عرض مشاركة واحدة
قديم 01-13-2011, 11:47 PM
المشاركة 4
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



أزمة الإبداعية ومصيرها


إن الاتجاه الملتزم، في الحركة الإبداعية برسالتها المجدّدة الهادفة ـ ولاسيما حين تتّسم بنزعة قومية أو وطنية ـ لم يلبث أن شاعتْ فيه عوامل الخلاف والفُرقة، كما أن الجمهور التوَّاق إلى آفاق مستحدثة طريفة ضاق ذرعاً بالعاطفة ونزواتها وأهوائها، وملَّ أساليب الإبداعية المسهبة التي بدت له كأنها تلغو بثرثرة عميقة، هكذا نهض تيوفيل غوتييه Théophile Gautier وأتباعه داعين إلى حركة مستحدثة في الأدب، دعيت بالبرناسيـة Leparnasse ، متخذين شعار «الفن من أجل الفن» شعاراً لهم، ناعين على الإبداعية عاطفتها المتقلبة وآهاتها الحسيرة، ودموعها السخية، واهتماماتها السياسية والاجتماعية المتبدِّلة وأساليبها الشعبية الركيكة في التعبير، وضاقوا ذرعاً بنواحها الرتيب، وبرموا بموضوعاتها المتماثلة، على نحو ما عبَّر عنه الناقد الإبداعي سانت بوف نفسه، بقوله: «لقد انتهت الحركة الإبداعية وينبغي البحث عن أفقٍ آخر، فإن الجمهور لايستيقظ إلا على كل ما هو مفاجئٌ مستحدث». هكذا انقلب تيوفيل غوتييه، الذي تزعّم نفسه المعركة دفاعاً عن مسرحية «هرناني»، على الإبداعية، ناشداً في الحركة البرناسية، أفقاً واعداً موحياً.


بيد أن ذلك كله لم يفضِ إلى هزيمة الإبداعية وانحسارها تماماً، فقد خلَّفت الإبداعية بصماتها على الأدب كله، وتحدَّرت حساسيتها المتوفِّزة، وعاطفتها المُتَّقدة، إلى حركات وليدة جديدة، لم تستطع أن تستغني عن لَهَب العاطفة ودفء القلب ووساوس الوجدان. يقول الشاعر الألماني آيخندورف Eichendorf:

«إن الإبداعية هي أبعد من أن تكون حدثاً أدبياً، بسيطاً فحسب، إن هدفها لينحو إلى مدى أرحب، هو إنجازُ خلقٍ جديد للوجود كله، كما كان يدعو إلى ذلك نوفاليس». وانفطر نهر الإبداعية اللُّجيُّ العارمُ إلى جداول شتَّى، لنجد الحركة السريالية نفسها تحذو حذو الإبداعية في إيثارها بدواتِ العاطفة ونزواتها وعالمَ الأحلام ورؤاه على العقل ومنطقه الجاف البارد، ونجد قوافل من الكتاب المبدعين، تنحو نظراتهم إلى الإبداعية، تأخذ عنها وتتأثر بها، مثل أونوريه دي بلزاك Honoré de Balzac الذي استجلى في رواياته كلها ملامح المجتمع الفرنسي بكل ما يحفل به من طبائع وأهواء ومباذلَ، وانساق أسلوبه المميّز في سياق الإبداعية والواقعية réalisme والطبيعية naturalisme معاً، كما نجد كاتباً معاصراً جان جيونو Jean Giono يجلو بأسلوبه العفوي المتدفق كلَّ ما يزخر به الريف الفرنسي من زخرفٍ وجمالٍ، لينحو في مؤلفاته الأخيرة، إلى ستاندال ويأخذ بمدرجته في موضوعاته وأسلوبه، ونلفي كاتباً معاصراً آخر هو فرانسوا مورياك Francois Mauriac يغمس قلمه في مداد العاطفة والأهواء الجامحة التي كان يسعى الإبداعيون الأوائل جاهدين لاستجلائها.




يقول ميشيل بوتور MichelButor أحد كتاب الرواية الجديدة nouveau roman في فرنسة: «لقد بدأت الحركة الإبداعية في نهاية القرن الثامن عشر، ومازالت تنمو مطَّردة من دون انقطاع حتى الآن».
ويؤكد ذلك غايتان بيكون بقوله: «على الرغم من جميع ردود الفعل المضادة للإبداعية التي اتسمت بها المرحلة التي أعقبتها فإنه يمكن القول إن الأدب المعاصر ينبثق من الإبداعية، فمنها وحدها انبجست الحرية نفسها التي أنكرتها ورفضتها».



ترجمة: بديع حقي





المصدر: الموسوعة العربية للشعر


هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)