عرض مشاركة واحدة
قديم 01-14-2011, 11:37 PM
المشاركة 56
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

* العاصفة .. (1)
عاصفة تأكل المدينة .. تقتات على الدروب الواجمة تحت القناديل .. حيث ضباب غاضب يتلثم به المدى ..متلااخيا على المسافات بلا حدود , إذا يأتي المساء يتحرش بصمتي ..
وشرودي , يأتي ليصفع الأشجار بعتمته الصاخبة بالريح ..والأزهار .. وسعف النخيل ,
أشجار وليل .. وغصة يحملها إلى حناجري الويل .. أشجار كأرواح .. أو أشباح تجوس أنظاري ولا تكل من رقصها المجنون ..
كانت المراكب على الطريق تطلق صيحات النفير هرعة بأصحابها إلى دفء البيوت .. وأخال رجال من الشرق الآسيوي يتجمهرون بأعمدة الجسر الكبير فارين من سخط الريح ..
وعلى جانب الحي الشمالي , أغلق عم حمزه دكانه .. والتحف " بفروته " مخلفآ خطواته المتعثرة على الرصيف ..
الليل مهووس بالمقت والضوضاء .. ذاك الذي بات زائر المدينة المرفوض ..
أحدق في العتمة بنظرات يعلوها الغشاوة , أنظر من خلال ثقب في جمجمتي حفرته حكايات الصيف الراحلة , اعتدت أنا هبوب الأحزان .. اعتدت أن أصافح الريح .. وأسكن المساءات ..
حتى لم تعد حواسي كما ربيتها .. ليست لمساتي كما كانت .. ولا ذائقتي التي باتت لا تلعق إلا المرار , وروائح البنفسج والجوري , لم تعد تحرك في وعيي الدهشة واستنشاق الفرح ..
هاهو الوجود يتلون ببقايا وهج من أفول النهار .. ها هو الغسق يتلبد بقطيع من السحب ويغفو على وسادة الظلام ..
والمساء والريح .. ليسا سوى وجهان مخيفان في تماوج الحزن .. أتخيل نفسي للتو أتبخر مع دخان الوجع .. أتحول إلى روح هائمة في كل مكان ..
أرى أشياء تحدث ما بين طيات الأفق .. وجوه شتى وراء الجدران وخلف الأبواب .. قلوب ترتعش قرب النار وتبحث عن حرارة تذيب صقيع الأيام .. وأحلام معلقة على النجوم ..
ومتدلية بطرف الهلال .. تؤرجحها أضواء الشموس الغائرة في الكون ..
حتى لاح لي وجهك المكتظ بالغضب .. فأومأت أفر إلى يدي المرتجفتين أحمل قسماتك وأبكي ..