عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
12

المشاهدات
6532
 
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي


رقية صالح is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
2,577

+التقييم
0.49

تاريخ التسجيل
Mar 2010

الاقامة

رقم العضوية
8808
10-23-2010, 09:15 PM
المشاركة 1
10-23-2010, 09:15 PM
المشاركة 1
افتراضي قصـــص قصيــرة..


رسائل مبتلّة:

مبتلة بمطر.. بعدما استبد بقلبه اليأس إثر تكرار الاتصال عليها.. كتب بـ(إبهامه): "حرام.. ما أسمع صدى صوتك المخمليّ-الآن- مبتلاً بقطرات المطر! إذن كيف سأسميه غيثاً" أبصرت الرسالة أختها الصغرى التي كانتْ تعبث بالجوّال: لتضغط على(مسح)! مستعجلة البحث عن قائمة الألعاب!


مبتلّة بشاي: استماتت في البحث عن طريقة توصل عبرها: خبر رحيلهم عن المدينة، ولما أعيتها الحيلة: غامرت بالدخول إلى حجرته، ووضعت الورقة بسرعة فوق مكتبه. شاي الأمس ظلّ محبوساً في الكأس إلى أن هبّتْ نسمة هواء شماليّة، لتحرّره، وليشوّه غلاف(طوق الحمامة). وليفسد حبر رسالتها الأخيرة التي لم يقرأها بعد!


مبتلّة بدمع: تتضوّع رائحة دمعها الأزكى من القرنفل.. لحظة فتحه رسائلها تحت نجمة بعيدة عن أرض الوطن. لا يشتمّ ذلك العبق سوى إحساسه المسافر به نحو حضنها.. عندما كانت تهدهده بأغنية يحسده عليها كل صبية الحارة في حيّهم العتيق.


مبتلّة بنفط: مبدوءة بـ "Dear Steef" ومدبّجة بنشيد السلام الأمريكي، ومختومة بقطرات نفط من سواحل أرض السواد.. خطّ رسالته. قبل أن يطوي الورقة.. رسم سهماً مشيراً به إلى القطرات وكتب: "بهذا يا عزيزتي سأبني لكِ قصراً في (Beverly Hills).


مبتلّة بدم: تقدّم مشحوناً بصوت أبيه الرخيم، وهو يرتّل في آخر صلاة له معه تحت شجرة زيتون: "بل أحياءٌ عند ربّهم يُرزقون". اخترقت الرصاصة أسفل صدره.. ابتسم للموت بتوع وهو يهمّ بخلع قميصه.. التفت إلى رفيقه.. ناداه متوسلاً أن يخرج الرسالة من جيب قميصه، ويلصق ورقها على حرارة دمه، ثمّ يوصلها إلى أبيه: ليشتمّ رائحة الشهادة التي وعده بها.


حبال:


حبل يليق بصبيّة: يدور في الهواء، بالكاد يلمس تقوّسه الأرض، تردد الصغيرات بتناغم عجيب: "شبره.. أمره.. شمس نجوم.. كواكب هوا.. كلعب الدوا.." تقفز محاولة ألا يمسّ طرفي قدميها الصغيرتين.. يتطاير شعرها البندقي مع كل قفزة، تعضّ على شفتيها بحماس.. تلهث بصوت مسموع جرّاء التعب.. لكن لا تتوقف! تردد الصغيرات بملل: "شبره.. أمره.. شمس نجو.. يووووووووه.. متى تخطئين: ليأتي دورنا؟" ارتاحت شفتها السفلى من عضتها الطويلة: لينبلج عقد لؤلؤ تزينه ضحكة طفوليّة لاهثة مقطّعة بـ"شبره.. أمره.. موتوا قهره". ظلت صدورهن تغلي حنقاً، وضحكتها تعلو جذلاً.. إلى أن أسقطتها نظرة الفتى القادم من حارتهم القديمة.


حبل يليق بأم: تلتقط قطعة من سلّة الغسيل.. تلفّها بشكل مخروطيّ: لتعصر ما تستطيعه من أحشائها. تفردها مرة أخرى، تنفضها، يتقاطر رذاذ منعش على وجهها، مخففاً لهيب شمس الضحى. تتأمل القطع المنشورة: أثواب زوجها، مريول ابنتها، (فرهولات) رضيعها. ترسل بصرها للمدى الرحب، مصحوباً بزفرة محترقة يقطّعها: "عدْ يا بندر، لأكمل بقمصانك فراغ حبل الغسيل".


حبل يليق بعاشق: لا أثر له على رسغيه، ولا على كعبيه، لكنه يشعر بقوة خفيّة تجرّه جرّاً كأسير اقتيد إلى سجن! تحسّس مواطن جسده كلّها، بحثاً عن بقعة مربوطة، لكنه غفل عن جسّ قلبه!


حبل يليق ببطل: غليظ جداً.. خشن جداً.. مفتول جداً.. ومميت جداً جداً، ذلك الحبل الذي لفّوه حول عنقه ليفصل رأسه عن جسده صبيحة يوم عيد.


احتضار أحلامهم: خذلان: اقتربت من النافذة.. همستْ.. بالكاد تبيّن بحّتها الهامسة! ابتسم.. وغرق في وعودها الخلّب، وعلامة استفهام كبيرة مسبوقة بـ"متى؟" أجابته بتنهيدة، تصافقت معها ستائر عينيها السوداوين: "عمّا قريب". شهرزاد، ألف ليلة وليلة، نجمات مطفئات، وقمر عاد كالعرجون القديم. بيت مضاء بعقود ملوّنة، وامرأة تتعثّر ببياض ثوبها.. تدلف سيارة فارهة، تاركة خلفها: عمّا مستحيل"!


شريطة: جذلانة.. تلك النسمات التي تدغدغ شريطتها البيضاء، المعقودة بضفيرة من ذهب. كم أحسدها! عشر سنوات.. هل تؤهلني لأقول لضفيرتها: أحبك؟! أهداني العمر عشراً أخريات، ومنحني قصيد كتبتها على بياض.. سابقت الريح: لأجدل شعرها بالشِعر.. فإذا بشريطتها البيضاء قد استطالت، وبات اسمها: طرحة زفاف!


بين كفيها: ذات مساء موجوع، حدّ تساقط أوراقه الصفراء.. وعدته ألا ترحل. مدّتْ بيمناها ميثاقاً بذلك، في حين كانت الكفّ اليسرى مشغولة بتمرير سكين مثلّمة على حبل الود الّذي يربطهما معاً! لا الحبل أوصله إليها، ولا السكين قطعته.. ظلّ معلقاً بـ(الهوى).


هيفاء بنت محمد الفريح: قاصّة سعوديّة – ماجستير في الأدب والنقد الحديث

عنوان الأطروحة: الوصف في القصة القصيرة السعودية

محاضرة في قسم الأدب، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

عضو في اللجنة النسائيّة لنادي الرياض الأدبيّ



هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)