الموضوع: قصة النكسة
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-21-2010, 09:11 PM
المشاركة 5
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
إن إنتقادنا للقومية ليس انتقادا لمبدأ التكاتف وضرورة التوحد في الصراع مع الغرب ,
بل لا زلت أقول أن اتحاد الدول العربية والإسلامية في مواجهتها هو السبيل الوحيد ـ وأكرر الوحيد ـ لتنتهى المواجهة لصالحنا ,
فانتقادنا للقومية لم يكن في هذا السبيل بل كان في طريقة تطبيق القومية لمبدأ الوحدة ,

ما نقوله وقاله علماء المسلمين على اختلاف صنوفهم أن القومية تتخذ من الجنس أساسا للوحدة ,
فتنادى بالوحدة العربية في مواجهة الصراع مع إسرائيل بما مفهومه ( الصراع العربي ـ الإسرائيلي )
وبهذا أخرجت القضية من تصنيفها الأصلي باعتبارها قضية صراع إسلامى ـ صهيونى , أو إسلامى ـ غربي
فالقدس ليست قضية تخص العرب وحدهم أو الفلسطينيين وحدهم كما تردد دعاوى القومية بل هى تخص مجمل الدول الإسلامية التي يعتبر القدس فيها حرما ثالثا ,

نقطة الإنتقاد الثانية ,
هى فشل النظرية القومية عند التطبيق ,.
فهم أرادوا من الجنس أساسا للتوحد يعضده اللغة والتاريخ والتلاصق الجغرافي ,
بينما نجم عن التطبيق أن ظهرت دعاوى القومية الضيقة والنعرات الوطنية التي قسمت المنطقة العربية إلى شظايا جغرافية ,
وهذا أمر طبيعى لأن القومية في طبيعتها تعصب صرف للأرض والعرق ولابد له أن يؤدى في النهاية إلى الفرقة بدلا من أن يؤدى إلى الوحدة ,
ويكفي من مثالب القومية أن القوميون الذين يدعون الإنتصار للوحدة اعتمدوا حدود وخطوط اتفاقية سايكس بيكو التي صنعتها بريطانيا وفرنسا وجعلوها تقسيما معتمدا للحدود بين الدول العربية !
بينما المنطق يقول أن القوميين من المفترض فيهم ألا يعترفوا بوجود هذه الحدود أصلا , لا أن يعترفوا بها وينتصروا لها ويعتمدوا الجامعة العربية كجامعة بين دول مختلفة تسعى للتوحد !
وأخيرا :
اعتماد القومية كأساس للوحدة في المنطقة العربية تسبب في ظهور الظواهر الصوتية والشعارات التي عانينا منها في حقب الخمسينيات والستينات مما أدت في النهاية إلى مزايدات رخيصة تسببت في كارثة 67 ,
وهذا أمر طبيعى
لأن القومية مبنية على أساس عرقي ومصالح دنيوية ,
بينما الأساس الدينى للوحدة ينبذ التعصب ويعتبر الانتصار للجنس أو للأرض جاهلية جديدة ,
ولهذا عندما اتخذت المنطقة العربية قديما دين الإسلام أساسا للوحدة تمكنت من أن تكون قوة عظمى طيلة أربعة عشر قرنا ,

خلاصة القول
أن الوحدة هى أساس الإنتصار الذى لا سبيل دونه ,
لكن المهم هو على أى أساس نبنى هذه الوحدة ,
وما تهدف إليه الدراسة هو إثبات أن اعتماد الإسلام كعامل مشترك للوحدة بين سائر المسلمين هو الطريق الصحيح لا اعتماد العروبة والقومية ,
ويكفي أن توفر لنا الوحدة الإسلامية ما يلي ,
أولا : قيام الوحدة الإسلامية على أساس إسلامى صحيح أمر ثابت ونظرية أثبتت نجاحها على مدى ثلاثة عشر قرنا بينما فشلت القومية فشلا ذريعا في التطبيق ,

ثانيا : تقوم الوحدة الإسلامية على أساس إخلاص العمل لله والجهاد في سبيله وهى بذلك تضمن الصدق في القول والعمل وبذل الجهد الأقصي في مقابل القدر الأدنى من الكلام ,
كما أنها ـ وهو الأهم ـ تعتمد على بذل النفس في سبيل الله دون انتظار عائد مادى أو معنوى ودون بحث عن الزعامة أو الأدوار السياسية ,
بينما تعتمد القومية على الإنتصار للأشخاص والمذاهب الإنسانية وبهذا يغيب منها الصدق وتقع في مبدأ ( الغاية تبرر الوسيلة ) لأن أساس القومية قائم على أساس العمل الدنيوى
وباستبعاد الدين تم استبعاد الإخلاص تلقائيا !
لأن الإخلاص معناه العمل دون انتظار أجر في انتظار ثواب الآخرة , فإذا غاب ثواب الآخرة يصبح الثواب الدنيوى هو الهدف وإلا أصبح العمل غير ذى معنى

ثالثا : نجحت الوحدة الإسلامية في احتواء الأقليات داخلها وتمكنت الخلافة الإسلامية من استيعاب الأقليات الدينية دون أن يكون لها تأثير سلبي على دولة الخلافة , لما يحمله الإسلام من صدر رحب بالأديان السماوية فعاش النصاري واليهود تحت ظل دول الخلافة المتوالية بلا أى اضطهاد عرقي
وعلاقة المسلمين تحت مظلة الخلافة بغيرهم من أهل الملل الأخرى كاليهود والنصاري .. معلوم من الدين بالضرورة حيث تشهد صفحات التاريخ للمسلمين أنهم كانوا أشد الناس حرصا على أهل الذمة ولم يتمتع اليهود والنصاري تحت الحكم الرومانى بحرية دينية كتلك التي تمتعوا بها تحت حكم الإسلام بدليل أن النصاري من أهل مصر والشام كانوا صفا واحدا مع المسلمين في مواجهة الحملات الصليبية الغربية رغم كونها حملت شعار الصليب
فالعلاقة بين المسلمين وبين الملل هى العلاقة المعروفة باسم أحكام أهل الذمة وهى متواترة الذكر في سائر كتب الفقه تحمل مدى سماحة الإسلام مع المخالفين في العقيدة طالما كانوا من غير أهل الحرب
ويكفينا للتدليل على ذلك رفض عمر بن الخطاب للصلاة في الكنيسة عند افتتاحه لبيت المقدس حتى لا يتصور أحد من الحكام بعده أن الإعتداء على أرض وكنائس النصاري وإيذاء مشاعرهم جائزا في الإسلام وهو تطبيق عملى للنهى والوعيد الشديد الذى توعد به النبي عليه الصلاة والسلام من خالف وصيته في أهل الذمة ..
بينما فشلت القومية في استيعاب غير العرب من الدول الإسلامية رغم أن القضية بالأصل هى قضية القدس وليست مجرد قضية أرض محتلة

رابعا : نجحت الوحدة الإسلامية في الحفاظ على أراضي المسلمين لأن مبدأ الإسلام يقوم على أن أرض المسلمين كلها واحدة يقع عبء تحريرها على سائر المسلمين كواجب شرعي غير قابل للنقض
بينما القومية جعلت لكل دولة عربية أرض مستقلة مسئولة عنها حكومتها وبقية الدول عليها المعاونة النسبية فقط دون أن يكون الصراع يخصها بشكل مباشر