عرض مشاركة واحدة
قديم 12-21-2010, 02:19 PM
المشاركة 27
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
شَوْطًا قَطعْتُ وَشَوْطٌ كادَ يَقْطعُنِــي
وَمُمْسِكٌ بِتلابِيبِ المَدَى النَّفَـــــــسُ


في هذا البيت جمال سحري عجيب وهو فعلا يمسك بتلابيب القارئ، كما يقول الأستاذ الشاعر أبو غريبه، ويحتار المتلقي من أين يأتي هذا الجمال في هذا البيت والذي يشير الشاعر فيه لما حصل له وهو يفكر في قطع تلك المسافات الطويلة التي وصفها لنا في البيت السابق فجعلها طويلة ومتعرجة والسفر فيها متعب حتى على الفرس والبرذون التي تكبو حين تقطعها.


فيخبرنا الشاعر هنا انه قطع شوطا من تلك المسافات الطويلة لكنه كاد يموت وينقطع نفسه أثناء قطعه لما تبقى من تلك المسافات الطويلة وفي ذلك كناية عن طول المسافة وعناء السفر وتشعب الدرب الذي سار فيه الشاعر في محاولة للوصول إلى هدفه أو أهدافه...


وواضح أن السفر الذي يتحدث عنه الشاعر هنا هو ليس سفر حقيقي وإنما هو يتحدث عن رحلة العمر وسعيه لتحقيق أهدافه في رحلة الحياة هذه وهو يقول بأن جزأ من هذه الأحلام والأهداف قد تحقق لكن أشياء كثيره كان يرمي الوصول إليها لم تتحقق وكاد سعيه لتحقيقها أن يقتله...فهو يتحدث عن رحلة نفسية وليس رحلة حقيقية، والمسافات هي الدرب الطويل الذي احتاج الشاعر أن يقطعه حتى يتمكن من تحقيق أهدافه....


وفي هذا البيت ما يوحي بالحركة من خلال استخدام كلمات ( شوطا قطعت )، كما يشتمل البيت على تشخيص جميل فالشاعر يصور لنا المسافة وكأنها سيف قاطع، ويصور ( النَّفَـــــــسُ ) وكأن له أيدي يمسك بها...كما انه يصور المدى وكأن له تلابيب...واستخدام كلمة ( ممسك ) توقظ في المتلقي حاسة اللمس..اما استخدام كلمة (النفس ) فيوقظ في المتلقي حاسة الشم..


وقد جعلت هذه الصور والتشخيص والحركة وإيقاظ الحواس ..جعلت هذا البيت حي جميل له وقع سحري ...لكن السر الذي يجعل هذا البيت شديد الوقع ربما يكمن في وصف حالة الصراع تلك والتي تعصف بالشاعر كما يصفها في سعيه لتحقيق أهدافه في هذه الحياة....ذلك الصراع الخفي لكنه صعب كاد يقطع الشاعر ويهزمه في بعض مراحل حياته ..


يتبع ،،


فَهَلْ أضَعْتُ بِجَيْبِ الوَقْتِ بَوْصَلَتِي
إنِّي لَأطلُبُ آثَارِي وألْتَمِـــــــــــسُ