عرض مشاركة واحدة
قديم 01-04-2011, 08:11 PM
المشاركة 153
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي



المصدر
ديوان نداء الرميم
رقم القصيدة (18)



أغنيةٌ إلى تشـرين



غنَّيتُ تشرينَ يا أعيادَ تشرينِ
حتى تعبتُ وخانتْني شراييني

غنَّيتُ تشرينَ تصحيحاً وملحمةً
وكانَ جمرُ حروفِ النارِ يكويني


تهوَّدَ الكونُ يا تشرينُ فانطفأتْ
كلُّ الحروفِ على أوتارِ تلحيني


هذي المشاعلُ خابَ اليومَ موقدُها
لقد أضاؤوا بها أحلامَ "رابينِ"


* * *

ما للسياساتِ تهوي فوقَ ساستِها
فتنتشي طرباً آمالُ صُهيونِ


ماذا أقولُ: أأحدو ركبَ قافلةٍ
حرابُها أُغمدتْ في صدرِ مطعونِ


أمْ أدفنُ الجُّرحَ في أحزانِ قافيةٍ
ألبستُها حقبةً ثوبَ التَّآبينِ


واللهِ لو أنَّ لي ظفراً أحكُّ به
لمزَّقت أَظفُري جلدَ الثَّعابينِ


* * *

ما للمواجعِ أُقصيها فتعصفُ بي
تفتُّ من عَضُدي عمداً وتلويني


إذا تذكَّرتُ أيامي وما حفلتْ
به السنون جراحُ اليأسِ تكويني


* * *

قالوا احترسْ: قلتُ هل في الكونِ مُحترسٌ
مثلي يوثِّقُ بين اللامِ والنونِ


هذي أَجنَّةُ أفكاري لقد ولدتْ
بعدَ المخاضِ الذي ما زالَ يُضنيني


أستغفرُ الشعرَ كم ضيَّعتُ قافيةً
عذراءَ أنشدتُها بين الطَّواحينِ


تلكَ المنابرُ تبكي اليومَ سادتَها
ملَّتْ مسامعُها زَيْفَ المضامينِ


كم اعتلاها سفيهٌ لا خَلاقَ لهُ
وكم غزاها دعيٌّ باسمِ تنينِ


وكم تلفَّتُّ حولي لا أرى أحداً
ممنْ أحبُّ على حبٍّ يناديني

لَهْفي على بلدي لَهفي على وطني
لَهْفي على العُربِ من حُمْرِ السَّكاكينِ


سنُّوا القوانينَ باسمِ الحقِّ مغريةً
ما أضيعَ الحقَّ في هذي القوانينِ

إنِّي لأكفرُ بالتاريخِ يكتبُه من
منْ أَسرجوا غيظَهم من يومِ حطِّينِ


* * *

قولي لتشرينَ يا أعيادَ تشرينِ
جفَّت دمائي ولم تُزهرْ بساتيني


وأقفرَ الرَّوضُ ماتتْ كلُّ صادحةٍ
والبومُ ينعقُ بين الحينِ والحينِ


أستغفرُ الصبرَ كم لوَّنتُ مئزرَه
وكمْ رميتُ عليه غصنَ زيتونِ


وكم زرعتُ حروفي في مشاتلِه
وما حصدتُ وراحَ الشَّوكُ يثنيني


فعدتُ أبحثُ عن زيتٍ أُضيءُ به
فتيلَ حرفٍ على وهنٍ يُعزِّيني


* * *

وراعَني الزَّيتُ في الآبارِ مُشتعلاً
يضيءُ ... يظلمُ أكواخَ الملايينِ

قد أطفأوا بدَمي أُولى حرائقِهِ
فنامَ تحتَ رمادي كالبراكينِ


لو أنَّ لحظةَ صدقٍ عانقتْ أملاً
يداعبُ الحقَّ لم أذبحْ قرابيني


* * *

قالوا السلامَ : فصُغنا ألفَ ملحمةٍ
تشدو السلامَ على أنَّاتِ مَحزونِ


فكمْ أقمْنا لهُ حفلاً نباركُه
وكم رقصنا على لحنٍ فلسطيني


نبثُّ أحزانَنا نشكو مواجعَنا
لمجلسِ الأمنِ بين الخفضِ واللِّينِ


تظلُّ أعلامُنا البيضاءُ باردةً
فنستظِلُّ بها في الضَّعفِ والهونِ


ونعقدُ الرايةَ الحمراءَ لاهبةً
بينَ الأشقَّاءِ في شتى الميادينِ


* * *

يا عاقدَ السِّلمِ ما غيَّرتَ مُعتقدي
مهما استعنتَ عليهِ بالشياطينِ


فكيفَ بالعارِ تمحو العارَ مُعتصِماً
بخيطِ سلمٍ بحبلِ الغدرِ مَقرونِ


أستغفرُ اللهَ كم أشهدتُه علناً
وكمْ حلفتُ وعادَ الشكُّ يَعروني


حتى توضَّحَ لي ما كنتُ أحسبُهُ
وهماً وكان بريقُ القصفِ يُعميني


فرحتُ أبحثُ عن وكرٍ ألوذُ بهِ
خوفَ الرّعودِ لعلَّ الوكرَ يحميني


* * *

يا قِبلتي وظُبى تشرينَ شاهدةٌ
قد عادَ يُسخطُني ظنِّي ويُرضيني


طوراً أكذِّبُ ظنِّي حين يُسخِطُني
وتارةً صوتُكِ الدَّاوي يُواسيني


فما فتحتُ كتابَ العشقِ مُنتشياً
إلا وطالعَني وجدٌ يُعنِّيني


وما لبستُ ثيابَ الزُّهدِ مُعتكِفاً
إلا وألهبَني دمعٌ يعزِّيني


* * *

يا قِبلتي ورياحُ الشكِّ تعصفُ بي
لا تَصلبيني على وعدِ السَّلاطينِ

هذي ملاعبُ حبِّي كم رتَعتُ بها
وكم شممْتُ بها عطرَ الرَّياحينِ


وكم رسمتُ على أشجارِها صُوراً
لخافقي وسهامُ الحبِّ تُرديني


وها أنا في حِمى الخمسينَ ما برحتْ
مجامري رغمَ طولِ العهدِ تُوريني


لا تكتبيني سطوراً لستُ أفهمُها
وجرِّديني بلا وحيٍ وتلقينِ


إنِّي سئمتُ عباراتٍ مؤنَّقةً
لا تُرهقيني بآلافِ العناوينِ


* * *

يا شامُ .. يا قِبلتي يا من بكعبتِها
وقفتُ شِعري لتشرينٍ وتشرينِ


لولاكِ يا شامُ يا مهدَ الجمالِ ويا
أمَّ البطولاتِ لم تنبضْ شراييني


أنتِ الحضاراتُ والأيامُ شاهدةٌ
من مغربِ الشمسِ حتى الهند والصينِ


مرَّتْ تشارينُ أعوامي وأجملُها
تشرينُ زحفكِ من كلِّ التَّشارينِ


فعانِقي الشمسَ في تشرينَ ما طلعتْ
كتائبُ النَّصرِ بالغُرِّ الميامينِ