عرض مشاركة واحدة
قديم 10-24-2010, 06:22 AM
المشاركة 83
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( من حالات الحزن )

من الظواهر التي تنتاب المؤمنين من وقت لآخر ، وحتى غير المؤمنين ، ظاهرة الحزن الذي لا وجه له ..
فالإنسان أحيانا يعيش حالة من حالات الضيق والاكتئاب والقلق ، وهو يعلم سبب ذلك ، وأحيانا لا يعلم له منشأ واضحا ..
فلندرس الحالة على ضوء الفرضيتين :
الفرضية الأولى :
إذا علم له منشأ ، فليعالج الحزن بإذهاب منشئه ، كما يقال :
( إذا عرف السبب ، بطل العجب )
نحن بعض الأوقات نبقي المنشأ ، ونعالج المعلول ، فلا نرفع العلة من جذورها ..
من أهم مناشئ الحزن ، إدخال الحزن على الغير .. وخاصة إذا كان مؤمنا ، وذا رحم ، وقريبا ، وذا حق على الإنسان ..
بعض الأوقات إدخال الحزن لا يكون حراما ، مثلا :
رجل يقول لزوجته : أريد أن أتزوج امرأة أخرى .. هذا ليس حراما ، ولكن لماذا يدخل عليها الحزن دون سبب ؟.. وهنا من الممكن أن يدخل رب العالمين الحزن عليه كعقوبة دنيوية ، بسبب هذا الحزن الذي دخل قلبها .
نحن إذا دخل علينا الحزن ، نذهب إلى الأماكن المسلية ..
والحال بأن العلة موجودة ، ويجب علاج العلة من جذورها ، وذلك من خلال عمل جرد شامل لكل من يحيط بنا ، وكل من أدخلنا عليه الحزن ؛ نرفع عنه هذا الحزن ..
فمن أفضل القربات إلى الله - عز وجل - إزالة الهم والغم من قلوب المؤمنين .
الفرضية الثانية :
إنسان في قمة السعادة ، ولعله في ليلة زفافه ، أو في سفر مريح ، ولا يجد أنه كسر قلبا ، إنسان مؤمن لا يتكلم كلمة غير مدروسة ، ومع هذا يجد ضيقا في نفسه
{ كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء }
لعل مقصود الآية :
أن طبقات الجو العليا ، يخف فيها الأوكسجين ، ولهذا كلما ارتفع الإنسان إلى الجبال الشاهقة ، يضيق صدره ؛ لأن الأوكسجين قليل ..
بعض الأوقات الإنسان كأنما يصعد في السماء ، وفي تعبير قرآني آخر :
{ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ }
الذي يعيش الضيق ، يرى ضيقا في حنجرته ، وفي صدره .. فالقصبات الهوائية تضيق في الأحزان ، حتى الأوكسجين الموجود لا يدخل بالكميات الكافية ..
فإذن قد يعيش حالة من الحزن الذي لا سبب له .
إن الله - عز وجل - يبتلي المؤمن ببلاءات :
إما كفارة للسيئات ، وإن لم يكن له سيئات ، فرفع للدرجات ..
ومن هذه البلاءات الحزن المفاجئ ..
إن من البلية :
الخدشة ، واللطمة ، والعثرة ، والنكبة ، والفقر ، وانقطاع الشسع ، وأشباه ذلك ..
إن المؤمن أكرم على الله - تعالى - من أن يمر عليه أربعون يوما ، لا يمحص فيها من ذنوبه ، ولو بغم يصيبه لا يدري ما وجهه .. وإن أحدكم ليضع الدراهم بين يديه ، فيراها فيجدها ناقصة ؛ فيغتم بذلك .. فيجدها سواء؛ فيكون ذلك حطا لبعض ذنوبه ..
هذه اللحظات من الهم والغم ؛ كفارة له .. لم يكن هناك سبب وجيه ، كان مجرد تخيل ، ولكن هذا التخيل أيضا رفعه وقربه إلى الله عز وجل ..
ولهذا أمير المؤمنين علي ( عليهِ السلام ) عندما يصف المتقين ، يقول :
( قلوبهم محزونة ) فالذي يفرح ويمرح ويهرج ، هذا الإنسان بعيد عن أجواء الإيمان .. المؤمن له حزن خفيف ؛ لأنه لا يعلم موقعه من الله عز وجل ، ولا يعلم آخرته ، ولا يعلم برزخه ، ولا يعلم إلى أين أمره !..
وكذلك يحمل هموم المسلمين .
الخلاصة :
إذا كان هناك سبب معلوم للهم ، فإنه يعالج السبب ..
وإن لم يكن له سبب معلوم ، فهذا لطف إلهي ؛ ومع ذلك احتياطا يستغفر الله عز وجل ..
فالاستغفار والصلاة على النبي وآله
بكليهما يطير إلى دار السرور .
24
10
2010