بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ عنوان الزاد ( أثر الحكمة الطيبة ) إنه لمن المناسب للمؤمن بين وقت وآخر عندما يتعب ، أن يهدي لنفسه طرائف الحكم .. يقول علي ( عليهِ السلام ) : ( إنّ هذه القلوب تملّ كما تملّ الأبدان ؛ فابتغوا لها طرائف الحكم ) ، غذاء الروح ؛ الحكمة الطيبة .. أمير المؤمنين ( عليهِ السلام ) هو سيد الحكماء ، له كلمات حكمية مدونة .. من مزايا أمير المؤمنين ( عليهِ السلام ) أنّ له تراثا مدوّنا ، بعنوان : " نهج البلاغة " هو فيه بلاغة ، ولكنه نهج السعادة .. ومن هنا عكف العلماء من مختلف المذاهب على شرح هذا النهج ، الذي هو عبارة عن رسائل الإمام ، وخطبه ، وكلماته القصيرة .. من حكمه ( عليهِ السلام ) : ( ما أضمر أحد شيئا ، إلا ظهر في فلتات لسانه ، وصفحات وجهه ) .. بعض الناس عندهم سلوك باطني ، وسلوك خارجي متفاوت .. مثلا : يضمر العداء لإنسان ما ، أو لا يرتاح له ؛ ولكنه يتكلف له ، ويجامله .. علي ( عليهِ السلام ) يقول : هذا الإنسان المجامل في يوم من الأيام ينكشف أمره ؛ لأن الإنسان لا يمكنه المجاملة إلى آخر العمر .. إذا كان له زوجة لا توافقه في الأمور ، لماذا لا يحاول أن يحل الأمور من جذورها ، ويبحث عن الأسباب التي جعلت هذه الزوجة تنفر منه ؟.. فإسكاتها بهدية ، أو بسفرة كما هو المتعارف ؛ هذا ليس بحل جوهري . فإذن ، إن الحل يكمن في أن يجعل الإنسان قلبه نظيفا نقيا ، لا يحمل غلا على أحد .. ومن هنا رب العالمين ، قبل أن يدخل أهل الجنة الجنة يصفّيهم ، { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ } ؛ لأن هذا الغل ، يمنع من دخول الجنة . قد يقول قائل : الناس لهم سلبياتهم !.. الجواب هو : انظر إلى النصف الممتلئ من الكأس ، لا إلى النصف الفارغ منه !.. هذا إنسان مؤمن ، له خيراته ، وله هفوة ما مع البعض .. هذا لا ينبغي أن يغطي على كل حسناته .. مثلا : هناك زوجة أنجبت ذرية صالحة ، وهي طيلة عشرين أو ثلاثين سنة ، تغسل وتطبخ وتنظف ؛ الآن هذه السنة ساء خلقها .. على الزوج أن يتحملها ، مقابل السنوات الطويلة .. ولكن مشكلتنا نحن ، أننا عادة ننظر إلى القسم الخالي دائما . ( امش بدائك ، ما مشي بك ) .. وهنا خطاب للمرضى .. بعض الناس في أول حالة مرضية ولو صداع بسيط، يذهب إلى المستشفيات ، ويجلب مجموعة كبيرة من العقاقير الطبية .. فلو صبر يوما أو يومين ، لذهبت العلة ، وشفي بدعائه وبحميته ، ولم يتأثر بالعوارض الجانبية التي يجمع عليها الأطباء .. فهذه الأدوية سموم : تصلح جانبا ، وتفسد جانبا آخر .. قال ( عليهِ السلام ) : ( رب دواء جلب داء ) . يقول ( عليهِ السلام ) : ما دام الداء سهل الاحتمال ، فاصبر !.. يقول علي ( عليهِ السلام ) في إحدى كلماته : ( كان لي فيما مضى أخ في الله ... وكان لا يشكو وجعاً ، إلا عند برئه ) ؛ أي إن كان ولابد من ذكر المرض ، لا يذكره إلا بعد شفائه .. هكذا يوصينا علي ( عليهِ السلام ) !.. وهنا إيماء إلى ما أمرنا به من كتمان المرض ، كما قال الرسول - صلّى اللّه عليه وآله - : ( من كنوز البرّ : كتمان الصدقة ، والمرض ، والمصيبة ) . ( أفضل الزهد ، إخفاء الزهد ) .. الذي يترك الدنيا للدنيا ، هذا من أكبر الطواغيت ، هذا مستكبر !.. لأنه يزهد في الدنيا ؛ طلبا للدنيا ، وجلبا للقلوب .. وكذلك الجهر بالعبادة والزّهادة ، لا يسلم من مخالطة الرياء . 30 10 2010