عرض مشاركة واحدة
قديم 11-09-2010, 12:34 AM
المشاركة 13
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
قراءة في أدب الكاتب الليبي إبراهيم الكوني …


كتبها زهرة النسرين ، في 15 نوفمبر 2008 الساعة: 09:01 ص



لي خال أحبه كثيرا ..وكان قدوتي في كل شيء تقريبا ..وخاصة في الذائقة الأدبية …وقد عاش خالي هذا فترة كبيرة من شبابه في روسيا ..حيث كان موفدا للدراسة هناك …وهناك وبحكم إتقانه للغة الروسية ..كان مطلعا على أخر أخبار الإصدارات باللغة الروسية ..وكان كلما أتانا زائرا يأتي ومعه عدد هائل من العناوين لعمالقة الأدب الروسي ولغيرهم من الكتاب العالميين الذين تم ترجمة أعمالهم للغة الروسية ..

ومع هذه العناوين تكرر أسم إبراهيم الكوني كثيرا ..وكانت هذه أول معرفتي به …ودخولي لعالم الكوني الجميل …وأقول لمن لم يقرأ له …لقد فاتك الكثير ..والمثير ..

نبذة عن الكوني ..
الكوني الذي عشق الصحراء وكتب عنها أجمل الروايات ..لا بد أن يكون ولد بها وترعرع بين رمالها الذهبية ..فلقد ولد في الحمادة الحمراء بالصحراء الكبرى سنة 1948 ..وأتم دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية في مناطق مختلفة من الجنوب الليبي وهذا ما ترك لديه هذه الانطباعات والذكريات الرائعة عن الصحراء وسكانها والتي سجلها لنا كأروع ما تكون في رواياته المختلفة..بعد ذلك سافر الشاب الأديب ليكمل دراسة الماجستير في العلوم الأدبية بمعهد غوركي للأدب العالمي بموسكو عام 1977.
في موسكو ..الوحدة والغربة ..كانت من أسباب استجلاب الذكريات الجميلة للصحراء الدافئة …وكانت فترة دسمة من الإنتاج الأدبي لكاتب ليبي نفخر به ونعتز بكتاباته ..

هذه الوحدة والغربة أثمرت على فلسفة خاصة ونمط معين تميز به أديبنا ..وهو الإحساس بالصحراء كبشر وعوالم ساحرة ودافئة …مشحونة بالمشاعر وفلسفة أهل الصحراء التي شكلتها ظروفهم وبيئتهم وان كان أحيانا النقاد يعيبوا على الكوني عدم خروجه من دائرة الصحراء وتكرير نفسه فيها ..ولكني أرى إن ذلك من أجمل ما يميزه وهو الذي أعطاه هذه الحظوة لدي قارئه الذي يريد معه اكتشاف الصحراء وسبر أغوارها …

الجوائز التي حصل عليها الكوني ..

جائزة الدولة الاستثنائية الكبرى التي تمنحها الحكومة السويسرية والتي تعتبر من أرفع جوائزها ، على رواية نزيف الحجر 1995م.

جائزة الدولة في ليبيا، على مجمل الأعمال 1996م.

جائزة اللجنة اليابانية للترجمة، على رواية التبر 1997م.

جائزة التضامن الفرنسية مع الشعوب الأجنبية، على رواية واو الصغرى 2002م.

جائزة الدولة السويسرية الاستثنائية الكبرى، على مجمل الأعمال المترجمة إلى الألمانية، 2005م.

جائزة الرواية العربية( المغرب)، 2005م.

جائزة رواية الصحراء( جامعة سبها – ليبيا) 2005م.

وسام الفروسية الفرنسي للفنون والآداب 2006م.

وكذلك اختارته مجلة «لير» الفرنسية بين خمسين روائياً من العالم اعتبرتهم يمثلون اليوم «أدب القرن الحادي والعشرين»، وسمتهم «خمسون كاتباً للغد».

وغيرها العديد من الجوائز والتكريمات لأدب هذا العملاق الليبي …

اطلالة

شخصيا ..كان اكتشافي الأول للكوني عبر رواية المجوس …أسرتني من البداية للنهاية ..لم أستطع أن التقط أنفاسي أو آكل أو أمارس حياتي إلا بعد أن انتهيت منها …أخذتني معها في عالم جميل مختلف ..وهذا هو قمة الإبداع في الكتابة الكونية ..عنصر الشد والتشويق والإثارة والاكتشاف ..وكأنك فرد من بعثة استكشاف أثرية ..قربت كثيرا من اكتشاف مدينة أثرية داخل مجاهل الصحراء …وتلك الروح والحوارات الشيقة بين أبطال رواياته المختلفة.. حوارات مبنية على فلسفة عميقة وعبر وحكم وأبعاد فلسفية جميلة وغنية …وبالرغم من هذا العمق والفلسفة إلا أن أدب الكوني يتميز بسلاسة اللغة وجمال اللفظ..

من أول جملة في الرواية ((لن يذوق طعم الحياة من لم يتنفس هواء الجبال. هنا فوق القمم العارية)) تشعر أنك مشدود في عالم (سيد الصحراء ) الكوني ..حيث كل القيم الجميلة وأحيانا الغريبة وأحيانا المثيرة للتساؤل كالطقوس الوثنية والسحر والشعوذة ..مشدود بسرد الأديب المميز وروح الصحراء ورائحتها التي تنبعث من خلال الكلمات ..
في أدبه الكوني نشعر بنفس بشرية تبحث عن الحكمة والأسرار ..وكان اكتشافه سر الأسرار ..

الصمت هو السر ونسغ الحياة كما يراها الكوني والصمت هو تجسيد وان بصورة سلبية لعالمالأسرار وكل محاولة للكشف هي في النهاية أكثر من مستحيل، إنها انتهاك لقدسية عالمالأسرار هذا..

من أكثر الكلمات التي وجدتها صادقة في وصف خصائص السرد في أدب الكوني ..هي كلمة الدكتور محمد البارودي ..اذا قال ..(( فالسارد في هذهالروايات لا يشخص واقعاً بل يشخص أسطورة أو واقعاً مؤسطرا. في هذه الروايات يمتزجالعقلي باللاعقلي، ويختلط الطبيعي بما فوق الطبيعة ويلتبس الممكن باللا ممكن إذيهدم السارد الحدّ الفاصل بين الإنساني واللا إنساني وبين البشري والحيواني وبينالعقلاني واللا عقلاني ليؤسس عالم الأسطورة الذي يسعى إلى تشخيصه في هذه الأعمالالروائية التي حللناها. ويحدث ربط في أشكال التعامل السردي مع الخارق منالأحداث والشخصيات وصنفها إلى أنواع ثلاثة.. الفانطاستيكي والغرائبي والعجائبي))وهذا فعلا ما تشعر به عندما تقرأ له ..