عرض مشاركة واحدة
قديم 12-21-2010, 10:24 PM
المشاركة 12
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



إلى نمرٍ




لا المرايا أشدّ صمتاً


ولا دبيبُ الفجرِ أكثر سريّةً


بنورِ القمر، أنتَ النمر


كما نلمحُ من بعيدٍ


بعواملَ لا تُفسَّرُ من قانونٍ قدسيٍّ


نفتّشُ عنكَ دون مَأمَلٍ؛ فأنتَ


أبعدُ من نهر الجانج أو شمسٍ


غاربةٍ


أنت العزلةُ، أنتَ الحاجبُ


يسمحُ كَفُلكَ بتربيتٍ


متمهّلٍ من يدي.. تتقبّلُ


منذ ماضيكَ المنسيّ الطويلِ


الحبَّ من يدٍ مترّددةٍ


يا مَن تنتمي لزمانٍ آخَر.. أنتَ مليكٌ


على مكانٍ مُكبّلٍ كالحُلمِ




من ديوان "نمور الحلم"




نحنُ الزمن





نحنُ الزمنََ.. نحنُ المجازَ


الشهير من هيراقليطسَ الغامضِ


نحنُ الماءَ، لا الماسَ الأصلبَ


نحنُ المفقودَ، لا الثابتَ الساكنَ


نحنُ الغديرَ ونحنُ الإغريقيَّ


الناظرَ نفسَهُ في الغدير.. صورتُهُ


تتحوّلُ في الماءِ من تحوّلِ المرآةِ


من بِلَّورٍ يتحوّلُ كاللّهبِ


نحنُ الغديرّ الزاهي مُسبقاً


برحلتهِ إلى البحر


قد طوّقَتهُ الظِلالُ


يودّعُنا كلّ شيءٍِ، ويمضي في سبيلهِ


لا تطبعُ الذكرى أحجارَه


لكن، هناك ما يتلبَثُ


لكن، هنتك ما يتحسّرُ




من ديوان "نمور الحلم"





فنْ الشعر



نُحدقُ في نهرٍ من الوقتِ والماءِ


ذاكرين أنّ الوقتَ نَهرٌ آخرُ


نعرفُ أننا شاردونَ كالنهرِ


وأوجُهنا تتلاشَى كماءٍ؟


نحسُّ اليقظَة مثلَ حُلُمِ آخَر


يحلمُ أنهُ غير حالمٍ.. والموتُ


كما نخشاه في عظامنا موتٌ


ندّعيه كلًّ ليلةٍ حُلُماً، بالغروبِ


حُزناً مُذهّباًَ. ذلك الشِعرُ،


ذَلولٌ وخالدٌ، الشِعرُ


عائدٌ، كالفجرِ والغروبِ


في المساءِ، وَجهٌ يرانا




من ديوان "نمور الحلم"





البحر





قبلَ حلمِنا البشري (أو رُعبنا) تُنسَجُ الأساطيرُ،


نظرياتُ النشوءِ الحبُّ


قبل أن صاغ الزمانُ مادّتَهُ


بأيامٍ، كانَ البحرُ، والبحرُ دائماً


كان.. ما البحرُ؟ ما كينونةُ عُنفهِ


هائجٌ وغابرٌ، مَن قَرَضَ أساسَ


الأرضِ؟ هو كُلٌّ واحدٌ وبحارٌ عديدة


هو اللُّجةُ والأُبهَةُ، الفُرصَةُ والريحُ


من ينظرُ للبحر، فقد يراه لأولِ مرّةٍ


أو كلّ مرّةٍ، بأعاجيبهِ المقطّرةِ


من أشياءَ بدائيّةٍ.. من أمسياتٍ


جميلةٍ


وأقمارٍ، فمَن أنا؟ سيردُّ


من يتلو لوعَتي الأخيرةً





من ديوان "نمور الحلم"




وردة




وردةٌ


وردةٌ لا تفنى خلفَ شعرِي


وردةٌ كاملةٌ شذِيّةٌ


وردةٌ بحديقةٍ سوداءَ من عُمقِ ليلتي


وردةٌ بأي حديقةٍ وأيّها ليلٍ


وردةٌ خَلَّفتُها ثانيةً من فنّ الخِيمياءِ


نبعَتمِن رمادٍ هشيمٍ


وردةٌ الفُرس وآريوستو


وردةٌ دائماً هي وردةُ الوردِ


زهرةٌ أفلاطونيّةٌ غَضّةٌ


وردةٌ عمياءُ وَهّاجةٌ خلفَ شعرِي


وردةٌ عزيزةُ المنالِ




من ديوان "نمور الحلم"



هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)