عرض مشاركة واحدة
قديم 10-30-2010, 09:50 PM
المشاركة 61
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الخطة ( شامل ) المعدة لنسف الثغرة :


بعد جنوح العدو وإصراره على خرق وقف إطلاق النار وتفجر الخلافات بين الفريق الشاذلى والرئيس السادات حول الحل الأمثل في تصفية الثغرة ,
رفض السادات خطة الشاذلى وأمر بإعداد خطة سريعة لتصفية الجيب الإسرائيلي دون الحاجة لسحب أى قوة من الشرق ,
وعليه تم إعداد الخطة ( شامل ) لتصفية الموقع الإسرائيلي غرب القناة بعد إتمام حصاره ,
وكانت الخطة جاهزة للإعداد يوم 29 أكتوبر بعد أن امتثلت القوات الإسرائيلية بالفعل لوقف إطلاق النار وذلك بناء على الضغط الأمريكى الذى مارسه هنرى كيسنجر على جولدا مائير عقب وصول رسالة السادات إليه , والتى رد عليها بتهديد مبطن ولكنه عرض في نفس الوقت انسحاب القوات الإسرائيلية من مواقعها غرب القناة للحيلولة دون تدميرها , بعد التعهد بالتزام إسرائيل بإيقاف العمليات فورا
وكانت رسالة السادات الخفية بإطلاق صاروخين ( سكود ) قد أتت ثمارها دون شك , حيث عكست إصرار مصر على توقف النشاط الإسرائيلي والتعهد بسحب كافة القوات وفك الحصار عن الجيش الثالث ومدينة السويس وإما تصفية هذه القوات وإبادتها ,
وكانت أهداف تلك المرحلة هى اتخاذ الإجراءات اللازمة لو لم تستجب القوات الإسرائيلية للتهديد المصري وكان ترتكز على النقاط التالية :
أولا : إحداث أكبر خسائر ممكنة في قوات العدو وأسلحته ومعداته عن طريق عمليات الصاعقة والمظلات وهو ما تم تنفيذه بالفعل منذ بدء المواجهات حتى تم تسمية المعارك بحرب الإستنزاف الثانية
ثانيا : القيام بعمليات إزعاج مستمرة على أوسع نطاق حتى يصبح بقاء قوات العدو في غرب القناة جحيما لا يطاق
ثالثا : إرغام إسرائيل على الإستمرار في تعبئة قواتها الإحتياطية مما يهدد الحياة العامة فيها بالشلل الكامل وهو ما لا تحتمله إسرائيل بينما كان فى طاقة الجيش الثالث والسويس احتمال الحصار لعدة أشهر
رابعا : بعد إتمام هذه التمهيدات يتم تنفيذ الخطة شامل بقيادة اللواء سعد مأمون ـ والذى تعافي من إصابته ـ وتولى قيادة الجيش الذى تم إعداده من الإحتياطى المصري والحرس الجمهورى لتصفية الثغرة



وقد تم في تلك الفترة حوالى 1500 إشتباك بالنيران اشتمل على 439 عملية فقط هى ما تم الإعلان عنه من الجانب الإسرائيلي والباقي تم التعتيم عليه ,
ووفقا للبيانات الإسرائيلية تكلفت القوات الإسرائيلية الخسائر التالية [1] فى المرحلة الأخيرة فقط :
أولا : تدمير 11 طائرة و41 دبابة وعربة مدرعة وعشر رشاشات ثقيلة
ثانيا : تدمير 36 بلدوزر ومعدة هندسية ومعدة ركوب
ثالثا : إصابة ناقلة البترول الإسرائيلية ( سيرينا ) وتوقف خدمتها بأعطاب جسيمة
رابعا : إغراق قارب إنزال بحرى
خامسا : قتل 187 فردا من ضباط وجنود العدو بالإضافة لمئات الجرحى والأسري



وبهذا الشكل تمكنت القوات المصرية من تمهيد الطريق أمام تنفيذ الخطة ( شامل ) والتى تم إعداد قواتها وتكليف قيادتها للواء سعد مأمون وكانت تحتوى على فرقتين مدرعتين هما الفرقة 4 والفرقة 21 بالإضافة إلى ثلاث فرق مشاة ميكانيكى دفعة واحدة وهى الفرق الثالثة والسادسة والثالثة والعشرين ,
فضلا على مجموعات مختلفة من الصاعقة والمظلات جاهزة من قوات الإحتياطى العام ,
وقبل بدء مهمة هذا الجيش العرمرم كان موقف القوات الإسرائيلية غرب القناة كما يلي :
أولا : زال التهديد العسكري تماما غرب القناة سواء فى طريق القاهرة أو الدلتا بعد أن تم حشد القوات المصرية الإحتياطية غرب القناة وإعادة التوازن الإستراتيجى للقوات المصرية فى شرق القناة ليصبح الجيب الإسرائيلي بين المطرقة والسندان
ثانيا : تفوقت القوات المصرية غرب القناة على قوات العدو بمعدل 2 : 1 ونجحت عملية حصار قوات العدو فى غرب القناة بحيث لم يستطع أن يتجاوز الجيب المحصور بمتر واحد
ثالثا : تحصن الإسرائيليون داخل الجيب المحاصر عن طريق حفر الخنادق وبث الألغام على طول المواجهة مع القوات المصرية بعد أن نجحت قوات الصاعقة والمظلات المصرية فى تنفيذ 439 عملية عسكرية لاستنزاف قوات العدو المحاصرة مما كان له أبلغ الأثر فى انخفاض الروح المعنوية لهذه القوات ,
رابعا : فشل العدو فشلا ذريعا فى تحقيق أى هدف من أهداف عملية الثغرة رغم الخسائر الهائلة التى تعرض لها فلم تنجح المحاولات لاحتلال السويس أو الإسماعيلية ولم تنجح محاولة القضاء على الجيش الثالث أو تصفية رأس كوبري الجيش الثانى وبقيت رءوس كباري الجيش الثالث فى شرق القناة قوية كما هى منذ بدء العمليات رغم خضوع مؤخرة الجيش للحصار فى غرب القناة مما جعل الحصار الإسرائيلي معدوم الهدف ,
خامسا : ارتفعت الروح المعنوية للقوات المصرية فى تلك الفترة إلى عنان السماء بعكس ما أرادت القوات الإسرائيلية من عملية الثغرة وذلك بعد أن أدركت القوات المصرية حقيقة وضع العدو وهو محصور بين القوات المصرية التى تحاصر قواته غرب القناة من جهة وتحاصره قناة السويس من الجهة المقابلة وخلف القناة قوات الفرق المصرية الخمس شرق القناة
هذا فضلا على عجز قوات العدو غرب القناة من رد أى عملية هجوم على القوات المصرية بعد أن عادت شبكة الدفاع الجوى المصري إلى نفس كفاءتها السابقة وردع طيران العدو ـ وهو عامل تفوقه الوحيد ـ عن التدخل تماما
سادسا : اضطرت القوات الإسرائيلية إلى اتخاذ أوضاع دفاعية فى غرب القناة رغم أنها بصدد عملية هجومية وذلك بعد أن اضطرتها القوات المصرية إلى حفر خندق مضاد للدبابات قبعت خلفه القوات الإسرائيلية ترقبا للهجوم المصري عليها مما أفقدها أى ميزة للمبادأة وجعلتها فى حالة حصار بعكس ما كان متوقعا من مهمتها الأصلية
سابعا : أصبحت القوات الإسرائيلية فى غرب القناة رهينة فى قبضة الجيش المصري بعد أن تحقق المحظور الذى كانت تخشاه القيادة الإسرائيلية وهو انقطاع القوات الإسرائيلية فى الغرب عن القوات القابعة فى الشرق ما عدا طريق ضيق عرضه عشرة كيلومترات يسهل قطعه من القوات المصرية فور اتخاذها القرار بذلك


بنود الخطة شامل :
بعد حالة الحصار الكامل التى مهدتها القوات المصرية كانت بنود الخطة شامل كما يلي :
أولا : تقوم القوات المصرية شرق القناة من اتجاه رأس كوبري الفرقة 16 مشاة لإغلاق ثغرة الإختراق من المنبع فى الشرق وفصل القوات الإسرائيلية عن خطوط مواصلاتها فى الغرب وإحكام دائرة الغلق والحصار حولها ,
ثانيا : تقوم القوات المصرية بتوجيه ضربة أخرى فى اتجاه محور أبو سلطان باتجاه الدفرسوار غرب القناة
ثالثا : تقوم القوات المصرية بتوجيه ضربة ثالثة على محور طريق السويس فى اتجاه مدينة السويس للوصول بأقصي سرعة إلى المدينة وفك حصارها وفك الحصار عن الفرقتين 7 و19 مشاة التابعتين للجيش الثالث
وتكون الضربة الرابعة على محور طريق جنيفة فى اتجاه البحيرات المرة الصغري ,
والضربة الخامسة والأخيرة موازية لخليج السويس فى اتجاه ميناء الأدبية ,

ولم يتح القدر للخطة شامل أن يتم تنفيذها بعد أن تم تحقيق الفصل الفعلى بين القوات وفك حصار القوات الإسرائيلية غرب القناة يوم 17 يناير 1974 تحت إشراف الأمم المتحدة وبدأت إسرائيل فى سحب كافة قواتها غرب القناة وصدر القرار السياسي عند ذلك بتجميد الخطة شامل بعد إتمام القوات الإسرائيلية انسحابها ,
وذلك بعد أن ظلت القوات الإسرائيلية رهينة الحصار ورهينة الإبادة بالخطة شامل طيلة الفترة من 28 أكتوبر وحتى موعد فض الإشتباك في 17 يناير 1974 م
وبهذا انتهت عمليا آخر معارك حرب السادس من أكتوبر بفشل ذريع لعملية الغزالة أو عملية القلب الشجاع والذى حولها المصريون إلى عملية القلب المذعور ,


الهوامش:
[1]ـ المعارك على الجبهة المصرية ـ مصدر سابق