الموضوع
:
تلخيص استعراضي لكتاب: (جوانب من الأدب والنقد عند الغرب) لــ: د. حسام الخطيب..
عرض مشاركة واحدة
10-25-2010, 07:50 PM
المشاركة
26
خالدة بنت أحمد باجنيد
شاعـرة وناقـدة سعـودية
تاريخ الإنضمام :
Jan 2008
رقم العضوية :
4365
المشاركات:
322
سادسًا: البنيويّة والنقد الأدبي:
ابتداء من السبعينات كثر الحديث في البلاد العربيّة عن البنيوية، وتشعّب القول فيها وتشعّث، حتّى خيّل للقارئ أنّ البنيويّة لا وجود لها على شكل مذهب متماسك، وأنّ هناك بنيويات بقدر ما هناك بنيويون، وقد يكون هذا الحكم فيه شيء من المبالغة، وإن كان لا يبعد عن الحقيقة، ممّا يجعل تلخيص البنيوية وتقديمها للقارئ مشكلة عويصة.
ç
تعريف مبدئي للبنيوية
[1]
:
البنائيّة أو البنيوية ليست مجرّد مصطلح، بل هي منهج تحاول الدراسات المختلفة في العلوم الطبيعية والأنثربولولجيّة واللغوية والأدبيّة والفنيّة أن تطبّقه بإصرار، إلى درجة أنّ القارئ يجد نفسه غارقًا في متاهاتها، فيسأل: هل البنيوية فلسفة أم مذهب، أم هي إلى العلم أقرب فتعتمد الفروض والنظريات، أم هي منهجٌ يدّعي أصحابه أنّها المنهج الأفضل للكشف عن الحقيقة؟!.
لنبدأ في تعريف البنيوية من منطلق المصلح العام للبنية الإنشائيّة، بدلاً من أن ننطلق من مفهوم فلسفي، فالبنية لغويًّا أو معجميًّا هي الطريقة التي يتكون منها إنشاء من الإنشاءات، أو جهاز عضوي، أو أيّ شكلٍ كلّي؛ فإذا تحدّثنا عن بناء من الأبنية المنشأة، فإنّا لا نضع بالاعتبار الأول المواد التي صنع منها هذا البناء، كما أننا لا نفرّق بين الأجزاء الرئيسيّة أو الفرعيّة في هذا البناء، إنّما المهم أن أحدّد الطريقة التي تجتمع بها المواد والأجزاء من أجل إنشاء مبنى يؤدي وظيفة محدّدة.
ويتشابه هذا التعريف إذا نقلناه لواقع اللغة، فالوظيفة الأساسية للغة هي التوصيل، والبحث عن العلاقة المتكونة بين أجزاء البناء الإنشائي، يساويه البحث عن علاقة العناصر اللغويّة ببعضها البعض لإثبات ما إذا كانت اللغة قدّ أدّت وظيفتها في التوصيل، والفرق بين البناء اللغوي والبناء المادي هو الفرق بين المجرّد والحسي.
وانطلاقًا من هذا الفهم المبسّط فإنّ المفهومات الأساسيّةَ للبنيوية على النحو التالي:
·
تعنى البنيوية بالكشف عن العلاقات المتشابكة بين عناصر العمل، فهي تحليل علاقات.
·
إنّ البنيوية لا تبحث عن المحتوى أو الشكل، أو عن المحتوى في إطار الشكل، بل تبحث عن الحقيقة التي تختفي وراء الظاهر من خلال العمل نفسه.
·
إنّها تعنى بتوجيه العناصر نحو كلّية العمل أو نظامه، وليس نظام العمل سوى حقيقته.
ç
البنية المركزيّة:
يؤكد جولدمان أنّ البنى الذهنيّة تتغيّر مع تغيّر المواقف والأحداث لكي تتكيّف مع الموقف الجديد، بمعنى أنّ لا دوام للبنى، وإنّما تتحدّد بضرورة تحقيق وظيفة في مناسبة بعينها، وتتجمّع البنى الصغيرة لتكوّن بنية أكبر.
هذه الفكرة فكرة عدم وجود بنية مركزيّة للذهن الإنساني يوضّحها دريدا، فهو يقارن بين البنية الإنشائيّة وبنية الفكر الإنساني، فيرى أنّ البنية الإنشائيّة لا بدّ لها من مركز أو محور ثابت جامد يمسك بكلّ ما حوله، وإلا تخلخت البنية وانهارت، ولكنّ البنية في العلوم الإنسانيّة لا تمثّل مركزًا ثابتًا ومحدّدًا، ولو كان لما كانت هناك رغبة في التعبير الإنساني، ولما كانت هذه الكثرة الكاثرة من أنماط السلوك البشري، ولمـّا كان المركز البنائي غائبًا، فقد اتّخذت اللعبة التي تمثّل الفكر الإنساني أشكالاً متنوّعة لا حصر لها، بحيث يمكننا القول بأنّه في غياب المركز كثر التعبير.
وهذا الغياب هو سبب اجتهاد الفلاسفة في تحديده، ومن ثمّ اختلاف نظراتهم الفلسفيّة إزاءه.
-----------------------------------------------------------------------------------------
[1]
أورد د. حسام الخطيب هنا مقالة لــ: د. نبيلة إبراهيم، نشر في مجلّة فصول ، المجلّد الأول، العدد الثاني، القاهرة، يناير 1981م، وهذا الاستعراض يتضمّن تلخيص لتلك المقالة.
رد مع الإقتباس