الموضوع
:
حدائق الايمان فى حرب رمضان
عرض مشاركة واحدة
11-05-2010, 08:04 PM
المشاركة
66
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 1
تاريخ الإنضمام :
Jan 2006
رقم العضوية :
780
المشاركات:
1,201
وعندما لمعت في ذاكرة الشعوب العربية حقيقة إنتمائها الإسلامى وخاضت حرب أكتوبر بكلمة (
الله أكبر
) والسعى خلف المبدأ الإسلامى العتيد (
النصر أو الشهادة
) لم يعجب القوميون هذا الإنتصار ولا هذه النتيجة لأنها خالفت ما درجوا على تضليل الأمة به ردحا طويلا من الزمن ,
ووقف بعضهم يعيب مقولة (
أن نصر أكتوبر من الله
) باعتبار أنه إنجاز حضاري إنسانى !!
ثم اختلقوا العيوب في نصر أكتوبر من عند أنفسهم بينما الأعداء الذين تلقوا الهزيمة أشادوا بالنصر !
وهكذا كان الصراع كله مبنيا على الأهواء ودفعت ثمنه الأوطان التي تشوهت أحداث تاريخها تحت ذريعة الإنتصار لعبد الناصر أو الإنتصار للسادات ,
وبالمثل في سائر العالم العربي ..
لعبت القومية العنصرية لعبتها في النفوس وأصبحت الدول العربية ـ
على حد تعبير المفكر الكويتى د. عبد الله النفيسي
ـ شظايا جغرافية محتلة بالكامل وتدعى أنها دولة ولها كيان وسيادة على أرضها وشعبها !
وكما انقسم جيل السبعينات والثمانينات حول عبد الناصر والسادات ,
توزع العالم العربي زمرا حول الزعامات المظهرية , وكرسوا المنطق القبلي , ودافعوا عن الحكام العرب ـ
رغم سياستهم المعروفة
ـ دفاعا مريرا , ليس له هدف إلا التعصب العرقي وحده !
وكما اعتبر الناصريون عبد الناصر نبي آخر الزمان ,
وكما اعتبر الساداتيون أنور السادات بطل الحرب والسلام ,
اعتبرت الشعوب العربية حكامها المنبطحين من سلالة الخلفاء الراشدين
!!
وأصبح المصري يهاجم السورى والسعودى يهاجم الإماراتى والمغربي يهاجم الجزائري , وكل هذه الخلافات بسبب التعصب لجنسية الحكام وعدم الإنتباه لحظة واحدة إلى طبيعة سياسة هؤلاء الحكام الذين يقول عنهم المفكر الكبير
عبد الله النفيسي
أنهم يضاجعون الشيطان منذ مطلع الخمسينيات !
والدفاع عن أى نظام عربي اليوم خطيئة لا تغتفر لأنها تكرس لسياسة الإستقطاب والتعصب العرقي وتساهم دون وعى في أن يصبح الجيل الثالث ـ
جيل مواليد السبعينات
ـ والذي عليه أملٌ معقود في الإستقلال والإنتماء الحر للإسلام وحده , أصبح هذا الجيل معرضا لأن يصبح صورة مشوهة واستنساخ مريض من نفس صورة جيل الستينات والسبعينات الذين كان زعماؤهم وجماهيرهم يتراشقون العداء والحروب فيما بينهم بدلا من أن يطبقوا مبادئ القومية والوحدة التي اعتادوا ترديد شعاراتها دون العمل بمضامينها !
فأين هى القومية العربية وتجربتها على أرض الواقع ,
وهى التى تعتبر الآن السبب الرئيسي في اضمحلال العرب بعد أن تعبدوا بالشعارات والوحدة بينما كان عصر الخمسينيات والستينات عصر الحروب العربية ـ العربية , وتفننت الأنظمة من مصر إلى الخليج في تبادل أقذع الشتائم والتهم والمؤامرات ,
واستعانوا بتحالفات مع إسرائيل نفسها لتحقيق مكاسب إقليمية !
ويكفينا مثال واحد فقط تحدث عنه واعترف به أحد أكبر دعاة الناصرية
الأستاذ محمد حسنين هيكل
, في كتابه (
المفاوضات السرية ـ الجزء الثالث
) عندما كشف عن كنه
حرب التوريط
وهى مؤامرة حرب 67 , والتى ساهمت في إشعالها فصائل عربية رأت أنه من مصلحتها العليا توريط مصر في حرب بأى شكل مع إسرائيل بغض النظر عن النتيجة
لأن مصر في نظرهم كانت في ذلك الوقت تعطى أولوية للتنمية الداخلية وبناء مؤسسات الدولة , ونسيت القضية الفلسطينية , فشاركت بعض هذه الفصائل في إشعال الأمور على الحدود السورية ـ الإسرائيلية , والحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية حتى ترد إسرائيل ويصبح اشتراك مصر في الدفاع عن سوريا ولبنان أمرا مؤكدا
!
فاكتفت إسرائيل بالتهديد الكلامى لسوريا , ورد عبد الناصر بتهديدات فعلية رغم أنه أوفد
الفريق محمد فوزى
رئيس الأركان إلى الجبهة السورية لتقصي خبر الحشود الإسرائيلية هناك , واكتشف فوزى كذب هذه الأخبار !
ورغم هذا تمادى عبد الناصر ـ
طبقا لمقتضيات زعامته التي رفضت اتهامات الصحف اللبنانية بأنه يختبئ خلف قوات الطوارئ الدولية
ـ فأعلن سحب قوات الطوارئ وغلق خليج العقبة وحشد قوات الجيش المصري حشدا علنيا في سيناء , ولم تكن إسرائيل تتمنى أكثر من ذلك
انطلق الإعلام اليهودى كالطوفان الهادر يستصرخ العالم أن يتعاطف مع إسرائيل التي يهددها العرب المتوحشون !
واستجاب الغرب لهذا النداء لأنه رأى أمامه واقعا يصعب تكذيبه , ولهذا التمسوا العذر لإسرائيل في الهجوم الذى نفذته في يونيو باعتباره دفاعا عن النفس
واقتنعت القوى العظمى في العالم بهذا المبرر الذى أحسنت إسرائيل إخراجه بمسرحية لعبت فيها النظم العربية دور قطع الشطرنج , ولم تتحرك القوى الكبري لترد اعتداء إسرائيل كما حدث في عام 1956 م , والذي كان العالم فيه شاهدا على عدوان ثلاثي صريح بينما مصر تدافع دفاعا شرعيا عن أرضها
أما في عام 1967 م ,
فالعالم أجمع كان شاهدا على أن مصر والعرب هم البادئون بالعدوان !!
وكل هذا بسبب الزعامة العنترية والإستجابة للاستفزاز الطفولى الذى ربته تيارات القومية في العالم العربي ,
وجاء السادات ,
وحاول أن يفتح صفحة جديدة بعد أكتوبر تتسم بالعقلانية والتحرك السياسي المحسوب للفخاخ , لكنه وقع رهن مجده الشخصي أيضا وعندما رفض العرب الإنضمام إليه استدعى إلى ذاكرته تجربة مصر القومية التي كانت في نظره سببا في خراب مصر بالزعامات الصوتية ,
لأنها كانت تقتضي عمل مصر بإستنزاف سياسي واقتصادى مستمر لحدود تفوق إمكانياتها الفعلية لمجرد تأكيد الزعامة القومية
وبدلا من أن يصلح هذه السياسة بسياسة متوازنة لا تتنازل عن دور مصر المحورى أعلن التمرد وأخرج نفسه وبلده من معادلة الصراع لاعنا القومية ودعاتها !!
وهو بتصرفه هذا لم يخرج عن كونه نتيجة طبيعية لتيار القومية , لأنه تيار عنصري ضيق بطبيعته , جعل لكل قطعة جغرافية استقلال قومى منفرد بينما كانت المنطقة العربية كلها متوحدة أساسا بفعل التاريخ والواقع حتى جاء الإستعمار ,
وبدلا من أن يأتى الثوار لإعادة الوضع القديم نابذين الخلافات فيما بينهم , ومتبرئين من حدود اتفاقية (
سايكس بيكو
) انطلق الثوار بالتيار القومى يكرسون هذه الحدود كنتيجة طبيعية للنداء بالوحدة بين أوطان مختلفة !
واليوم , وبعد انتهاء عصر عبد الناصر والسادات ..
آن الوقت اليوم لجيل مستقل في الثقافة العربية لينظر بعين الواقعية والحياد للتجربتين , لا ليصدر الأحكام , بل ليطلق الأقلام في معالجة التجارب المختلفة والإستفادة من التاريخ في التنظير للمستقبل ,
ويكفي أن إنتصار أكتوبر الخالد في تاريخ الأمة , لم يخرج إلى اليوم عنه فيلم وثائقي عربي ناجح ومحايد وخالى من الأغراض , ولم يخرج كتاب واحد عنه يقيّم التجربة تقييما حقيقيا ويروى الأحداث ويصحبها بتحليل محايد مستعينا بموقف الأعداء والأصدقاء , ومنزها نفسه عن صراعات جيل السبعينات ,
وسنتعرض لبعض كتابات أصحاب التيار القومى والناصري ,
والذين أساءوا لأنفسهم قبل أن يسيئوا للأمة عندما انتقصوا وانتقدوا بمكيالين في تجربة أكتوبر وحاولوا بشتى الوسائل أن يدمروا الصورة الأسطورية لملحمة أكتوبر لمجرد تصفية الحسابات !
في نفس الوقت الذى خرج فيه الغرب بمئات ـ وليس عشرات ـ المؤلفات والدراسات تحلل وتدرس إنتصارات أكتوبر وتؤرخ لها فضلا على عشرات الأفلام الوثائقية التي تتناول حرب أكتوبر كأحد الأحداث المفصلية في القرن العشرين
الصفحة الشخصية بموقع فيس بوك
القناة الخاصة بيوتيوب
رد مع الإقتباس