الموضوع
:
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية
عرض مشاركة واحدة
12-04-2010, 11:11 PM
المشاركة
409
ايوب صابر
مراقب عام سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7857
المشاركات:
12,768
أورسون ويلز
هذه ليست سيرة تضاف إلى سير أورسن ويلز الست، فما شرعت فيه ليس
رواية قصة حياته بل تفحص القصص التي رواها عن تلك الحياة
).
بهذه الصيغة
يقتحم بيتر كوزاد تفاصيل حياة واحد من أساطين هوليوود أورسون ويلز. لعل فيلم
«
المواطن كين» هو إحدى سيره الذاتية المبكرة التي روت سلفاً قصة حياة لم يكد يبدأ
في عيشه،أوحتى بطله هاري لايم في «الرجل الثالث» كان صورة ذاتية مهما أبدى سخطه في
انكارها الكاتب يعمد إلى دحض تصريحات ويلز التي أدلى بها إلى الصحافة، ويعتقد أن
كثيراً من تصريحاته تلك قد كانت أكاذيب خالصة.
ففي عام 1950
أوجز على عجل مواهبه لصحفي فقال: إنه لايحب التمثيل بل الإخراج ويتمتع أكثر ما
يتمتع بالكتابة وإن بحوثه ومقالاته الصحفية وأعماله القصصية وسيناريوهات أفلامه
التي لم يخرجها مرشد عديم القيمة إلى دوافعه، والنقاد لا يراجعونها إلا نادراً،
ولعل ويلز قد وجد متعة في الحديث أكثر مما وجد في الكتابة، مثله مثل كوليردج.
كان ويلز مفسراً
جريئاً ولامعاً للأدب أو خالقاً له من جديد وهو قد اختبر بالأراء أفكاره النقدية عن
شكسبير وسرفانتس أو ملغيل ومارك توين أوكونراد وكافاكا ودينيس.
وفي أوائل
الخمسينيات سعى إلى حصر التراث الأدبي الأوروبي كله بأفلمة عملين هما «أوديا
»
هوميروس، و«يوليسيس» ومع أن هذه المشروعات لم تسفر عن شيء فقد كانت الفكرة عنده أهم
من التحقيق، ثمة عوالم أخرى اهتم بها ويلز موجودة بالفعل ومنتظرة منه ؟.
ففي البرازيل
-
مثلاً- حيث قضى عدة أشهر في 1942 وجد مجتمعاً مكنه كرنفاله الصاخب من التخلي عن
صرامة الحياة العملية في الولايات المتحدة وفي إشبيلية عاش مدة وجيزة وهو شاب وفيما
بعد أقام في مدريد ثم اختار أن يدفن جثمانه في إسبانيا وقد أعطته البلاد خلاصة
وافية للقصص الوطنية التي تبناها، كأنها خاصة به، قصص عن حماقة الفروسية في غير
زمنها عن ثقافة المثالية والبأس الفاجع.
إن فرانسوا
نروفو كان محقاً في اعتباره الشخصيات التي أدى أدوارها ويلز «كائنات استثنائية
»
ولكنه تردد في الحكم عليها وقد دعاها «عباقرة أو متوحشون أو عباقرة، متوحشون».
وبما أن ويلز
متحذلق بالنظر -حسب رأي كونراد- فهو لا يشارك برتولت بريخت اعتراضه على التعظيم
التراجيدي للإنسان بوصفه إنساناً، فالتراجيديا في نظر بريخت قد كانت دعاية تخدم
مصالح الطبقة الارستقراطية المحكوم عليها بالموت، أما ويلز فقد سعى على الأقل إلى
الموازنة بين تعظيم الإنسان والغض من قيمته، كان يعرف أن حماسة الإنسانيين قد دحضها
التاريخ الحديث الذي جرّد العالم من الصفات الإنسانية، كان من همومه أن يعولم نفسه
ويقول «أنا المتعدد» ومن حوله كان لديهم شك جاد في ويلز كان طفلاً في أي وقت ويقول
كونراد: بقي طفلاً طيلة حياته بابتهاجه الساذج وجشعه غير المميز وفظاظته عند الغضب
واعتقاده أن مشاكسته سوف تعذر على الدوام.
ففي سيناريو
(
المهد سوف يهتز) جعل ويلز مارك بلتز شتاين يدعوه متحبباً بيتر بأن الولد الذي لم
يتمكن من النمو قط.
كونراد يعتقدأنه كان مواتياً أن يفقد ويلز والديه كليهما وهو صبي فقد مكنه هذا من التركيز علىصنع أسطورته الخاصة واختراع أدوار لهما فيها. ماتت أمه من التهاب الكبد في 1924 بعدعيد ميلاده التاسع ومات أبوه وهو مدمن ومخترع فاشل في 1930 منهك القلب والكليتينوكان ويلز غائباً في المدرسة ومنقطع الصلة بالأسرة وكان ويلز غائباً في المدرسة،لاحقاً كذب ويلز وزعم متخيلاً أن أباه قد مات بعد أن أحرق نفسه و ربما هذا اليتمالمبكر سبب تأثره البالغ بكتاب أنطوان سانت إكزوبي (الأمير الصغير) الذي كتبهالمؤلف خلال إقامته في أمريكا منفياً من بلده المحتل فرنسا وبعد نشره في 1942 سارعويلز إلى إعداد نص فيلم عن الكتاب، ولكن الفيلم لم يصنع قط فلا بد أن تكون القصة قدبدت ضرباً من السيرة الذاتية شأن جميع قصصه المفضلة.
(
كلما كان كوكبك
أصغر كان وجودك أكثر كلية) إن أمير إكزوبري يكتشف عندما يصل إلى الأرض النسبية
المطلقة كما فعل ويلز عندما طرد إلى عالم الكبار.
يكتشف الأمير أن
عالمنا يحكمه 111 ملكاً (باستثناء السود) كل واحد منهم يحسب نفسه كلي القدرة.
إن ثعلباً يخبر
الأمير الصغير أن الفراخ كلها متشابهة وكذلك الرجال وعلى كوكبه يتعهد بالعناية
بزهرة واحدة متقلبة غير ذات جدوى، أما على الأرض فيتوه في حديقة أزهار تتشابه فيها
تماماً خمسة آلاف زهرة، كانت أنانية زهرته تبدو غير معقولة ولكن تباهيها على الأقل
يحفظ الاحساس بالاختلاف وهنا على الأرض يسحق الجمهور فكرة الفردية لقد استهوته
الملكية لما تنطوي عليه من امتيازات لك الحق في إساءة التصرف وفي استخدام رعاياك
المغرمة بك.
إن ويلز الذي
يصعب اعتباره نموذجاً يمثل غيره من البشر قد بدأ يشغله خلال الخمسينيات قدر الجنس
الذي لم يكن منتمياً إليه كل الانتماء وكثيراً ما كان يدعو الناس ديناصورات هيرست
مثلاً أو أقطاب هوليوود الذين عرقلوا ودمروا عمله السينمائي ولكنه شعر أيضاً بأنه
مفارقة زمنية غير مألوفة وتساءل دائماً ألا يمكن أن يكون الجنس البشري منخرطاً في
التخطيط لاندثاره؟ لقد سهل عليه إخافة أمريكا في 1938.
وفي عام 1982
أحزنه أن مواطنيه (لم يعد تخويفهم ممكناً) على الرغم من الأسباب الوجيهة للذعر
تتنبأ بنهاية الكوكب وفناء الإنسانية.
إن القصص التي
أعاد ويلز روايتها أو طبقها على نفسه قد عالجت كلها مشكلات عصية على الحل تناقضات
لم يكن ممكناً حسمها بالخاتمة المعدة وفق صيغة معينة كان له شغف بالملوك المخلوعين
والنهايات كان يقول: (النهايات السعيدة التي تسعى إليها لأنك مفرط العاطفة تتوقف
على قطع القصة قبل أن تنتهي، إن الكوميديا تنتهي بالزواج والتراجيديا تنتهي بالموت،
هذان الخياران هما أمامك)،
الكتاب-أورسون
ويلز-وقصص حياته. - الكاتب: بيتر كونراد - ترجمة: عارف حديفة - صادر عن وزارة
الثقافة-الفن السابع في 477 صفحة.
رد مع الإقتباس