عرض مشاركة واحدة
قديم 10-30-2010, 05:56 AM
المشاركة 91
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد

( أثر الحكمة الطيبة )

إنه لمن المناسب للمؤمن بين وقت وآخر عندما يتعب ، أن يهدي لنفسه طرائف الحكم ..
يقول علي ( عليهِ السلام ) :
( إنّ هذه القلوب تملّ كما تملّ الأبدان ؛ فابتغوا لها طرائف الحكم ) ، غذاء الروح ؛ الحكمة الطيبة ..
أمير المؤمنين ( عليهِ السلام ) هو سيد الحكماء ، له كلمات حكمية مدونة ..
من مزايا أمير المؤمنين ( عليهِ السلام ) أنّ له تراثا مدوّنا ، بعنوان :
" نهج البلاغة " هو فيه بلاغة ، ولكنه نهج السعادة .. ومن هنا عكف العلماء من مختلف المذاهب على شرح هذا النهج ، الذي هو عبارة عن رسائل الإمام ، وخطبه ، وكلماته القصيرة ..
من حكمه ( عليهِ السلام ) :
( ما أضمر أحد شيئا ، إلا ظهر في فلتات لسانه ، وصفحات وجهه ) ..
بعض الناس عندهم سلوك باطني ، وسلوك خارجي متفاوت ..
مثلا :
يضمر العداء لإنسان ما ، أو لا يرتاح له ؛ ولكنه يتكلف له ، ويجامله .. علي ( عليهِ السلام ) يقول :
هذا الإنسان المجامل في يوم من الأيام ينكشف أمره ؛ لأن الإنسان لا يمكنه المجاملة إلى آخر العمر ..
إذا كان له زوجة لا توافقه في الأمور ، لماذا لا يحاول أن يحل الأمور من جذورها ، ويبحث عن الأسباب التي جعلت هذه الزوجة تنفر منه ؟.. فإسكاتها بهدية ، أو بسفرة كما هو المتعارف ؛ هذا ليس بحل جوهري .
فإذن ، إن الحل يكمن في أن يجعل الإنسان قلبه نظيفا نقيا ، لا يحمل غلا على أحد ..
ومن هنا رب العالمين ، قبل أن يدخل أهل الجنة الجنة يصفّيهم ،
{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ } ؛
لأن هذا الغل ، يمنع من دخول الجنة .
قد يقول قائل : الناس لهم سلبياتهم !.. الجواب هو : انظر إلى النصف الممتلئ من الكأس ، لا إلى النصف الفارغ منه !..
هذا إنسان مؤمن ، له خيراته ، وله هفوة ما مع البعض .. هذا لا ينبغي أن يغطي على كل حسناته ..
مثلا :
هناك زوجة أنجبت ذرية صالحة ، وهي طيلة عشرين أو ثلاثين سنة ، تغسل وتطبخ وتنظف ؛ الآن هذه السنة ساء خلقها .. على الزوج أن يتحملها ، مقابل السنوات الطويلة .. ولكن مشكلتنا نحن ، أننا عادة ننظر إلى القسم الخالي دائما .
( امش بدائك ، ما مشي بك ) ..
وهنا خطاب للمرضى .. بعض الناس في أول حالة مرضية ولو صداع بسيط، يذهب إلى المستشفيات ، ويجلب مجموعة كبيرة من العقاقير الطبية ..
فلو صبر يوما أو يومين ، لذهبت العلة ، وشفي بدعائه وبحميته ، ولم يتأثر بالعوارض الجانبية التي يجمع عليها الأطباء ..
فهذه الأدوية سموم : تصلح جانبا ، وتفسد جانبا آخر ..
قال ( عليهِ السلام ) : ( رب دواء جلب داء ) .
يقول ( عليهِ السلام ) : ما دام الداء سهل الاحتمال ، فاصبر !..
يقول علي ( عليهِ السلام ) في إحدى كلماته :
( كان لي فيما مضى أخ في الله ... وكان لا يشكو وجعاً ، إلا عند برئه ) ؛ أي إن كان ولابد من ذكر المرض ، لا يذكره إلا بعد شفائه ..
هكذا يوصينا علي ( عليهِ السلام ) !..
وهنا إيماء إلى ما أمرنا به من كتمان المرض ، كما قال الرسول - صلّى اللّه عليه وآله - :
( من كنوز البرّ : كتمان الصدقة ، والمرض ، والمصيبة ) .
( أفضل الزهد ، إخفاء الزهد ) ..
الذي يترك الدنيا للدنيا ، هذا من أكبر الطواغيت ، هذا مستكبر !.. لأنه يزهد في الدنيا ؛ طلبا للدنيا ، وجلبا للقلوب .. وكذلك الجهر بالعبادة والزّهادة ، لا يسلم من مخالطة الرياء .
30
10
2010