عرض مشاركة واحدة
قديم 10-30-2010, 09:21 PM
المشاركة 54
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وبعد أن تمت هذه المهمة ونظرا لأن القوات الإسرائيلية لم تنشئ إلا جسر المعديات فقط ,
فقد دعت الحاجة إلى ضرورة التصرف لإنشاء الجسر الثانى وهو الجسر الثابت السابق التركيب والذي تعطل وصوله مع المعارك في الأيام السابقة ,
وفى صباح 18 أكتوبر أصدر شارون أوامره باستقدام الجسر عبر المنطقة التي سيطرت عليها قوات إبراهام أدان , وتم استقدام الجسر عن طريق طرطور وتجره 12 دبابة إسرائيلية بطوله البالغ 18 مترا , وتعطلت عملية استقدام الجسر عدة مرات نظرا لتهتك الحبال التي تجر معداته فضلا على القصف المدفعى المستمر من القوات المصرية مما كبد القوات الإسرائيلية مزيدا من الخسائر في الأفراد والمعدات ,
وهكذا استمرت عملية نقل الجسر طوال اليوم تقريبا واستهلكت النهار ,
وعند قرب معدات الجسر من منطقة العبور تعرضت القافلة لغارة جوية عنيفة من الطيران المصري تكبد فيها الإسرائيليون مزيدا من الخسائر إلا أن الخسارة الفادحة التي قصمت ظهر العملية كانت في مقتل كبير المهندسين العسكريين الماجور جونى تان , الذى كان واحدا من أكبر خبراء إقامة الجسور فضلا على درايته التامة في مجال دراسة التربة التي يتحرك فوقها الجسر فيحدد المناطق الصالحة للسير وتلك التي لا تصلح
وكان مقتله يهدد عملية إنشاء الجسر كلها بالفشل لأن العملية لن تحتمل أى خطأ ناجم عن انعدام الخبرة في هذا المجال الحساس لا سيما مع انفراد المهندس القتيل في مجاله وعدم وجود من يسد مكانه
واضطر قائد المجموعة الكولونيل جاكى إلى استكشاف التربة بنفسه معتمدا على الحظ وحده مغامرا بغرس الجسر الثقيل في أى لحظة أثناء عملية النقل ,
ونجح قائد المجموعة أخيرا في الوصول إلى نقطة الإنزال وتمت إقامة الجسر على بعد 200متر من جسر المعديات وأقام الإسرائيليون الجسر وأضافوا جسرا ثالثا من المعديات
وبدأت عملية إخلاء المنطقة من المصابين والجرحى من أثر القصف المصري وتمت أيضا عملية حصر لقوات الكولونيل جاكى الذى خسر نحو 41 ضابطا وجنديا خلال ليلة واحدة فقط !
بينما خسرت إسرائيل في عملية العبور قبل تمامها 100 قتيل من الضباط والجنود بخلاف عدة مئات من الجرحى والمصابين وفقا للإحصائيات الرسمية الإسرائيلية ,

وكانت المعلومات قد توفرت في نفس اليوم 18 أكتوبر عن مدى اتساع ثغرة الإختراق وأهداف العملية الأصلية للقيادة المصرية عقب تجربة اللواء 25 المدرع المستقل
وفى نفس اليوم وضعت القيادة أول خطة لتصفية ثغرة الإختراق في شرق القناة وغربها وتقتضي بقيام اللواء 23 المدرع بهجوم مضاد على رأس الكوبري الإسرائيلي في منطقة الدفرسوار غرب القناة بمعاونة من اللواء 116 ميكانيكى , على أن تقوم في نفس الوقت وحدات من الفرقتين 16 مشاة و21 المدرعة بعملية مهاجمة النقطة القوية للعدو شرق القناة وإغلاق الطريق المؤدى إلى نقطة العبور واستعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه ,

وتحددت ساعة الصفر لتنفيذ الهجوم في الثانية عشرة من ظهر 18 أكتوبر قبل تمكن الإسرائيليين من تنفيذ إقامة الجسر الثانى غير أن ساعة الصفر تأخرت بسبب قيام العدو بقصف عنيف للطيران فوق رأس الكوبري الموحد للجيش الثانى مما أربك تحضيرات الهجوم وأصيب فيه قائد الفرقة 16 مشاة العميد عبد رب النبي حافظ ,
وبالطبع استغل العدو تفوقه الجوى بعد أن تمكن من تدمير بعض بطاريات الدفاع الجوى المصري في منطقة العبور وتسبب هذا التفوق الجوى أيضا في تعطيل مهمة كتيبة المشاة الميكانيكى المكلفة بالهجوم على منطقة قرية الجلاء مما أدى إلى ارتدادها والإنضمام إلى بقية القوات المصرية في الخط الدفاعى شمال القرية ,
في نفس الوقت الذى واجه فيه اللواء الأول المدرع اشتباكا جانبيا أثناء تقدمه لأداء مهمته وتمكن من تدمير 13 دبابة إسرائيلية رغم تعرضه للهجوم من ثلاثة جوانب وقيام بعض دبابات العدو غرب القناة بتهديد جانبه الأيمن ,
ونظرا لكثافة الهجوم ارتد اللواء للخلف بخسائر كبيرة في دباباته رغم أدائه البطولى ,
وركز العدو هجماته على رأس الكوبري الموحد من الطريق الأيمن نظرا لقلة عدد الدبابات فيه مما استدعى قائد الجيش الثانى بإصدار أوامره إلى اللواء 24 المدرع بأن يتقدم إلى منطقة شمال غرب الطالية لتعزيز رأس الكوبري الموحد
غير أن اللواء تعرض للقصف الجوى والمدفعى المكثف وعجز عن الإنضمام لا سيما مع سحب بعض كتائبه للمشاركة في الهجوم المضاد
ونظرا لهذه الهجمات التي أتت في توقيت تحضير الهجوم المضاد على الثغرة شرق وغرب القناة تعطلت المهمة التي كانت مكلفة بها هذه القوات واضطرت إلى العمل على صد الهجوم الواقع على رأس الكوبري الموحد ونجحت القوات المصرية في رد الهجوم فضلا على نجاح الفرقة 21 المدرعة التي تحملت أكبر المهام في ردع هجمات العدو طيلة الأيام السابقة في تحقيق إنجاز آخر عندما أظهرت الصور الجوية التي التقطت لمنطقة الدفرسوار أن قوات الفرقة تمكنت من تدمير عدد قياسي من دبابات العدو في منطقة شرق وجنوب الدفرسوار حيث تتركز المدرعات الإسرائيلية ,
ونتيجة لهذا فقد أعد اللواء عبد المنعم خليل خطته على تنفيذ الهجوم في اليوم التالى 19 أكتوبر مع إسناد قيادة رأس الكوبري الموحد للعميد إبراهيم العرابي قائد الفرقة 21 المدرعة ,
وفى نفس الوقت طلب قائد الجيش الثانى استمرار ضرب المدفعية على رأس الكوبري الإسرائيلي وهو القصف الذى تواصل منذ بداية معارك الثغرة , وطلب قائد الجيش الثانى إمداده بعدد من قواذف الصواريخ المضادة للدبابات للحاجة الشديدة إليها لتكوين أطقم اقتناص للدبابات في مواجهة مدافع تاو الأمريكية التي تكثف القوات الإسرائيلية استخدامها ,
وفى نفس اليوم مساء وصل الفريق سعد الدين الشاذلى إلى مقر قيادة الجيش الثانى الميدانى قادما من مركز القيادة رقم 10 بناء على تكليف من الرئيس السادات لمعالجة موضوع الثغرة , وقضي في مقر قيادة الجيش الثانى نحو أربعين ساعة قائما بأعمال القيادة مع اللواء عبد المنعم خليل ومشرفا على العمليات خلال تلك الفترة ,

وقبيل وصول الفريق الشاذلى تم البدء في عمليات مقاومة الإختراق عن طريق الإعداد للهجوم المضاد المدرع صباح يوم 19 وتم أيضا إبرار مجموعات الصاعقة والمظلات لمهاجمة لواء المظلات الذى عبر في بداية الأحداث غرب القناة وقضي الفترة البينية دون أى اشتباك مع القوات المصرية ,
وقام لواء مظلات مصري ومجموعة من الصاعقة بمهاجمة القوات الإسرائيلية بغرض منع العدو من توسيع ثغرة الإختراق وتطهير المنطقة من قواته , والإستعداد لتكوين مجموعات اقتناص للدبابات والسيطرة على المنطقة ما بين الإسماعيلية حتى مطار الدفرسوار شرقا ,
وتمكنت قوات المظليين من تكبيد العدو خسائر فادحة بعدد من العمليات البطولية التي أشادت بها القيادة العامة والفريق الشاذلى كما خسرت في العمليات 11 ضابطا و74 من الجنود والأفراد ,
ولأن قوات الصاعقة في مهماتها الأصلية عبارة عن قوات مجهزة لعمل الإغارات والكمائن وليست مجهزة لاحتلال المواقع والسيطرة على المناطق باعتبار أن طبيعة عمل الصاعقة تعتمد على الحركة , لذا فقد أدت مجموعات الصاعقة والمظلات مهمتها وانسحبت تحت ستر الظلام يوم 19 أكتوبر إلى منطقة سرابيوم وأبو سلطان بأمر قائد المجموعة ,
وصباح يوم 19 دخلت القوات المدرعة المعدة لمواجهة الثغرة في معركة مع قوات الجنرال إبراهام أدان وخاض اللواء 23 المدرع معركة ناجحة ضد تفوق واضح لقوات العدو ونجح في تشتيت قوة العدو وإن لم ينجح بالطبع في مهمة تصفية وجود العدو بعد أن استقر بقوات كبيرة في منطقة العمليات ,
وتم سحب اللواء وإعادة تجميعه وتعويض خسائره ,

وهكذا كان الوضع يوم 19 أكتوبر ناجحا في زعزعة مركز العدو وتكبيده خسائر كبيرة في الأفراد والمعدات ولم تنجح مهمة التصفية النهائية لقوات العدو لأنها كانت فوق طاقة القوات المهاجمة , ولهذا تعدلت المهمة بناء على أوامر القيادة العامة إلى ثلاثة أهداف جديدة وهى ,
الأول : التمسك برأس الكوبري شرق القناة ومنع تآكل الجانب الأيمن من الجيش الثانى ,
الثانى : منع العدو من الوصول إلى مدينة الإسماعيلية والإستيلاء عليها
الثالث : منع العدو من السيطرة على طريق الإسماعيلية ـ مصر الصحراوى وكذلك منعه من تحقيق أى أهداف في مدينة السويس سواء بالإحتلال أو السيطرة
وكانت هذه الأهداف التي وضعتها القيادة العامة في تلك المرحلة كفيلة بضرب عملية الثغرة من خلال ضرب أهدافها في مقتل ثم التفرغ لحصار العدو غرب القناة بحجم قواته تمهيدا لإبادتها ,
وكانت أهداف العدو من عبور الفرقتين المدرعتين واللتين لحقت بهما فرقة ثالثة هى محاولة الإستيلاء على الإسماعيلية والسويس والسيطرة على طريق القاهرة وقطعه , بالإضافة إلى تطويق الجيش الثالث والتهميد لإبادته لتوجيه ضربة قاصمة للقوات المصرية ,
وهى الأهداف التي عجز العدو عن تحقيقها حتى بعد اختراقه لوقف إطلاق النار وتوقف القتال يوم 28 أكتوبر