المرحلة الثانية من معارك الثغرة في تلك المرحلة اكتمل للعدو سبعة ألوية مدرعة غرب القناة ( 3 ألوية من فرقة إبراهام و2 من فرقة شارون و2 فرقة كلمان ماجن ) وذلك بعد حصر خسائر الفرق الثلاث خلال معارك المرحلة الأولى من معارك الثغرة , ولم يكن للقوات المصرية سوى لواءين مدرعين من الفرقة الرابعة المدرعة بخلاف الإحتياطى الإستراتيجى التابع للقيادة العامة وفى شرق القناة عجزت قوات العدو عن إنجاح أى هجوم مضاد أو تهديد رأس كوبري الجيش الثانى المصري تهديدا فعليا يؤدى إلى سقوطه بعد أن نجحت القوات المصرية في رد جميع الهجمات والإحتفاظ برأس الكوبري وفق تعليمات القيادة العامة كأول أهداف معارك تلك المرحلة , وهكذا تحول معظم نشاط العدو إلى غرب القناة وركزت القوات الموجودة بقوة ثلاث فرق في محاولة إنجاز أهداف القيادة الإسرائيلية في عملية تطويق أحد الجيشين وتهديد مدن القناة , وتمثلت خطة العدو في تنفيذ المهمات على النحو التالى , فرقة شارون : وتختص بالمحور الشمالى محور الإسماعيلية وكان هدفه الإستيلاء على مدينة الإسماعيلية بعد عبور ترعة الإسماعيلية وكانت القوات المصرية التي تواجه قوات شارون المدرعة هى اللواء 182 مظلات بقيادة إسماعيل عزمى وكتيبتين من الصاعقة دون أى قوات مدرعة , فرقتى كلمان ماجن وإبراهام أدان : وتعمل على المحور الجنوبي محور السويس وهدفها هو أحد أهداف العملية الرئيسية وهو إسقاط مدينة السويس والتى كان منتظرا أن يحدث سقوطها دويا هائلا , بالإضافة إلى استكمال حلقة حصار الجيش الثالث تمهيدا بإبادته , مع الوضع في الإعتبار أن التحركات الدولية للقوتين العظميين الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتى توافقتا على ضرورة وقف إطلاق النار بناء على قرار مجلس الأمن , وكانت الإتصالات والتحركات الدولية من القوتين العظميين وغيرهما تضاهى سخونة المعارك نظرا لامتداد تأثير الحرب في الشرق الأوسط على مجريات الأمور السياسية بعد العالم , وحسن استخدام العرب لسلاح البترول الذى تدخلت به دول الخليج العربي إلى جوار دول المواجهة , وكان الإتحاد السوفياتى والولايات المتحدة حاولا وقف إطلاق النار منذ اليوم الثانى الحرب ورفضت مصر وأخذت الأمور في شد وجذب حتى أعلن الرئيس السادات في خطابه أمام مجلس الشعب يوم 16 أكتوبر شروطه لوقف إطلاق النار ورؤاه حول التسوية , ثم تقدمت الإقتراحات لمجلس الأمن بضرورة فرض وقف إطلاق النار وتم عرض موعد يوم 22 أكتوبر لوقف إطلاق النار وقبلته الأطراف المعنية وإن تأخرت سوريا في قبوله بعض الوقت , وقبلته مصر لكن إسرائيل أعلنت موافقتها وهى تضع بذهنها ضرورة استغلال وقف إطلاق النار للإسراع بتنفيذ أهدافها بتغطية من الولايات المتحدة أو بمعنى أصح بتغطية من هنرى كيسنجر الذى حرض إسرائيل رسميا على قبول وقف إطلاق النار وخرقه بعد ذلك كوسيلة مضمونة لتحقيق أهداف عملية الثغرة وبالتالى كانت أمام الفرق الإسرائيلية الثلاث مدة كافية لوضع جدول زمنى سريع لانجاز المهام المطلوبة , و عليه تحركت قوة لواء تابعة إلى فرقة إبراهام بقيادة الكولونيل جابي في اتجاه مطار فايد وواجه خلال تقدمه مقاومة مصرية عنيفة فتم إمداده بكتيبة مشاة إضافية فضلا على كتيبة مهندسين ومع ذلك نجحت القوة المصرية الصغيرة التي تدافع عن منطقة فايد وعن المطار بقيادة العقيد حسين حسنى في وقف تقدم اللواء المدرع المدعم طيلة نهار يوم 19 أكتوبر واضطرت المقاومة المصرية التي كان معظمها مشكلا من الوحدات الإدارية الضعيفة وبعض مجموعات المخابرات الحربية إلى الإنسحاب صباح يوم 20 أكتوبر , وبسقوط مطار فايد في يد العدو تمكن من إنشاء جسر رأس كوبري جوى على الضفة الغربية للقناة تمتد منه الإمدادات من الضفة الشرقية وخلال تلك الفترة تقدم لواءان مدرعان من فرقة إبراهام أيضا في اتجاه جبل جنيفة وتمكن اللواءان من الإستيلاء على تلك النقطة الحيوية في 21 أكتوبر رغم المقاومة المصرية من اللواء 113 ميكانيكى ولكنه لم ينجح لتأخره في الإستيلاء على تلك النقطة قبل قوات العدو مما تسبب في سقوطها وقبيل فجر يوم 22 أكتوبر تلقي الجنرال إبراهام أدان برقية تفيد بالموعد المحدد لوقف إطلاق النار في الساعة السادسة مساء نفس اليوم , ولهذا وضع الجنرال إبراهام خطته على أساس تنفيذ الإستيلاء على مدينة السويس قبل وقف إطلاق النار حتى لو كانت أمامه فرصة لخرق وقف إطلاق النار فينبغي استخدام تلك الفرصة لتثبيت الوصول للهدف , واندفع الجنرال إبراهام بقوته الضاربة المكونة من ثلاثة ألوية مدرعة اندفاعا سريعا يهدف إلى تحقيق قدر من الفزع للقوات المصرية التي تواجهه فتترك أماكنها نتيجة لانعدام قدرتها أمام الدبابات والتفوق الجوى وهو الأمر الذى نجح في معارك 67 لكنه فشل فشلا تاما في معارك أكتوبر في ظل استراتيجية القتال المصرية ( الرجل ضد الدبابة ) ولهذا انتفي عنصر الفزع من هجوم الدبابات ولم ينجح , وذلك بسبب التدريبات المذهلة التي تلقاها فرد المشاة المصري لتأهيله لاعتياد منظر انقضاض الدبابات الذى يثير الفزع في قلوب أعتى الرجال , لكنه مع رجال المشاة المصريين كان أمرا اعتادوه طيلة ست سنوات من التدريب كانت الدبابات تعبر فوق رءوسهم على الخنادق حتى أصبح هديرها المرعب أشبه بالموسيقا الكلاسيكية لا ينام فرد المشاة إلا على صوته ! فقام الجنرال إبراهام باستغلال تفوقه في التسليح باعتبار سلاحه الرئيسي هو الدبابات واندفع بسرعة وبتركيز ملتفا ومتفاديا للمقاومة التي كان يواجهها وهى مقاومة أفراد وبقية الوحدات الإدارية في الأساس , ورغم تيسر الأمر أمامه إلا أنه عجز عن الوصول إلى منطقة مجرى قناة السويس ومدينة السويس عندما حل موعد وقف إطلاق النار في السادسة من مساء يوم 19 أكتوبر , أما فرقة الجنرال كلمان ماجن , فقد اندفعت ـ كما هو متفق عليه ـ لمعاونة فرقة إبراهام على احتلال السويس من يوم 20 أكتوبر في محاولة محمومة قبل وقف إطلاق النار ونجحت في الإستيلاء على بعض النقاط الحيوية مستغلة غياب المقاومة وخلو تلك المواقع من القوات المصرية , وكان حدها الأقصي عندما حل وقف إطلاق النار على بعد 5 كيلومتر من طريق القاهرة ـ السويس , وكان مجلس الأمن قد أصدر قراره المتفق عليه بين الأطراف المعنية وبرعاية الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتى على وقف إطلاق النار يوم 22 أكتوبر وهو القرار رقم 338 مكونا من ثلاثة بنود , الأول : دعوة الأطراف المعنية لوقف إطلاق النار وإلى إنهاء النشاط العسكري في وقت لا يتعدى 12 ساعة من ساعة صدور القرار وهى السابعة من صباح يوم 22 أكتوبر الثانى : دعوة الأطراف المعنية إلى البدء فورا بعد وقف إطلاق النار في تنفيذ القرار 242 بجميع أجزائه وهو القرار الذى صدر عن مجلس الأمن في مرحلة سابقة ويشجب ضم أراضي الغير بالقوة , الثالث : البدء في مفاوضات فورية بين الأطراف المعنية ,