عرض مشاركة واحدة
قديم 01-14-2011, 11:39 PM
المشاركة 57
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

* العاصفة - طفلة على الطريق (2)
مازالت الريح تعيث الزمهرير في كل مكان ..
أجساد أمامي تروح وتجئ .. قامات تنحني في الأزقة .. وقطط تهرع إلى شقوق البيوت المهجورة .. وضجيج .. وعويل .. وهناك , على جبين الحي الذي يطل على الحارات القديمة ..
كانت طفلة تدنو بمشية مترهلة الخطوات .. عليها رداء مهترئ .. مطموس الألوان .. منكوش الحشايا ..ذاهلة الملامح .. شاحبة القسمات , طفلة تسير وسط الريح بلا هدى ..
تحمل قلب يحتضر على كتفها , ترتعد أوصالها كلما اقتربت من سياجي , رأيتها تجتاز التقاطع الرئيسي بمحاذاة بيتنا حتى اقتربت من الركن الغربي لشارعنا ..كانت تهرع في سيرها ..
وكأنها تفر من مسخ يطاردها , أو كأنها تلوذ إلى المجهول لتجد ضالتها , حتى وجدتها تقترب من سور دارنا .. ثم تقرع الباب , فعلت هي كل هذا وأنا أدور نصف دورة حول شجرة اللوز ,
ولم يبق أمامي سوى اكتشاف كنه هذا المخلوق الصغير ..
- من أنتِ..؟
سألتها وأنا أطل عليها من ققضبان الباب الحديدية ..
- أحلام .. أنا أحلام يا سيدتي ..
قالت بصوت مرتعش , ثم تابعت باستجداء :
- أرجوكِ .. دعيني أدخل فأنا جائعة وأكاد أتجمد من البرد ..
أحلام ؟ .. يالهذا الاسم الرائع .. الحان ناعمة الحروف تنغرس برأسي حتى الاندماج , عزف يثير في ذاتي أتربة الذكرى , فكرت بذلك وأنا أشرع لها الباب .. ثم دعوتها للدخول بسرعة
لتحتمي من المطر الذي أخذ يتساقط بشكل مفاجئ ..
- اتبعيني
قلت لها هاتفة , ثم تقدمتها إلى الشرفة الخارجية المظللة بالزجاج ,
- أريد بعض الطعام ياسيدة من فضلك
قالت مرة أخرى وهي تجلس القرفصاء مستندة بظهرها إلى جدار الشرفة , رمقتها بشفقة اعتصرت حناياي , واتجهت إلى داخل المنزل , ثم بسرعة أعددت لها بعض الشطائر ,
وكوب من الحليب , ولم أنسى أن أجلب لها معطفا سميكا يقيها البرد ..
وذاك الطيف يتحرك في كل مكان حولي .. ولا يزل ..