بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ عنوان الزاد ( الإتقان في العمل ) إن الله -عز وجل- يقول في سورة الملك : { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ } إذن ، المقياس هو العمل الأحسن لا العمل الأكثر !.. فلابد أن نتقن النوعية لا الكمية فحسب !.. أمير المؤمنين ( عليهِ السلام ) من هذا المنطلق يعلمنا الكيف والنوعية . إن الكثير منا يقضي حوائج الغير : مادية وغير مادية ، لذا الإمام علي ( عليهِ السلام ) يضع ثلاث مواصفات قياسية لقضاء حوائج الناس فهو يقول ( عليهِ السلام ) : ( لا يستقيم قضاء الحوائج إلا بثلاث : باستصغارها لتعظم ، وباستكتامها لتظهر، وبتعجيلها لتهنؤ ) . ( باستصغارها لتعظم ) .. أي أن من يقوم بعمل عليه أن لا ينظر إليه على أنه عمل كبير ، ولو عمل الكثير .. إذا قام بذلك ، يبدو العمل عند الله - عز وجل - عظيماً .. فالإنسان ينسى إحسانه للغير، ولكن الإساءة بحق الغير لا ينساها .. مثلا : قبل عشرين سنة أهان مؤمنا ، عندما يراه يتذكر ما عمل بحقه من سوء ، فيستغفر الله عز وجل . ( وباستكتامها لتظهر ) .. إن المؤمن عندما يقوم بعمل ، عليه أن يكتمه مهما كان ظاهره عظيماًً ، وذلك لعدة أسباب منها : أولا :ً أنه { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ } يوم القيامة يعلم هل هذا العمل كان مقبولاً عند الله - عز وجل - أم لا .. هو عليه أن يكتم العمل لأن ذلك قد يكون من موجبات القبول يوم القيامة . ثانياً : كما في الروايات عن رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ وآلهِ و سلم ): ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... ورجل تصدق بصدقة ، فأخفاها حتى لا تعلم شماله ، ما تنفق يمينه ).. إذن المؤمن يكتم عمله ، ورب العالمين يظهرها إن شاء . ( وبتعجيلها لتهنؤ ) .. أي يجب أن لا يماطل المؤمن بقضاء حاجة الطرف المقابل فهو قد يقضي له الحاجة بعد إذلال عندئذ لا قيمة لهذا العطاء .. عندما يقول لك إنسان : نسألك الدعاء !.. وأنت تصافحه قل : اللهم اغفر له !.. لأنك إذا أجّلت ذلك ستنساه . إن الشيخ محمد عبده الذي شرح نهج البلاغة عندما وصل إلى هذه العبارة فهمها بشكل آخر هو فسرها بقضاء حوائج النفس : استصغارها : أي أنت إذا أردت أن تقضى لك الحاجة صغّرها لأن الذي يرى عمله كبيرا ؛ يهاب من هذا العمل .. واستكتماها : بمعنى ( استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود ) واعجلها لتهنأ : أي إن كنت تحب أن تعمل هذا العمل، عجّل في أدائه ، مثلا : تحب أن تزوج ابنك زوّجه فورا حتى يستمتع بهذا العمل . فإذن ، من الممكن أن نفسر هذه العبارات الثلاث ، بقضاء حوائج الإنسان ، بمعنى بإنجازه هو لحوائج نفسه . 31 10 2010