عرض مشاركة واحدة
قديم 12-21-2010, 09:21 PM
المشاركة 3
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الإسكندرية، 641 بعد الميلاد




منذُ أولِ آدمَ، ذاكَ الذي تلقى الليلَ


والنهارَ وتعرّفَ على شكلِ يدِه


والرجالُ يختلقونَ القصصَ، و ينقشونَ


على الصخرِ، والمعدنِ، والأوراقِ


كلُ ما يحويه العالمُ أو تختلقهُ الأحلامُ


ها هنا ثمرةُ جهدِهم: المكتبة


يُقالُ أنَّ ثروةَ المجلداتِ التي تحويها


تفوقُ عددَ النجومِ وحباتِ


الرملِ في الصحراء، وأنَّ الرجلَ الذي


يحاولُ قراءتها جميعاً، سوفَ يفقدُ


عقلَهُ، ويفقدُ فائدةَ عينيهِ الجريئتين


ها هُنا ذاكرةُ القرونِ العظيمةُ


ذاكرة السيوفِ والأبطالِ


رموز الحسابِ المُختصرةُ


المعرفةُ التي تتخيلُ الكواكبَ


وتحكمُ القدرَ، قوى


الأعشابِ، والنقوشاتُ الطلسميةُ


الشِعرُ الذي يُخلّدُ لمساتِ العشقِ


العلمُ الذي يفكُ شفرةَ


المتاهةَ الوحيدةَ لله، الدينُ


والخيمياءُ التي تطمحُ إلى تحويلِ الصلصالَ ذهباً


وكلُ رموزِ الوثنيةِ


يقولُ الكافرونَ أنها لو احترقتْ


فسيحترقُ التاريخَ معَها، هم مخطئون


عملُ البشرِ غير المتوقفِ أثمرَ عن هذه


اللانهائيةِ من الكتبِ.. ولو أنها كلها


لم يبقَ منها أيّ كتابٍ، لاستطاعَ الانسانُ


أن يتلقى كلَ صفحةٍ منها وكلَ سطر


كلَ عملٍ، وكل عشقٍ لهرقلَ


وكلَ درسٍ في كلِ مسوّدة


في القرنِ الأولِ من الهجرة


أنا، عمرُ الذي أخضعَ الفرسَ


والذي فرضَ الاسلامَ على طولِ الأرضِ


آمرُ جنودي أن يحرقوا


بالنارِ تلك المكتبةِ الغزيرة


التي لن تفنى.. كلُ الحمدِ مذخورٌ


للهِ الذي لا ينامُ، والصلاةُ على الرسولِ محمد



ترجمة: عدي حربش





إلى قطعة نقد



باردةٌ وعاصفة، تلكَ الليلةُ التي أبحرتُ فيها من "مونتفيديو".


وأثناءَ دوراننا حولَ "سيرو"


رميتُ من مقدمةِ السفينةِ


قطعةَ نقدٍ معدنية، لمعتْ وغمزتْ وسطَ المياهِ العكرة


وميضَ ضوءٍ ابتلعهُ الوقتُ والظلمة


أحسستُ أني ارتكبتُ عملاً غيرَ قابلٍ للنقضِ


مُضيفاً إلى تاريخِ الكوكبِ


سلسلتينِ غيرِ نهائيتينِ، متوازيتين، يُحتملُ أنهما أبديتانِ:


قدري الخاص، مصنوعاً من قلقي، عشقي، وانزعاجاتي العقيمة


وقدرَ تلك الدائرة المعدنية


محمولةً بعيداً بواسطةِ الماءِ إلى الأعماقِ الهادئة


أو إلى بحارٍ قصيّة لا تزالُ تعبثُ


بمخلفاتِ الساكسون والفايكنج


كل لحظةٍ تخصني، نائماً أو يقظاناً


توازي لحظةً تخصُ القطعةَ النقديةَ العمياء


أحياناً أشعرُ بالشفقة


وأحياناً أخرى، بالحقدِ


تجاهكِ، يا مَن تتواجدين، مثلَنا، وسطَ الوقتِ ومتاهاته


و لكن من دونِ أن تدركي ذلك




ترجمة: عدي حربش

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)