الموضوع: سوا ربينا*
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
25

المشاهدات
7270
 
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي


ريم بدر الدين is on a distinguished road

    موجود

المشاركات
4,267

+التقييم
0.67

تاريخ التسجيل
Jan 2007

الاقامة

رقم العضوية
2765
01-04-2011, 11:27 PM
المشاركة 1
01-04-2011, 11:27 PM
المشاركة 1
افتراضي سوا ربينا*
سوا ربينا*






تداعيات اللحظة الآنية تغمس دواتها في قلب الماضي تنبش منه أكثر الأشياء حزناً وأكثرها قرباً من الروح ... وعندما فيروز " يسألو عنا أهالينا " هل ثمة أقوى منها في داخلي ؟ هل ثمة أبلغ من صداها؟
شيء يخرجني إلى حافة الماء عتمة ليل.. تتقلب الموجات في مواضع نومها من ضفة بعيدة إلى ضفتي التي أمتلكها الآن وربما يقصر عمرها فتولد موجة أخرى منها قبل أن تلفظ هبّتها الأخيرة في منتصف الماء
عندما الظلمة تحتوي روحك وتنتقل الحلكة إلى الحدقة لا تعكس إلا سواداً والفكر مشاكس لا يفتأ يذكرك بتلك الجزيرة التي بنيتها ذات ضياع ..
تلك الجزيرة وكوخ في قلب غابة ... لم تكن طبعا تفكر في فخامة الأثاث ولا في دهان الأبواب و لا في مقابضها الثمينة
كل ما يجول ببالك هو أن تشارك طاولتك ذاكرة غابات الراتنج التي أتت منها أو رائحة الصنوبر في دعامات سريرك أو ربما تشكرك تلك القطع الخشبية التي ألقيتها في المدفأة لأنها مع أنفاسها الأخيرة تذكرت صقيع غابة ثلجية ليلة رأس السنة.
لم تكن تفكر في رخام يغطي الأرضية لأن ذلك البساط الحامل وجع القنب ثروة كبيرة لا تعادلها نشوة جبال الرخام تردد الصدى فيها فيما تُقتد من جنباتِها جنباتُها .
لم يخطر في بالك هناك حلية الذهب المنزوع من عروق الأرض العتيقة ولا ملمس الحرير وآلام الشرنقة المكتوية بماء حار كي تصوغ نفسها ثوباً لا يبلى ..
كنت تفكر من أين أتيت؟ وأين تمضي؟ نشوتك الإبحار في كتاب مع شخصيات تؤنسنها .. أنت بذلك تريح ذاتك المتعبة لكنك تتعبها تلك الشخصيات بك وبما تحمِّلها ما لا طاقة لها به..فمهما كان خيال مؤلفها كئيبا لن يكون بقدرة وجع إنساني حقيقي على إيلام النفس ووخز أصابعها المتعبة
مع فيروز مازلت أنا على الضفة ..حافة الماء أو الوقت كلاهما سيّان .. لكن الضفة الأخرى بعيدة .. و رقمك المطلوب لا يمكن الوصول إليه .. و ربما أستمتع بغرائبية هذه اللحظة فأفكر كيف يسافر صوتك خارج الغلاف الجوي ثم يرتدُّ إليَّ ثانية ملوناً في كل مرة بمشاعر مختلفة .. عاشقاً .. واهناً... حزيناً ... مشتاقاً ... وكثيرا ما يكون متعباً ؟و ربما أنصفك ففي مرات معدودة أتاني يفيض فرحاً و لم أكن من الغرور بحيث أنسب أسباب تلك الأفراح لي فما العاجز عن إسعاد نفسه بقادر ٍ أن يفعل ذلك مع نفسه الأخرى
أتساءل عن صوتك الملوَّن فعرفت أنَّ تلك النجمات السادرات في الفضاء .. عاطلات عن العمل منذ أن انتهت حياتهن و بقي منها الإشعاع .. يتلقفن صوتك ويتسلين بتزيينه و ملء أوقات فراغهن الأزلية باللعب في تربة عواطفي المندّاة دوماً بدموعي المالحة..
سافر هناك وتفحص أناملهن قبل أن يبتلعها سواد ثقب كبير، ربما وجدت تحت أظافرهن الطويلة نتفاً من ذاكرتي و حزني و فرحي..
منذ تركت باب الخزانة مفتوحاً على مصراعيه ينشد خواء باطنه .. تلك أمي ..و أنا لوحدي أسافر آلاف المرات لأماكن مجهولة تارة ولبُقعٍ أعرفها جيداً تارة، ألتقي بمن صنعت معهم صداقاتي
كل ليلة أساهرهم وأتعلم منهم .. أحبهم وأكرههم.. بل إنني عشقت شخصية من رواية ، ما لفتني منها نظارة طبية بيضاء ..
في وقت آخر استضافني قرب ناره جميل بن معمر و حملني رسالة إلى بثينة و لم أستطع لحد الآن إيجاد سبب ٍ واحد ٍ منطقي يمنعه أن يحبها كما تمنى هو و كما تمنيت لهما أنا أيضا ً.
أتعرف ؟ صلـّيت كثيرا كي يمنحني ربي حباً كهذا .. وعندما استجاب ربي لدعائي صلـّيت له كثيرا كي يرزقني نسيانه .. هكذا نحن عندما نكون في الـ " هنا " نرى الـ " هناك " أروع و عندما نحصل عليه عمداً أو مصادفةً، نتمنى أن نرجع إلى الـ " هنا " التي صارت الآن "هناك " !
ربما ما قيل في هذا الكائن غير المتكوِّن أصلا ً ..الخرافي ،فاقد الكينونة، كثير.. لكنه شيء يبقيني تارة ً عند ذات الضفة أو جوار مكتبي، أقرأ تارة ، أمسك إبرة التطريز تارة، فيروز دوما ،و عندما يداهمني النعاس أطوي نسيجي و أنام..