عرض مشاركة واحدة
قديم 12-15-2010, 08:28 PM
المشاركة 113
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (18)



كبرُ الجراح



من شُعلةِ الفكرِ تكوي القلبَ باللهبِ
حملتُ كبرَ جراحي مذ عرفتُ أبي


لم أشكُ يوماً من الجرحِ الذي انفجرتْ
دماؤه وجرتْ حبراً على كُتُبي


خمسين عاماً أصوغُ الشعرَ ما وهنتْ
منِّي الحروفُ ولا زارَ الوَنى أدبي


إذا شدوتُ رأيتَ البسمةَ ارتسمتْ
على شفاهِ ندامى الشعرِ من طربِ


وانْ زأرتُ فأصدائي مدوِّيةٌ
وإن بكيتُ فدمعي آيةُ العجبِ


هتكتُ سترَ وجوه الزيفِ فاحترقتْ
جدائلُ الغدرِ من حمَّالةِ الحطبِ


وخضتُ ملحمةَ الإبداعِ فاحتدمتْ
لمَّا حملتُ على دعوى أبي لهبِ


ورحتُ أُزهقُ بالآياتِ باطلَه
حتى غدا زبداً في العارمِ اللَجِبِ


فاقرأْ مراحلَ عمري بين أسطرها
تسمعْ صدى صوتيَ المرتدّ في غضبِ


تسمعْ نداءاتِ قلبٍ خفقه شرسٌ
تهتزُّ منه جذورُ الصخرِ في رَهَبِ


تراكمتْ فيه أنقاضُ الجراحِ فلم
يحفل بما خلَّفَ الزلزالُ من رُعُبِ


ما لانَ للدهرِ إلا حين رقَّقَه
في موسمِ الحبِّ طرفٌ مُترف الهُدُبِ


ألقى ثلاثينَ عاماً في بحارِ هوىً
أمواجُها اصطخبتْ باللومِ والعَتَبِ


حتى أطلَّ على الستين منفرداً
إلا مع اليأسِ يُذكي النارَ في الحطبِ


عانيتُ منه كما عانى أخو وجعٍ
من مُعضلِ الداءِ في سيَّالةِ العصبِ


وسوف أمضي ويبقى ما تخطُّ يدي
وما تفتَّقَ عنه الفكرُ للحِقَبِ


فإن قضيتُ فلا تأسوا عليَّ ولا
يَحْزَنْ محبٌ لعلَّ القبرَ أرحمُ بي


* * *

قضيتُ عمري ألوكُ اليأسَ أمضغُه
فصرتُ أدرد بين الهمِّ والنَّصَبِ


تغتالُني ذكرياتي إنْ مررتُ بها
مرورَ طيفٍ يزورُ الأمسَ في تعبِ


وتزدري كلَّ أحلامي التي سقطتْ
في بؤرةِ الوهمِ تمحو الصدقَ بالكذبِ


حتى وصلتُ إلى ما ليس يحسدُني
عليه غِرٌّ يُعاديني بلا سببِ


ما زالَ يحملُ أثقالاً يتيهُ بها
من الجهالةِ في جِدٍّ وفي لعبِ


تراهُ كالحيَّةِ الرقطاءِ أقلقَها
سمٌّ بأنيابها تُخفيه للعطبِ


فإن توجَّسَ خوفاً في منازلةٍ
ممن يراوغُ غدراً لاذَ بالهربِ


* * *

حتَّامَ أمضغُ آلامي و أبصقُها
في وجهِ من ظلموا واستنكروا دَأَبي


حتَّامَ أَلأمُ جُرحي ثم ينكؤه
وغدٌ تسوَّرَ بالأرقامِ واللقبِ


إن كان لا بدَّ لي حتى أنالَ رضى
مَنْ أسرجوا الحقدَ من زُلفى لذي رُتَبِ


فلتحترقْ أمنياتُ العمرِ في لهبٍ
من عزَّةِ النفسِ لا من ذِلَّةِ الذهبِ




15-10-1997