عرض مشاركة واحدة
قديم 11-03-2010, 09:29 AM
المشاركة 15
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
حاشى لمثلك أن تكون بخيلة..........ولمثل وجهك أن يكون عبوسا

ولمثل وصلك أن يكون ممنعا.......... ولمثل نيلك أن يكون خسيسا


يقول طه حسين " لست ادري بأي امرأة أراد المتنبي أن يشبب في هذين البيتين، وما أرى إلا انه كان يشبب بمن لا يحسن التشبب بها من النساء، فالمرأة التي ترتفع عن البخل، ويرتفع وصلها عن التمنع، ليست خليفة بالشعر إلا حين يقصد إلى هجائها ولكن المتنبي لا يقف عند مثل هذا التفكير، بل لا يكره أن ينقض هذين البيتين، فيصف صاحبته بالدال الذي يمنعها من أن تتكل، والخفر الذي يمنعها أن تمس فيقول:

خود جنت بينى وبين عواذلي.....حربا وغادرت الفؤاد وطيسا

بيضاء يمنعها تكلم دلها.........تيها ويمنعها الحياء تميسا




فهي ارفع من البخل، ووصلها ارفع من الامتناع، ولكنها مع ذلك من الدل والتيه، ومن الخفر والحياء، بحيث لا تستطيع أن تتكلم، ولا أن تميس، فهي بخيلة كريمة، وهي ممنعة مبتذلة، وهي حيية وقحة.
وقد وجد الشاعر عندها آخر الأمر دواءه من كل داء، فاعرض عن الأطباء، وهانت عليه صفات زعيمهم العظيم:

لما وجدت دواء دائى عندها ............هانت على صفات جلينوسا


ويظهر أن هذه الفتاة التي لا يكره المتنبي أن يرويها بدموعه ، والتي جمعت النقائض من صفات النساء، قد شغلت فتانا حقا، فأنسته التخلص إلى الممدوح، وإذا هو يقتضب الكلام اقتضابا، ويهجم على ممدوحه هجوما لا رفق فيه ولا ظرف فيقول:

أبقى زريق للثغور محمدا........أبقى نفيس للنفيس نفيسا


يقول طه حسين " فانظر إلى هذه النفنفة، أو إلى هذه الفسفة، أو إلى هذه النسنسة التي من تكرار النفيس ثلاث مرات في شطر واحد. واعذر محمد بن زريق إذا ضاق بصاحبه أولا، وبهذا التكرار ثانيا، ويما سيأتي من السخف ثالثا، فلم يعط الفتى إلا عشرة دراهم ، ولم يزده إلا بعد أن شفع إليه الشافعون وزاد المتنبي في المدح.