الموضوع: قصة النكسة
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-21-2010, 09:23 PM
المشاركة 9
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
وهذه هى النتيجة الطبيعية لإهمال البعد الدينى فى الصراع ,
والتخلى طواعية عن حضارة أربعة عشر قرنا تراكمت فيها جذور الحضارة الإسلامية , وذلك فى سبيل الوقوع تحت تأثير المذاهب الإنسانية وثقافة الإلحاد المستتر التى حكمت فترة ظهور تيار القومية فى منتصف الخمسينيات ,

ولا يفوتنا بالطبع أن نشير إلى دفاع القوميين عن أنفسهم عن طريق تشويه صورة الإسلام والحضارة الإسلامية ,
وتعمد حصر الإسلام في بوتقة الإرهاب أو التخلف الحضاري أو حصره في جماعات معينة ,
فيكون دفاعهم مبنيا على أن الدعوة للعودة للإسلام هى ترسيخ لثقافة الإرهاب ورفض الآخر !
ولسنا ندرى في الواقع عن أى إرهاب ورفض يتحدثون وقد كانت المعتقلات عبارة عن سلخانات بشرية للمعارضين في العهد القومى البائد !
وبلغ بهم رفض الآخر أن القوميين ـ حتى يومنا هذا ـ يعتبرون كل من يخالفهم عميل للمخابرات الأمريكية !
ولسنا في حاجة للرد على أمثال تلك الدعاوى فأول من يعرف تهافتها هم مطلقوها من القوميين أنفسهم , لأن معظمهم من كبار المثقفين العارفين بطبيعة الحال أى إسلام نقصد .. وإلى أى حضارة نشير !
وعملا بثقافة التغريب التي تروق لهم فلن ندلهم على مصادر التاريخ الإسلامى ليعرفوا أى حضارة هى تلك التي ندعو لترسم طريقها ,
بل يمكننا أن نعطى لهم مصادر التاريخ الغربي التي اعتبرت النبي عليه الصلاة والسلام أكثر شخصيات العالم تأثيرا عبر التاريخ ,
واعتبرت عمر بن الخطاب أنبغ حاكم في العالم ..
واعتبرت خالد بن الوليد واحد من كبار العسكريين في تاريخ العالم
بل من الممكن أن ندلهم على التاريخ القريب حيث كانت الخلافة العثمانية هى القوة العظمى المنفردة على العالم أجمع طيلة ثمانية قرون , وتمكن الخلفاء العثمانيون من اجتياح أوربا والسيطرة عليها كل هذه الفترة الزمنية ,
وكانت الكنائس في قلب أوربا تصمت أجراسها إذا جاء رسول من خليفة المسلمين إلى أحد حكامها !
فما الذى غنمناه يا ترى من تيار القومية ؟!!
لا شك أن القارئ الكريم أدرى بالجواب ,

فالإسلام الذى ندعو للعودة لأصوله هو إسلام العوام ,
هذا الذى قال فيه السلف الصالح ( اللهم إنى أسألك إيمانا كإيمان العوام )
فلسنا ندعو للوحدة الإسلامية كأيديولوجية سياسية تخضع لجماعة معينة أو مذهب محدد أو تيار سياسي محكوم ,
فالإسلام السياسي الذى تورط فيه الإخوان المسلمون وسائر التنظيمات الإسلامية التي ادعت الإنتساب إليه , هذا إسلامهم هم وليس الإسلام الذى نعنيه ,
لأن الإسلام كان عند هذه التنظيمات ـ على اختلاف ألوانها ـ وسيلة .. مجرد وسيلة للوصول إلى السلطة ,
بينما الإسلام عندنا غاية , غاية ليس بعدها بعد ..
غاية لا ترتهن بتنظيم يتخذ له مسمى معين أو حزب محدد بل يشمل الجماهير البسيطة التي عرفت ربها فأطاعته بجوارحها تلقائيا , ورفضت فطرتها الطبيعية أى تغيير في عقيدتها ,
غاية ترتهن بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وثوابت الإسلام من غير تفريط ولا إفراط ,
غاية تتطلع إلى الثقافة العربية والآداب العربية والفكر الإسلامى العريض الذى حمل مشاعل النور في شتى المجالات إلى سائر أنحاء العالم قبل أن يلفظه محدثي السلطة !

فالإسلام الذى ندعو للعودة إليه هو المبادئ والقيم العامة التي حددها الله سبحانه وتعالى ـ لا تلك التي حددها ماركس ولينين وآدمز وسارتر ـ للبشر ودعاهم لمراعاتها في العموم والتصرف في الخصوصيات كما يشاءون ,
فالإسلام عندنا هو برواز عام يشمل المبادئ العريضة للعقيدة الإسلامية التي تخضع لها أى قوانين نضعها لتسيير شئون دنيانا ,
فليس معنى أننا ندعو للإسلام أننا ندعو لنظام حكم معين مثلا
فليكن نظام الحكم وفق ما تشاء الجماهير ,
لكن المهم أن يكون ولى للأمر يلتزم في سن القوانين وفى سياسة الدولة بما تقره المبادئ العامة للدين الإسلامى ,
وفق القاعدة الفقهية العريضة التي تقول ( الأصل في الأشياء الإباحة ) وقاعدة ( أنتم أعلم بشئون دنياكم )

هذه المبادئ التي تخلينا عنها طواعية استجابة للقومية ومذاهب القومية والإشتراكية ,
ومن أغرب أوجه التناقض في هؤلاء القوميين أنهم يحتفون بشدة بالأمم التي تقدس تاريخها ومبادئ دعاتها في حين أنهم لا يطبقون هذا الأمر على أنفسهم , رغم الفارق الشاسع بين مبادئ الإسلام ومبادئ تلك الأمم ,
فنجد مثلا محمد حسنين هيكل في كتابه ( أحاديث في آسيا ) يشيد أيما إشادة بالطاغية الصينى ماو تسي تونج ويشير في إلحاح مستفز إلى أنه إله في الصين الآن !!
ويعتبر مبادئ ماوتسي تونج وعباراته عبارة عن إلهام تسبب في تفوق الشعب الصينى عندما التف حول هذه الشعارات وطبقها بعمل ودأب وجهد وصبر
ثم يزيد في الإشادة عندما يستشهد هو نفسه بأحد عبارات ماو تسي تونج ويأخذها كمدخل لأحد موضوعات كتابه ,
وكانت العبارة تقول ,
( احملوا السلاح دفاعا عن حدودكم .. وتأملوا ما وراء هذه الحدود .. وافهموا )
ولم يسأل هيكل نفسه ـ وهو الحصيف الخبير ـ كيف أعجبك تمسك الصينيين بعقيدتهم الوثنية في نفس الوقت الذى تعتبر فيه العقيدة الإسلامية بشكلها العام عبارة عن قيود ضد الحضارة !
وكيف أعجبتك عبارات ماوتسي تونج ولم تعط لنفسك الفرصة لتأمل آيات كتاب الله ! وأحاديث النبي الخاتم عليه الصلاة والسلام ! وأقوال الصحابة والتابعين !
رغم أن تاريخ هؤلاء العميق منذ ظهور الإسلام تاريخا كان ـ ولا يزال ـ يعتبر أسطورة الأمم !
فما الذى يساويه ماوتسي تونج أمام هؤلاء ؟!
ولماذا اعتبرت الإستشهاد بماوتسي تونج قيمة حضارية , بينما تعتبر الإستشهاد بدليل من القرآن والسنة واتخاذه أساسا في القضايا .. عبارة عن تخلف وتمسك بالأسمال البالية !
والعبارة التي أعجبتك من ماوتسي تونج , ومؤداها ألا ينطلق السلاح إلا دفاعا عن قضايا الوطن والحدود , وتقتصر المعالجة بعد ذلك على مجرد التأمل
فلماذا لم تنقل هذه الحكمة إلى عبد الناصر قبل أن يتورط في مغامرات اليمن !