عرض مشاركة واحدة
قديم 10-24-2010, 09:59 AM
المشاركة 10
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
أرقٌ على ارق ومِثلىَ يأرق.....وَجَوى يزيدُ وعَبْرَةٌ تَتَرقْرَقُ
جَهْدُ الصَّبابةِ أن تكونَ كما أرَى...عينٌ مُسهدةٌ وقلبٌ يَخفقٌ
ما لاحَ برقٌ أو ترنمَ طـــائرٌ...............إلا انثنيتُ وَلى فــــــؤادٌ شيقُ

يتغنى المتنبي في هذه غناء غامضا بعواطف مبهمة وإن ظهر منها أنها العشق، ولكن هذا الغناء صادق اللهجة قوى النغمة يصدر عن قلب حزين وينتهي إلى القلوب فيثر فيها الحزن والأسى.

فأرق الشعر متصل يقفو بعضه إثر بعض، والشاعر يقرر ذلك ولا ينكره، لأنه يرى أن مثله خليق أن يأرق. فأما عامة الناس فيفهمون من هذا الشطر الأول شدة العشق، وحدة الحب، ولوعة الهوى، وأما العارفون بأمر المتنبي فيفهمون من هذا الشطر هم الشاعر الذي يطيل ليله ويضاعف أرقه، وأمل الشاعر الذي يملا قلبه ، ويبعد عن متناوله. والشاعر محزون يزيد حونه كلما مرت الساعات والأيام، وقد ينتهي به هذا الحزن المتصل المتزايد إلى البكاء.

وانظر إلى البيت الثاني :
جَهْدُ الصَّبابةِ أن تكونَ كما أرَى...عينٌ مُسهدةٌ وقلبٌ يَخفقٌ

فهل ترى غناء اصدق من هذا الغناء وأبلغ تأثيرا في النفس!ورغم أن البيت لا يأتي بشيء جديد ولا طريف لكن صدق لهجة الشاعر والجمع بين تسهيد العين وخفقان القلب يشيع في هذا البيت حزنا لا ادري كيف أحققه، ولكنى أعلم انه شديد العدوى سريع الانتقال إلى سامعيه وقارئيه.

ثم انظر إلى البيت الثالث:
ما لاحَ برقٌ أو ترنمَ طـــائرٌ....إلا انثنيتُ وَلى فــــــؤادٌ شيقُ
فسترى فيه مثل ما رأيت في البيت السابق ، وستجد فيه حنين الشاعر إلى وطنه الذي لم تزل نفسه به متصلة لم تسل عنه بعد.