عرض مشاركة واحدة
قديم 10-31-2010, 06:05 AM
المشاركة 93
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( الإتقان في العمل )

إن الله -عز وجل- يقول في سورة الملك :
{ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ }
إذن ، المقياس هو العمل الأحسن لا العمل الأكثر !..
فلابد أن نتقن النوعية لا الكمية فحسب !..
أمير المؤمنين ( عليهِ السلام ) من هذا المنطلق يعلمنا الكيف والنوعية .

إن الكثير منا يقضي حوائج الغير : مادية وغير مادية ، لذا الإمام علي ( عليهِ السلام ) يضع ثلاث مواصفات قياسية لقضاء حوائج الناس فهو يقول ( عليهِ السلام ) :
( لا يستقيم قضاء الحوائج إلا بثلاث : باستصغارها لتعظم ، وباستكتامها لتظهر، وبتعجيلها لتهنؤ ) .

( باستصغارها لتعظم ) .. أي أن من يقوم بعمل عليه أن لا ينظر إليه على أنه عمل كبير ، ولو عمل الكثير ..
إذا قام بذلك ، يبدو العمل عند الله - عز وجل - عظيماً .. فالإنسان ينسى إحسانه للغير، ولكن الإساءة بحق الغير لا ينساها ..
مثلا :
قبل عشرين سنة أهان مؤمنا ، عندما يراه يتذكر ما عمل بحقه من سوء ، فيستغفر الله عز وجل .

( وباستكتامها لتظهر ) .. إن المؤمن عندما يقوم بعمل ، عليه أن يكتمه مهما كان ظاهره عظيماًً ، وذلك لعدة أسباب منها :
أولا :ً
أنه { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }
يوم القيامة يعلم هل هذا العمل كان مقبولاً عند الله - عز وجل - أم لا .. هو عليه أن يكتم العمل لأن ذلك قد يكون من موجبات القبول يوم القيامة .
ثانياً :
كما في الروايات عن رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ وآلهِ و سلم ):
( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... ورجل تصدق بصدقة ، فأخفاها حتى لا تعلم شماله ، ما تنفق يمينه ).. إذن المؤمن يكتم عمله ، ورب العالمين يظهرها إن شاء .

( وبتعجيلها لتهنؤ ) .. أي يجب أن لا يماطل المؤمن بقضاء حاجة الطرف المقابل فهو قد يقضي له الحاجة بعد إذلال عندئذ لا قيمة لهذا العطاء ..
عندما يقول لك إنسان : نسألك الدعاء !.. وأنت تصافحه قل : اللهم اغفر له !.. لأنك إذا أجّلت ذلك ستنساه .
إن الشيخ محمد عبده الذي شرح نهج البلاغة عندما وصل إلى هذه العبارة فهمها بشكل آخر هو فسرها بقضاء حوائج النفس : استصغارها : أي أنت إذا أردت أن تقضى لك الحاجة صغّرها لأن الذي يرى عمله كبيرا ؛ يهاب من هذا العمل .. واستكتماها : بمعنى ( استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود )
واعجلها لتهنأ : أي إن كنت تحب أن تعمل هذا العمل، عجّل في أدائه ، مثلا : تحب أن تزوج ابنك زوّجه فورا حتى يستمتع بهذا العمل .
فإذن ، من الممكن أن نفسر هذه العبارات الثلاث ، بقضاء حوائج الإنسان ، بمعنى بإنجازه هو لحوائج نفسه .
31
10
2010