الموضوع
:
الشاعر محمد الحسن منجد/ حياته / شعره
عرض مشاركة واحدة
12-14-2010, 08:16 PM
المشاركة
111
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 6
تاريخ الإنضمام :
May 2010
رقم العضوية :
9229
المشاركات:
9,394
المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (16)
سيِّدُ العشاق
في رثاء الشاعر الطبيب
وجيه البارودي
في جنَّةِ الخُلدِ أشرقْ بالسَّنا العطِرِ
يا شاعراً وطبيباً خالدَ الأثر
يا صائدَ اللؤلؤِ المكنونِ تنظمه
قلائداً لعذارى الجنِّ والبشرِ
لقد بقيتَ عصيَّاً في مُنازلةٍ
على الفناء تشقُّ الصمتَ في الحُفَرِ
فكيف أبكيكَ ؟ أجفاني مقرَّحةٌ
تحاذرُ الدمعَ تخشى فتكةَ الخطرِ
وكيف أبكيكَ ؟ أقلامي معطلةٌ
ما بين مُنثلمٍ حدَّاً ومنكِسرِ
* * *
يا سورةً فُصِّلتْ آياتُها عجباً
شعراً وطباً أطاحتْ بالدُّجى العَكِرِ
أفقْ.. تلفتْ.. وقمْ .. أقبلْ وخذْ قلما ً
وقلِّدِ الغيدَ أطواقاً من الدُّررِ
وامسحْ بكفَّيكَ جرحَ الشعر ملتمِساً
له الشفاءَ من الإيهامِ والهذَرِ
وانشرْ قصائدَ عشقٍ حيَّرتْ زمناً
شيطانَ شعرك بين البدوِ والحضَرِ
هي المصابيحُ في المِشكاةِ موقدةٌ
تُغري الورى بقيام الليلِ للسَّحَرِ
فليسمعِ الكونُ من تحت الترابِ صدى
عزفِ القوافي على الأزمانِ والعُصُر
* * *
يا مُبدعَ السِّحرِ في طبٍّ وقافيةٍ
في مُعجزيكَ تبارتْ أروعُ السُّوَرِ
كم من مريضٍ أتى يشكو مواجعه
وكاعبٍ من لهيبِ الشوقِ في خَطَرِ
أسَغْتَ بالمُعجزينِ البُرْءَ مقتدِراً
برقَّةِ الشعر أو بالوخزِ من إبرِ
* * *
يا شاعراً غازلَ الدُّنيا وغادرها
مسطِّراً في دُجاها أنصعَ السِّيَرِ
جريتَ تُغدِقُ كالعاصي تشاطرُه
ريَّ العطاش بموروثٍ ومبتَكَرِ
كلٌّ يغازلُ ليلاهُ بصافيةٍ
تضوعُ كالمسك مسكوباً على النَهَرِ
فكنتما كوثرَ الوادي يفيضُ ندىً
وشاعرَ العِشقِ ملءَ السمعِ والبصرِ
* * *
يا سيِّدَ العشق لي عتبٌ عليك أما
أغرتْ دموعكَ ضراءٌ مدى العُمُرِ
أم كنتَ أصبرَ من أيوبَ يوم دعا
قد مسَّني الضُّرُ يا رباهُ فانتصرِ
وعشتَ بين الغواني شاعراً غزِلاً
هل أنتَ من نَسَبٍ يُعزى إلى عُمَرِ ؟
* * *
يا عاشقَ الحسنِ كم سبَّحتَ مُبتهلاً
في هيكل الحُسنِ للأهدابِ والحَوَرِ
راضٍ ببسمةِ محبوبٍ على كبرٍ
لم تشكُ يوماً من الإرهاقِ والكِبَرِ
والناس حولك من طاوٍ ومن بَطِرٍ
ومن دعيٍّ بثوبِ الزيف مستتِِرِ
وبين هذا وهذا أنتَ متَّهمٌ
بقلَّةِ السَّمع أو في دقَّةِ النظرِ
* * *
كم أَرجفوا عنك في رأيٍ ومُعتقدٍ
قولاً يُخلَّدُ فيه المرءُ في سَقَرِ
هجوتَهم تبتغي إصلاحَهم فمتى
كانَ الهجاءُ دواءَ الجوعِ والبطَرِ ؟
ماتَ الذين أشاعوا عنكَ فاندثروا
وقد بقيتَ تراثاً غيرَ مُندثرِ
* * *
يا سيِّدَ العشقِ كم أسرفتَ في ولَهٍ
أكنتَ في حُلُمٍ أم كنتَ في خَدَرِ
أم دغدغتْ نغماتُ السِّحرِ فيكَ هوىً
لفتنةٍ صوتُها كالسَّلْسَلِ الخَضِرِ*
أصفيتَها الودَّ والتسعون ساخرةٌ
وحُمْتَ كالنحلة الظَّمأى على الزَّهَرِ
أم نازعتكَ عروسُ الفنِّ أغنيةً
فرحتَ تشدو بألحانِ الهوى العذُري
وقلتَ لي في غدٍ يشدو الملاكُ لنا
وثغرُ ميادةٍ يفترُّ عن دُرري
* * *
يا سيِّدَ العشقِ والعشَّاقِ أرهقَني
طولُ المسير وما أنفقتُ من عُمُري
علَّمتَني الحبَّ شعراً كيف أكتبُه ؟
وكيف أُرقِصُ من أهوى على وتري ؟
لكَ النسيبُ ولي في الشعرِ شاهدةٌ
تركتُ فيها القوافي البكرَ في سَكَرِ
ولي جناحانِ من شعرٍ كسوتُهُما
حبَّاً وطرتُ فلم أهبطْ بمنحدَرِ
ولم أزلْ دائمَ التحليقِ منطلِقاً
لولاكَ يا سيِّدَ العُشاق لم أَطِرِ
تشدُّني راعداتُ الشعرِ ماطرةً
فينبتُ الحرفُ مُخضَّراً من الحَجَرِ
* * *
يا كوكباً في سماءِ الشعر يا علماً
في عالمِ الطبِّ شقَّ اليأسَ بالظُفُرِ
لك الخلودُ ولي نايٌ يفيضُ أسىً
يُبكي الصِّحابَ ويرجو رحمةَ القدرِ
تجهَّمَ العيشُ مذْ غابتْ كواكبُهم
فصرتُ أَسري بلا ضوءٍ ولا شَرَرِ
وبتُّ أخشى الرَّدى يُبدي نواجذَه
وينطوي في غياباتِ الثَّرى خَبَري
فامنُنْ عليَّ بوحيٍ منكَ يحملُني
إلى الخلودِ ويُغري النفسَ بالسفرِ
فالعيشُ أضحى ذميماً بعدما عصفتْ
بنا السنونُ وجئنا أرذلَ العُمُرِ
مُحمَّلونَ جراحاً كيف نكتبُها
شعراً وفي دمنا نهرٌ من الضَّجَرِ
كنا نهيمُ بدُنيا الشعرِ في سَمَرٍ
واليوم صرنا نخافُ الشِّعر في السَّمرِ
نصبُّ أفكارَنا صِرفاً ويفسدُها
من راحَ يمضغُ ما يُخزي من الفِكَرِ
حتى الأغاني التي كانتْ تُهَدْهِدُنا
قد أصبحتْ صُوراً للخوفِ والكدرِ
يا شاعري وطبيبي يومَ أَنهكَني
طولُ الرُّقادِ حليف السقمِ والسَّهرِ
هذي حياتكَ في أمِّ الفداء لقد
صوَّرتُها بقصيدي أصدقَ الصورِ
فيها نشأتَ .. ولكن ما انطويتَ أجلْ:
هل انطويتَ ؟ أجِبْ يا صاحبَ الغُررِ
أصبحتَ كنزاً بها شعَّتْ جواهرُه
(تيهي حماةُ بهذا الكَنزِ وافتخري)
وانعمْ وجيهُ بجنَّاتِ الخلودِ لقد
(بقيتَ حيَّاً بقاءَ الشمسِ والقمرِ)
1-4-1996
* يذكر هنا علاقة الشاعر بالمطربة ميادة الحناوي
رد مع الإقتباس