بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ ( الناس ثلاثة أصناف ) يُقسّم الإمام علي ( عليهِ السلام ) الناس إلى ثلاثة أقسام : الناس ثلاثة : فعالم ربـّاني ، ومتعلـّم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع: أتباع كلّ ناعق ، يميلون مع كلّ ريح ، لم يستضيؤوا بنور العلم ، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق ).. ( فعالم ربـّاني ) .. عندما نقرأ بعض الروايات ، مثل : ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ) ليس معنى ذلك أن طلب علم الهندسة فريضة .. نعم ، بعض الأمور واجبات كفائية ؛ إذ لابد من وجود الطبيب في المجتمع مثلاً .. ولكن كلمة " فريضة " أي على كل مسلم .. فهل على كل مسلم ، أن يتعلم الطب والفيزياء والهندسة ؟.. المراد بالعلم في هذه الموارد هو العلم الذي يضمن للإنسان الآخرة ، العلم الذي يقرّبه إلى الله عز وجل .. أما العلوم الطبيعية ، فهي ضرورية في مجال المعاش ، ولكن كل علم لا يصلحك ضلال ومال لا ينفعك وبال . : في عرصات القيامة ليس هناك سؤال عن الكيمياء والفيزياء ، إنما السؤال عن العلم الواجب تعلمه ، والمنطبق على أصول وفروع الدين : الأصول اجتهاداً ، والفروع تقليداً .. والعالم الرباني هو العالم الذي علمه متصل بالله - عز وجل - وليس المراد بالعالم هنا أئمة المساجد .. بل قد يكون العالم الرباني إنساناً فيزيائياً أو كيميائياً ، ولكن له انكشاف بصيرة ؛ ويرى الأمور بمنظار إلهي . ( ومتعلـّم على سبيل نجاة ) .. إن الإنسان الذي يعترف بجهله ، هذا إنسان جيد .. والجاهل على قسمين : جاهل يرجى له النجاة ؛ وهو الجاهل البسيط. . وجاهل لا يرجى له النجاة ؛ وهو الجاهل المركب ، الذي لا يعلم أنه لا يعلم ؛ لذا سيبقى في جهله إلى آخر عمره .. تقول الرواية : ( إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم ؛ رضاً بما يصنع ) هل المراد هنا طالب العلم المحترف في الحوزات العلمية ، أم أنه ينطبق أيضاً على من يلتحق بالدورات الثقافية التي تقام لمدة عشرة أيام - مثلاً - في الفقه والعقائد ، أو أي علم نافع في أمور الدين ، وعلى من يأتي إلى المسجد ، وينوي تعلم العلم ؟.. لهذا يقول المجتهدون : مسجد المرأة بيتها ، إلا إذا كان في المسجد علم ينتفع به . ( وهمج رعاع : أتباع كلّ ناعق ) الهمج مفسر في اللغة : " بالحمقى " والرعاع : هو " الإنسان الذي لا وزن له".. هؤلاء أتباع كل ناعق ، والناعق هو الذي يتكلم بالحق والباطل .. ولكن إذا كان أغلب الناس من هذا القسم ، هل هذا يوجب الوحشة ؟.. روي عن أمير المؤمنين ( عليِهِ السلام ) : ( أيها الناس !.. لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة أهله ، فإنّ الناس اجتمعوا على مائدة شبعها قصير، وجوعها طويل ).. ونبي الله نوح ( عليِهِ السلام ) لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، وما آمن به إلا القليل .. - وفسر القليل دون المائة - أما الأغلبية فإنهم كانوا يضحكون على نوح ( عليِهِ السلام ) وهو يصنع السفينة على اليابسة .. فإذن ، هنيئا لمن كان على هذا الخط !.. يقول الإمام علي ( عليِهِ السلام ) : ( اعرف الحق تعرف أهله .. لا يقاس الحق بالرجال ولكن يقاس الرجال بالحق ) !.. *************** 6 11 2010