عرض مشاركة واحدة
قديم 12-12-2010, 05:17 PM
المشاركة 107
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (12)



الرجم بالحرف



قالها في الردِّ على
بعض دعاة أشكال
الحداثة المقيتة



تربَّصوا سوف ترمي النار بالشررِ
لن يوأدَ الحقُّ في دوَّامة الأشرِ


تربَّصوا لا تغالوا في أذيَّتكم
لا توغلوا في غموض الرمز والصورِ


تربَّصوا لن تفروا من مصارعكم
لن تفلتوا خلسةً من قبضة القدرِ


تربَّصوا فالردى ينسابُ في دمكم
لا يدفعُ الموتَ نبضُ الخائف الحذرِ


تربَّصوا سوف تهوي الشمس من حَنَقٍ
ويصعدُ الليل يطوي صفحة القمرِ


وسوف تظلِمُ دنياكم وتهجرها
حمائمُ السعد تخشى رعشة الشجرِ


* * *

أنا القضاءُ فلا طودٌ يزيح يدي
عن الرقاب ولا سيلٌ بمنحدرِ


تشدُّني لغة القرآن هاديةً
فمن أراد الهدى فليتَّبعْ أثري


* * *

فهل حسبتم بأنَّ العذر منتصرٌ
وأنَّ مركبه يمضي إلى الظفرِ


وأنَّ من يَبْهتُ الأطهار يَعْصِمُهُ
من قبضة الحق فحشٌ من فمٍ قَذِرِ


حتى إذا لم يَدعْ للغدرِ من سببٍ
أجرى مدامع مظلومٍ ومنكسرِ


* * *

لا والذي في دمي يجتاح أوردتي
طهراً وحباً لذات الكحل والحورِ


لن يصمد الليل في وجه الظلام وإنْ
أغفتْ كواكبُه حيناً ولم تدرِ


* * *

يا والغين بما يرضي ضمائركم
في كل شهمٍ كريمٍ طاهرٍ عَطِرِ

شاهت وجوهُكُمُ .. رُدَّتْ مكائدكم
إلى النُّحورِ وجاء الصيف بالمطرِ


خابتْ ثعابينُكم .. خابتْ عقاربُكم
فسُمُّكم لم يعد يقوى على ضرري


إن كان كسبُ رضى النقاد لي وطراً
فيما أقول فبئس الكسب من وطرِ


لكنه زاخرٌ تغري كوامنُه
فليبحثِ الضفدع الغواصُ عن دُرري

* * *


يا شاربين دمَ الاجداد في صلفٍ
هذا الغرورُ قضى في عتمةِ الحفرِ

إنِّي لأقسمُ بالستين أسحبُها
من قبضةِ اليأس سَحبَ الخيط بالإبرِ


لأَرجُمَنَّكمُ بالحرف متَّقداً
رجمَ الزناة لمحو الإثم بالحجرِ


وأَصلبَنَّكُمُ في كل قافيةٍ
على الأصول لكشفِ الزَّيف والخطرِ


إنِّي شحذتُ يَراعي وانبريتُ إلى
كلِّ الصوامع ذات الهيكل النَّخِرِ


أزيحُ ما حولها من زُخرفٍ دَنِسٍ
يؤذي الشعورَ وألقيها إلى سقرِ


فكمْ حبستُ لساني في مهاترةٍ
شوهاء تملأ جوَّ الأنس بالضَّجرِ


فاستعذبَ الكاشحون الصمتَ وانطلقوا
يتاجرون به في أفحشِ السيرِ


وكم صفحتُ فلم ألجأْ لرداعةٍ
بمارجٍ من جحيمِ القول مستعرِ


نزاعةٍ للشوى تغلي قذائفها
كأنَّها حِممٌ من جوف منفجرِ


ولو عمدتُ إلى كشفٍ وتعريةٍ
للمارقينَ لصاروا عبرةَ العبرِ


فما توهَّمتُ ناراً في مواقدهم
إلا وأرهقَني بحثٌ عن الشررِ


لكنَّني لم أجدْ ناراً ولا شرراً
حتى لا ومضةً تُنبي عن الأثرِ


لقد وجدتُ غُثاءً حشوُه زَبدٌ
وكلُّ ما فيه هذرٌ جاء بالكدرِ


تفسَّخَ الحرفُ في أفواههم فغدا
نَتناً كريهاً على الأسماعِ والنظرِ


إنِّي لأعجبُ ممَّن راح يغبطهم
زوراً ويُثني على التهجينِ للفكرِ


ألمْ يَخفْ ماضياً للضاد منجرداً
فراح يُسلمُ سكيناً لمنتحرِ


أم أنَّه كان من عجزٍ ومن خَورٍ
يبري السِّهام ويعطيها لمندحرِ


* * *

فيا أذلَّاء لمْ تُبْقِ النسورُ لكم
إلا جناحاً مهيضاً غير مقتدرِ


هلَّا نسجتمْ لنا ثوباً تزيِّنه
حداثةٌ تخلقُ الإعجاز في الصُّورِ

أم أعجزَ البحر ملاحاً بلا ثقةٍ
تقاذفته خيول الموج في ذعُرِ


لم يُجدِه طولُ مجذافٍ وبوصلةٌ
وفي الشراع ثقوبُ الضعف والخورِ


فلم يَرَ الدُّرَّ في قاع البحور ومن
لم يبصرِ الدُّرَّ أعمى القلبِ والبصرِ


وغادرَ البحر مدحوراً يسفِّهُهُ
ليبدأَ البحثَ والتنقيب في البؤرِ


حتى إذا لم يَجدْ في جوفها قَبَساً
شقَّ القبور يواري سَوْأةَ الفكرِ


وانهالَ يشتمُ أوزاناً وقافيةً
ما انفكَّ ينعتها بالمسلك الوَعِرِ


أعيتهُ ساحرةُ الأنغامِ صادحةً
فانقضَّ يخدشُ وجه الشمسِ بالظُّفُرِ


وعادَ يسحب ذيلَ الخزي مُنتضياً
بذاءةَ القول في أنَّاتِ مُحتَضَرِ


* * *

يا آكلين لحوم القول باردةً
لقد أَثِمْتُم بحقِّ الضاد والبشرِ


رويدكم لا تُديفوا السُّمَ في دسمٍ
لا تفسدوا راحنا بالمرِّ والعكَرِ


تربَّصوا واسمعوا من وحينا عجباً
من عبقر الشعر لا من سوق مُتَّجِرِ


هاتوا معاييرَكم هاتوا ذرائعكم
هاتوا نصوصاً من التجديد في الأُطُرِ


وحاذروا أن يضلَّ الشعرُ غايته
وحاذروا أن يطيرَ السهمُ من وتري


وأقفلوا باب تعريضٍ وتعريةٍ
في كلِّ سانحةٍ أو كلِّ مؤتمرِ


ولينطلقْ كلُّ غِرِّيدٍ على فننٍ
كما يشاءُ بلا حقدٍ ولا حذرِ


ولنعتمدْ كلَّ قولٍ هادفٍ فإذا
تغلَّبَ الحبُّ جاء الشِّعرُ بالغُررِ


سَيُظهِرُ الضِّدُّ حُسنَ الضِّدِّ فاغتنموا
مواسمَ الحبِّ تجنوا أطيب الثمرِ




20-10-1996