عرض مشاركة واحدة
قديم 11-21-2010, 08:19 PM
المشاركة 78
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (15)


حُلُمٌ غريب


نشرتُ لوائي وامتطيتُ جواديا
فصفَّقَ يعلو بالجناحين راضيا

وحطَّ على الجوزاءِ بعد هُنيهةٍ
وأفردني .. وازورَّ يبكي وَداعيا

ولاحَ لعيني كالسرابِ بمَهْمَهٍ
غديرٌ إليه الطيرُ كانت غواديا

عدوتُ إلى أن كدتُ أبلغُ ماءه
فأوقفني صوتٌ غريبٌ ورائيا

فأصغيتُ في شوقٍ إليه ولهفةٍ
لعلِّي أرى في صاحبِ الصوتِ هاديا

فقال دعِ .. الأوهامَ تلك خديعةٌ
تعالَ إلى روضي لأسقيكَ صافيا

* * *
سألتُ : وأين الروض يا طيفُ إنني
تعبتُ فهلَّا جئتني بجواديا ؟؟

ودون جوابٍ قد رأيتُ بجانبي
جواداً كريم الأصلِ أبيض زاهيا

ركبتُ إذا بي في البروجِ محلِّقاً
يجوزُ بيَ الأفلاكَ كالومضِ ساريا

وأنزلني من ثمَّ روضاً مُزيَّناً
بوشيٍ من الأزهارِ .. رقَّ حواشيا

فضجَّتْ به الأطيارُ شدواً كأنمَّا
تقولُ ليَ الأنغامُ جئتَ مناجيا

وماستْ غصون الروضِ سكرى من الصَّبا
ومالتْ على الأمواهِ حُدْباً ..... حوانيا

فيا طيبَ ما ألقى .. ويا حسنَ ما أرى
كأني مليكٌ ... والجنانُ بلاديا

* * *
نفضتُ غبار الوهم عن كلِّ فكرةٍ
وقلتُ لعلَّ السعد رقَّ لحاليا

وسرتُ وئيدَ الخطوِ أختالُ باسماً
أطوفُ حقول الزهرِ نشوان شاديا

نسيتُ أسى الدنيا وكلَّ شجونها
نسيتُ خيامي والشقا وجراحيا

كأني بُعثتُ اليوم دون درايةٍ
فلم يدرِ ما معنى العذابِ فؤاديا

أُقلِّبُ طرفي حيثُ شئتُ فلم أجدْ
سوى جنةٍ فيحاءَ طابتْ مَجانيا

فقلتُ لنفسي : ها هو الخلد فاهنئي
دعوتُ إلهي .. فاستجابَ دعائيا

* * *
ونفَّرَ طيرَ السعد عنِّيَ فجأةً
خميسٌ من الغربانِ حلَّقَ غازيا

وجاءَ زعيم السرب يسرقُ جنَّتي
يقودُ لئاماً حاقدين أفاعيا

أغاروا على روضي وعاثوا وأفسدوا
وشقَّ على نفسي أعيش مُداجيا

فأعملتُ رأسي بالرؤوس أَجزُّها
وقد طارَ من هول المصابِ صوابيا

ولم يدركِ الأوغادُ أنَّ كرامتي
تُثير على وِرْدِ الجدود إبائيا

ولكنَّ نصلي دقَّ فوق رؤوسهم
وأصبحَ عزمي بعد يأسيَ واهيا

فجاؤوا على ضعفي يصبُّون حقدهم
وسالتْ على التُّربِ الحبيب دمائيا

ولما فقدتُ الحَولَ قال زعيمُهم
خذوه .. وإلا قام يضربُ هاميا

من العُرْبِ هذا فانظروا لدمائه
كأني أُحسُّ التربَ فيه مُباهيا

شجاعٌ .. فدائيٌّ .. قويٌّ .. مدرَّبٌ
أبيٌّ .. يدير الموتَ .. إنْ ضِيمَ ساقيا

أخافُ إذا غيَّبْتموهُ بتربه
مهاجمةَ الأشباح وقتَ مناميا

خذوه بعيداً سوف يحيا وينثني
ليغرسَ في هذا الترابِ أمانيا

فأحسستُ أني أهبط الأرضَ عائداً
أشقُّ ظلام الليل كالنجم هاويا

وقعتُ على تلٍّ من الرمل ليِّنٍ
وقمتُ .. إذا بي حالمٌ في فراشيا



حماة 24-9-1968