الموضوع
:
تعلم كيف تنظر فى المرآة
عرض مشاركة واحدة
12-31-2010, 10:15 PM
المشاركة
12
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 1
تاريخ الإنضمام :
Jan 2006
رقم العضوية :
780
المشاركات:
1,201
أهلا بالأخ الحبيب بشير ,
شكرا جزيلا لتقديرك ..
هيكل مرة أخرى ...
رائع - أستاذي الكريم - عندما تحلل هيكل ، وقد يميل البعض لتفكيكه على
طريقة (سيار الجميل ) ، لكن تجردك عن الميل والهوى فعلاً جدير بالتقدير .
بارك الله فيك
وللأسف ..
رغم أن التجرد عن الهوى كان أحد ثوابتنا كمجتمع إسلامى إلا أنه أصبح اليوم نادرة العصر التي يحتفي بها المرء إن وجدها
وهذه أخى الحبيب سر أزمتنا الحقيقية
,
لقد قبلت الأجيال السابقة أن تُساق , مع تقديرنا لهم طبعا , قبلوا الإنسياق وتعاملوا مع الجماهير بنظرية الثقافة الهرمية من أعلى إلى أسفل
فعلى القمة يقبع الرئيس ونظامه ويقررون ويرسمون ,
وتحتهم يتشرب المفكرون وأصحاب القلم ما يجب أن يبثوه للشعب بغض النظر عن قناعاتهم أو الحقيقة !
ومن تحتهم تتقبل الجماهير ما تبثه وسائل إعلامهم لتردده كالببغاء !
هل تسمح لي بالإختلاف - قليلاً - في حكمك على تصحيحه للمسار ، وبراعته في سحب
البساط من تحت أقدام خصومه ..في عودته الحالية .المشكلة أظنها بفقدان المصداقية ، فأنت لن تملك فرصة قيادة الدفة وشرف الإمساك بالمجداف كل يوم ، بعد أن غمرت العواصف مركبك وتركتك شريداً على سواحل النكبات والكوارث .أما مسألة مصطفى أمين وعلى إفتراض صحتها - وهي صحيحة – فالأمر يكشف أكثر وأكثر عن مدة التيه الذي كانت تتخبط فيه الأمة، وقياداتها الفكرية تغوص في مستنقعات الرذائل والنفاق والخيانات .
ليس بيننا اختلاف .. اطمئن
فلم أقصد أن قام بتعديل مساره كلية ,
بل كنت أعنى فقط ما هو خاص بالشأن المصري الحالى
,
ولو كنت أعنى أنه تراجع عن جميع منهجه السابق لما تكبدت عناء نقده في موضوعات ( حرب رمضان ) و ( قصة النكسة ) وغيرها ..
فهيكل لم يتراجع عن أفكاره القومية , وإنما تراجع عن معادلة السلطة وأصبح مصدرا مهما جدا لفهم أحداث اليوم على الساحة المصرية , وعن طريقه تمكنا من فهم العديد من المسائل المغماة ,
وهذا هو السبب في تنبيهى لهذا الأمر
أما بالنسبة لقصة مصطفي أمين
..
ثم إن القصة يمكن أن تؤخذ من مصادر أكثر مصداقية من (بين الصحافة والسياسة ) كرائعة جلال كشك ...(كلمتي للمغفلين ) أو توسعتها في (ثورة يوليو الأمريكية ) .
كونها موضوعاً شخصياً بين أمين وهيكل ، قد يدين هذا ويكذب الآخر
ومن قال إن جلال كشك في كتابه ( كلمتى للمغفلين ) أو في طبعته المتطورة ( ثورة يوليو الأمريكية ) قد أنكر القصة أو دافع عن مصطفي أمين ؟!
بل على العكس .
.
لقد أيد جلال كشك كل ما ذهب إليه هيكل في عمالة مصطفي أمين بل وأقام على تلك العمالة أدلة جديدة أيضا من عنده , وأضاف إليها اتهام هيكل نفسه بأنه كان أحد عملاء الإعلام للمخابرات المركزية ,
بناء على ما ورد في كتاب (
حبال الرمال
) الذى أخرجته المخابرات الأمريكية في الستينات
والموضوع متشعب , وإن أحببت أن نناقشه فلا بأس
لكن ما يهمنى الإشارة إليه هنا هو اتهامك لمصداقية لهيكل وتشجيعك لمصداقية جلال كشك
وفى نظرى ـ كما قلنا في الموضوع نفسه ـ أنه لا يجب أن يمنعنا إختلافنا مع هيكل من إقرار صدقه عند وجود المصداقية , كذلك لا ينبغي أن يحفزنا اتفاقنا الفكرى مع جلال كشك في قبول كل أقواله
والصحيح أنه يجب أن نضع كل كُتاب هذا الجيل ـ بلا استثناء ـ في بوتقة واحدة بحكم واحد وهو وجود الصدق ووجود الهوى في نفس الوقت بجميع كتاباتهم
,
ونقر أيضا بحقيقة راسخة ـ ثبتت من التجربة ـ أنهم جميعا ليس من بينهم من كتب بتجرد كامل حتى يومنا هذا ,
وهذا ليس عيبا فيهم أو تهمة ,
فالأمر يتفاوت ..
فمنهم من يكذب ويلفق على طول الخط ومنهم من يذكر أغلب الحقيقة لكنه يخضع لهواه في بعض الأحداث ,
لكن لا يوجد من بينهم من يمكن أن يتصف بالحيادية الكاملة قطعا
وهذا باعترافهم أنفسهم , وهو أمر منطقي , لكونهم يكتبون عن تجربة عاشوها وعايشوا أبطالها فكيف يتمتعون بالحيادية !
فجلال كشك في مقدمة كتابه أقر بأنه ليس حياديا فيما يكتب والتمس العذر من قارئه في هذا نظرا لعنف التجربة وقسوتها
وهيكل في برنامجه أقر بالهوى الناصري واعتذر عنه أيضا
أما نحن الجيل الحالى ,
فليس أمامنا إلا أن نقرأ الجميع ونقارن ..
وهى أى نعم مهمة صعبة جدا , لكن هكذا شهد الحقيقة دونه إبر الجهد والتحقيق
يجب أن نقرأ جميع أحداث تلك الفترة من خلال وجهات نظر الجميع مهما بلغ تضاربها ,
ولا نقبل شيئا إلا بدليل وثيقة أو شهادة مقبولة ,
وعندما يتفقون على رواية واحدة لحدث ما نقبله , لأن اتفاقهما دليل على صحة الواقعة ,
وعندما تختلف الروايات نرجح صاحب الدليل لا صاحب الرأى ,
وفى جميع الأحوال ـ
وهذه نقطة المفصل
ـ لا نقبل في هذه الفترة تحليلات أى طرف من الأطراف
لأن التحليل يختلف عن الوقائع , فالوقائع نقبلها بأدلتها ولا نشكك في مصداقيتها , لكن لا نقبل أبدا ما يبنيه هذا الجيل من التحليل على تلك الوقائع , لأن التحليل حتما سيكون مرهونا بالهوى ,
وكمثال للإيضاح ,
هيكل في كتابه بين الصحافة والسياسة أقام بالتوثيق الكامل قصة مصطفي أمين , هنا نقبل هذه الحقيقة ولا نقبل الدفاع المسرحى لمصطفي أمين لأنه سكت ولم يرد إلا بالكلام المرسل ,
لكن في نفس الوقت لا نقبل ما يبنيه هيكل على تلك الواقعة وهو أن التعذيب لم يكن معروفا على عهد عبد الناصر لمجرد أن مصطفي أمين لم يتعرض له ,
لماذا ؟
لأن التعذيب تم بحق آخرين أقاموا الدليل على ذلك ,
ونحن نقبل أن النكسة كانت مؤامرة دولية قادتها الولايات المتحدة , ونصبت بها الفخ لمصر , لكننا لا نقبل تحليل هيكل على ذلك من أن السبب الرئيسي في النكسة هو محض المؤامرة !
وهكذا ... يتضح الفارق بين قبولنا للحقيقة الموثقة من أى طرف , وبين قبولنا للتحليل
كذلك عند جلال كشك ..
أقبل منه وقائعه وتحليلاته التي أقام عليها الدليل لكن من الصعب أن أعتمد النتيجة , فقد أقام مثلا الدليل على وجود علاقات شخصية بين هيكل وبين بعض رموز السياسة الأمريكية ,
لكن لا أقبل منه اتهام هيكل بالعمالة بناء على ذلك , لأن هذا لا يمثل دليلا أو حتى شبهة دليل على اتهام بالغ الخطورة مثل هذا , وهو الإتهام الذى أثبته هيكل من واقع اعترافات مصطفي أمين ومن واقع تسجيلاته السابقة على القبض عليه , ثم أخيرا من واقع ملفات المخابرات المركزية التي تم الإفراج عنها قبل عامين
وأقبل من جلال كشك قوله في كتابه عن علاقة حماية بين الولايات المتحدة وبين نظام عبد الناصر , وأنها حمته من بريطانيا وفرنسا , ودعمت حكمه ضد محمد نجيب
لكن لا أقبل أن يكون هذا دليلا على عمالة عبد الناصر للولايات المتحدة !
فالعمالة شيئ , وعلاقات التعاون والتآمر المشترك ـ رغم فداحتها ـ شيئ آخر تماما ,
فالعميل مأجور بالكامل لا ينفذ إلا ما يملي عليه , أما الإستجابة للضغوط والخضوع للإغراءات بين الدول وبعضها البعض فهى أمر تحتمله أوصاف العلاقات الدولية لا أوصاف التجسس ,
وأمر أخير ..
أنه مع تقديرنا الكامل لجلال كشك , إلا أننا لا نقبل هجوم المعادين لعبد الناصر , كما لا نقبل الهجوم من المعادين للسادات ,
لأن هذا الهجوم ليس فيه بيان للحقائق بقدر ما هو هجوم مغرض يهدف للتشويه في المقام الأول , وليس همه هو إبراز الحقيقة في ثوبها الصريح
مثال ذلك أننا لا نقبل كلام هيكل عن السادات في خريف الغضب لأنهما خصمان , وكذلك كلام السادات في هيكل , وشهادة كليهما على الآخر كشهادة اللصوص على بعضهم البعض عندما يختلفون
وأيضا كلام وشهادة جلال كشك مجروحة إلى حد ما ,
فالرجل كان في الستينات من أقطاب اليساريين قبل أن ينقلب عليهم ويتخذ التوجه الإسلامى , فضلا على أنه كان في عصر عبد الناصر من رموز الإتحاد الإشتراكى والمهللين للتجربة !
هذا فضلا على حقيقة أشد أهمية ,
وهى أن الهجوم المغرض غالبا ما يكون ترجمة لمناصرة أطراف بعينها , وقد رأينا في كتاب جلال كشك مدحا لنظم عربية قائمة , وهو مدح غريب جدا , لأن أفاعيل هذه الأنظمة ومؤامراتها وتحالفاتها مع الولايات المتحدة ليست محل شك أصلا
ومع ذلك فقد غض الطرف عنها جلال كشك وركز فقط على عبد الناصر ,
من هنا أخى الحبيب نقول أن القراءة لهذه الفترة ولهذه الأقلام يجب أن تكون بالحرص الكامل , فمع الأسف الشديد كانت الحقيقة هى آخر هدف يهدف إليه من كتبوا ,
والله المستعان
معك أستاذنا الكريم ، ننتظر فجراً جديداً موشحاً باليقين ، تحمله الأقلام الغضة
المخلصة ، تكنس فيه كل ظلمات الفكر والنفوس والتاريخ .
عفوا أخى الحبيب , أنا مجرد قارئ للتاريخ لا أكثر
وهذا لا يقوله من كان بمثل ثقافتك , والحمد لله هناك العديدون من جيلنا يفهمون ذلك ويعرفونه ولديهم الهمة مثلك للمعرفة ولديهم من أدواتها الكثير
وما كتبته لا يعدو كونه تعبيرا عنهم
الصفحة الشخصية بموقع فيس بوك
القناة الخاصة بيوتيوب
رد مع الإقتباس