عرض مشاركة واحدة
قديم 12-13-2010, 04:05 PM
المشاركة 108
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (13)



حلفتُ بالشام



حلفتُ بالشام ما سُلَّتْ مواضيها
وأومضتْ كبروقٍ في دياجيها


حلفتُ بالشام بعد الله ما شمختْ
زهواً يغازل أشعاري فيغريها

لأقبضنَّ على قلبي أمزقه
إذا تحول يوماً عن مباديها


وأصلبنَّ يراعي في ملاعبها
إذا تجرَّأ أن يشكو الأسى فيها


* * *

حبيبتي الشامُ من بُصرى إلى حلب
من الفراتِ إلى أعلى أعاليها


من شاطئ البحر للأعلام منحدراً
إلى حماةَ يرشُّ العطر عاصيها


تشابكَ الحسنُ كم من فتنةٍ عجبٍ
أغرتْ سحاب الهدى فانهلَّ يسقيها


خُطَّابُها المجد والإيمان مُذْ جَدَلَتْ
ضفائرَ الشمس إكليلاً لحاديها


فأورقَ الغارُ مَزْهُواً على بردى
وراح يغمرُ بالنعمى بواديها


تسابق العصر إنجازاتُ حاضرها
وتبهر الكونَ إشراقاتُ ماضيها


أحبُّها وهواها عالقٌ بدمي
قلبي أسيرُ الغواني في مغانيها


في تُربها التبرِ أجدادي قضوا شرفاً
فكحَّلوا الطرفَ من أجفانِ واديها


مواسمُ النصر في تاريخها عبقٌ
الجدُّ يغرس والأحفادُ تجنيها


* * *

أفديكِ يا شامُ أفدي الأُسْدَ رابضةً
يزمجرُ الكونُ من تَزآرِ حاديها


كُرمى لعينيكِ كم أسرجتُ قافيةً
من العتاقِ بساح الشِّعر أُجريها


تبرَّجتْ في بروج الضاد مترفةً
وبالجناحين عزَّتْ في تساميها


تبارتِ الغيدُ في إنشادها ومضتْ
عرائسُ الجنِّ تَنشى في معانيها


حُسَّادها حطَّموا فيها معاولهم
وهناً ولم يفلحوا هدماً وتشويها


فأَخلدوا لظلام اليأس يحطِمُهمْ
وأرهفوا سمعَهم صبحاً لتاليها


* * *

يا شامُ يا قبلةَ الدنيا وكعبتَها
طافَ الحجيجُ بها يرجو أياديها


شهران للحجِّ في البطحاء تلبيةً
لبيكِ .. لبَّيكِ .. ما ننفكُّ نُعليها


وفي دمشق طواف القادمين لها
وللطواف هديرٌ في نواحيها


دعاؤهم زغرداتُ الجرح منتفضاً
وسورة الفتح تُتلى في نواديها


* * *

أستغفرُ الله ما غيَّرتُ معتقدي
وما أسلتُ يراعي مترفاً تيها


لكنني وهوى الأبطالِ يسكبُ لي
كأسَ الوفاء على العاصي أُصفِّيها


أغنيتُ شعريَ بالإيمان في بلدي
والله يشهدُ أنِّي لا أُحابيها


ورحتُ أملأُ أقداح الهوى غَرِداً
بالشعر يُسكِرُ قاصيها ودانيها


فللأذان هديلٌ في مآذنِها
وللنواقيسِ ألحانٌ تُناغيها


وللأسودِ زئيرٌ في مرابضها
وللنسور دويٌّ في أعاليها


وللزهورِ تَثَنٍّ في خمائلها
والسنديانُ تحدٍّ في رواسيها


هذي الشام زئيرُ الليث منَّعها
لولاه لم ترهبِ الدُّنيا مواضيها


يعطي ويمنعُ جوَّاداً ومقتدِراً
عطاؤه السُّحبُ باسمِ الله يجريها


ويمنعُ العادياتِ السود مُدَّرعاً
بالشعب يُسقطُ عاديها وشانيها


* * *

يا شامُ يا شامةَ الدنيا أُحسُّ لظىً
في أضلعي بمكاوي السِّلمِ يكويها


والمرجِفون تباروا في دوائره
أفعى تفحُّ وثعبانٌ يناجيها


والساجدون على أعتابِ سادتِهم
يؤلِّهون دعاةَ السلمِ تأليها


أقعوا أمامَ الثكالى للعزاءِ فهل
أدَّوا (لياهو)* طقوساً واحتموا فيها


وهل نَسوا شهداءَ الفجرِ يوم مضتْ
أرواحهم سُجَّداً تشكو لباريها


وهل بكوا لضحايا الغدرِ يوم بكت
( قانا )** وجفَّتْ من البلوى مآقيها


واليوم يكشفُ (بنيامين)* عورتَهُ
لكل محترقٍ شوقاً يناديها


فآثروا خيفةً ذئباً يسالمُهم
أنيابه الحمر في شِدقيه يخفيها


تَبَّتْ أياديهمُ في كل معركةٍ
تبغي السلام وتبَّتْ كفُّ راعيها


يا شامُ عفوكِ إنْ ألهبتُ قافيتي
في يوم عيدكِ فالآلامُ تُذكيها


كنَّا إذا ذُكرتْ (صِهيون) نلعنُها
ما بالنا اليوم بالتطبيع نُجزيها ؟


فأيُّ سلمٍ وقُدسُ الله داميةٌ
تشكو إلى الله آلاماً تعانيها


يبغونها ليهودِ الأرضِ عاصمةً
(صهيونُ) خابتْ وخابتْ من تُواليها


ماتَ المصلُّون في المحرابِ واأسفاً
على المحارمِ تشكو ذُلَّ أهليها


وأَذَّنَ الفجرَ حاخامٌ فما طلعتْ
شمسٌ عليها ولا شعَّتْ دراريها


كأنَّ أحمدَ ما صلَّى بمسجدها
وابن البتولِ طريداً لم يزلْ فيها


* * *

أعوذُ بالله من شيطانِ من نصبوا
مظلةَ الذُّلِّ باسمِ السلم تمويها


ويدَّعون سلاماً أي متَّجِر
هذا الذي سفَّهَ الإقدامَ تسفيها


والطفلُ من رحمِ الأحزان شبَّ على
حجارةَ النصر يُوريها ويرميها


يمضي على قدرٍ عاشتْ أنامله
ترمي فتوسعُ فكرَ الكونِ تنبيها


* * *

يا تاجرَ السِّلم شاةُ السلم قد ذُبِحتْ
(بنصلِ فيتو) وماتَ اليوم راعيها


نَكِّسْ بنودَك واهجرْ ساحَ ملعبنا
نحنُ الحماةُ ويَخسا من يُدانيها


ونحن من أذهلَ الدُّنيا بكوكبةٍ
من الطفولةِ تفديها وتحميها


غداً يُسطِّرُ في اليرموك خالدُنا
ملاحمَ النصرِ والأقصى يُغنِّيها


* * *

يا قائدَ الزحفِ لبِّ القدسَ يا أسداً
فليسَ إلَّاكَ زَآرٌ يُلبِّيها


واضربْ بسيفِ رسول الله مقتدراً
تلقَ الخطوبَ وقد شابتْ نواصيها


فنحن للسلمِ ما عزَّ السلامُ بنا
ونحن للحربِ باسمِ الله نصليها


فازحمْ بنا الراسياتِ الشمَّ يا قدراً
وافى الشآمَ يُحَيِّيْها فيُحْييها


واهنأْ بكلِّ فريدٍ من جواهرها
عِقداً نَظيماً تسامى من لآليها




8-4-1998


* ياهو .. بنيامين ... بنيامين نتنياهو الجزَّار الصهيوني المعروف
** قانا ... البلدة اللبنانية التي حصلت فيها المجزرة المعروفة