عرض مشاركة واحدة
قديم 12-11-2010, 10:22 PM
المشاركة 3
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كيوبيد كرسّـام منظر طبيعي




مبكِّراً جلستُ على رأس صخرة حادّة


محدِّقا بعينيَّ المتصلِّبتين في الضَّباب


الذي تمدد كخيمة رماديّة


مُغطِّياً كلَّ شيء سفلاً وعلواً



.....



حطَّ إلى جانبي صبيّ، وقال :


ما لكَ تحدِّق جامدَ النظرات


هادئاً يا صديقي العزيز في


تلك الخيمة الخاوية؟


هل فقدتَ مُتعةَ الرسم وابتداع


الصّور إلى الأبد ؟



.....



نظرتُ إلى الصَّبيِّ وفكَّرتُ في نفسي


أيريد هذا الصَّبيّ ُ الصًّغير


أن يصيرَ المعلِّمَ!


إذا أردتَ أنْ تبقى متجهِّماً دوماً وخاملاً


فلا شيءَ حسناً ينتج عن ذلك؛ قال الصّبيّ


أنظر، سأرسم لك صورة حالاً


وأعلِّمكَ كيف ترسم صورة صغيرة جميلة



.....



وصـوَّبَ سبّابته


التي كانت حمراءَ كوردة


نحو القماش العريض الممتدّ


وبدأ يرسم بإصبعه



.....



في الأعلى رسم شمساً جميلة


شعّتْ في عينيَّ بقوة


وصنع حواشيَ الغيوم ذهبية


جاعلاً الأشعّةَ تخترق الغيوم


ثمَّ رسمَ الرؤوسَ اللطيفة لأشجار جديدة غضّة


سحب التَّلال، واحداً فواحداً، خلفها


وفي أسفلها لم يترك الماء بعيداً عنها


رسم النهرَ طبيعياً جداً


فَيُرى متلألئاً بأشعَّة الشمس


ويُرى تيّاره مُرتطماً بضفافه العالية



.....



آه، عند النهر تنتظم الزهور


وهناك الألوان على المَرج


ذهَب ومينا وأرجوان وأخضر


كلّها مثل زمرّد وياقوت


وأضاف لمعاناً على السَّماء


وصيّر الجبالَ الزرقَ تبعد وتبعد


حيث أنّي افتتاناً ذُهلتُ وولدتُ من جديد


نظرتُ فوراً إلى الرسّام، ونظرتُ فوراً إلى الصّورة



.....



هكذا برهنتُ لك حقّاً


أنني أفهم حرفة اليد هذه جيداً


قالها وأكمل :


ولكنَّ الأصعبَ لم يأتِ طبعاً بعد



.....



رسم بعد هذا برأس إصبعه


وبعناية كبيرة عند الغابة الصّغيرة


تماماً عند نهايتها، حيث الشمسُ


تُعكَس بقوة من الأرض اللمّاعة


رسم أجملَ الفتيات


بتكوين قويم، وملابس أنيقة


وجنات متوردة تحت شعر أسمر


وكانت الوجنات بلون


الإصبع الصّغيرة التي رسمتها



.....



آه يا فتايَ، صرختُ


يا له من معلِّم، هذا الذي


اختارك في مدرسته


أنْ تكون بمثل هذه السرعة، ومثل هذه الفطرة


فتبدأ كلَّ شيء ببراعة وتُنهيه جيداً ؟



.....



بينا أنا لا أزال في قولي، هبّتْ نُسَيْمة


وحرّكتْ قمّة الجبل


جعّدتْ كلَّ أمواج النهر


نفختْ حجابَ الفتاة المتكاملة


والذي أدهشني أكثرَ من دهشتي التي أنا فيها


أنَّ الفتاةَ أخذتْ تُحرِّك قدميها


بدأتْ تمشي، واقتربتْ من البقعة


التي كنتُ جالساً مع المعلِّم الطليق



.....



الآن كلّ ُ شيء، كلّ ُ شيء تحرَّك


أشجار، نهر وزهور، والحجاب


والقدم الرقيقة لأجمل المخلوقات


هل تعتقدون حقّاً أنني بقيت


على صخرتي هادئاً كصخرة دون حَراك ؟



................


.......



ترجمة: د. بهجت عباس

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)