم أنا لهفة لعونه , كي أبرأ من أسقامي وعذاباتي .. كي أتحرر من هذا الويل المجترح لسنوات عمري الهزيل ..آه أيتها الغريبة لو تعلمين ما صنعت بي ..
- من أين أنتِ يا أحلام ؟
سألتها وأنا أنظر إلى الأقحوانة المجففة تتكسر أوراقها من وطأة الريح .. وتذروها هشيما في كل مكان في الكوة الخارجية على درجات الشرفة ..
- من الجنوب سيدتي ..
أجابت وهي مازالت ترتجف وتأكل الشطيرة بشراهة ..
هناك هو ..غربته الجاثمة على تراب السفر .. غربته التي زرعته غصة في صدري , فارس يمتشق الشعر في هنيهات الألم .. فيلسوف من الصحراء يختال على أوردتي ويتجذر ..
أتى من كوة الزمن صدفة ليصنع معي ذكرى لا تموت , ليكتب لي حكاية تلطخت بالرحيل .. ومزيج من الجنون الذي لم أجني منه سوى ألم الفراق .. وبرودة العشق الميت ..
- لا أدري كيف أشكرك يا سيدة لكرمك وعطفك علي ..
استيقظت على صوتها من شرودي , بينما العاصفة مازالت تعبر المدينة بكل شراسة ..
- أين أهلك يا أحلام ؟
قذفتها بسؤالي وقد تحولت أحداقي صوب الليمونة التي انثنى جذعها بشدة من هول العاصفة حتى حتى كادت أن تهوي إلى الأرض , سألتها ولم ألاحظ وجومها ولهاثها ..
لم أتنبه إلى هالة الذهول المتسمرة على محياها حتى التفت نحوها .. وكررت سؤالي عليها مجددا :
- قلت لكِ .. أين أهلك ؟
- ماتوا سيدتي .. ماتوا ..
قالتها وهي تتوقف عن المضغ للقمة غص بها حلقها .. في حين رمت باقي الشطيرة في الطبق ..
طالعتها بلوعة .. وكدت أن أحتضنها لما هتفت به .. ولكني أحنيت رأسي وشردت بعيدا .. حتى نسيت ضيفتي الصغيرة وكل ماحولي من حياة ..
لأنك احطت بي ..