عرض مشاركة واحدة
قديم 10-22-2010, 01:17 AM
المشاركة 37
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
الجسر الجوى الأمريكى :

رغم أن مسألة الجسر الجوى الأمريكى لإسرائيل أثناء حرب رمضان حازت كثيرا من الشهرة ,
إلا أن تفاصيلها المذهلة لا زالت غائبة عن كثيرين حيث يعتبرون أن الجسر في أعظم تقديراته كان عبارة عن مدد بالسلاح لتعويض الخسائر وما إلى ذلك من المعونة العسكرية ,
ويراها البعض على أنها أمر مطابق لما كان يمده الإتحاد السوفياتى لمصر وإن كانت الولايات المتحدة تمد إسرائيل بأكثر من ذلك

وكل هذا غير صحيح إطلاقا , ولا يرقي للتعبير عن قوة ومدى فداحة الجسر الجوى والمعونة الأمريكية لإسرائيل ,
فبداية وقبل الحرب أمدت الولايات المتحدة إسرائيل بنوعيات متطورة من أقوى الأسلحة على مستوى الجيوش وبالذات من نوعية الطائرات الرادعة والقاذفة التي ظلت مصر ترجو الإتحاد السوفياتى أن يمده بنوعية متطورة منها من طراز ميج فرفض
فالمد الأمريكى التقليدى لإسرائيل كان أضعاف ما يمد به الإتحاد السوفياتى الأطراف العربية ويكفي أن السوفيات لم يمدوا مصر وسوريا بأسلحة هجومية بل كانت كلها أسلحة دفاعية ,
بينما الولايات المتحدة أمدت إسرائيل بكافة الأسلحة الهجومية التي يستخدمها الجيش الأمريكى نفسه , وعلى رأسها طائرات الفانتوم وسكاى هوك المتقدمة بعيدة المدى التي مكنت إسرائيل من ضرب العمق في ثلاث دول عربية !
وكانت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي التي نفذت ضربة 67 عددها فوق 400 طائرة قاذفة ومقاتلة بعيدة المدى استطاعت أن تقوم بتنفيذ الضربة الجوية بكثافة على عمق صعيد مصر والقاهرة
بينما السلاح الجوى المصري ـ ليس في عام 67 ـ بل في عام 73 عندما استكمل قوته الضاربة وأصبح أفضل من عام 67 بمراحل , كان لا يتعدى عدد طائراته 200 طائرة ليس من بينها مقاتلة ردع واحدة !
فالفارق الذى حققته الولايات المتحدة لإسرائيل كان رهيبا على مستوى الكم والكيف في ظل إصرار الولايات المتحدة على أن تكون القوة العسكرية لإسرائيل متفوقة بالضعف على سائر جيرانها
هذا هو المد التقليدى ,

وهو يختلف تماما عن الجسر الجوى الأمريكى أثناء حرب أكتوبر ,
فالجسر الجوى كان إضافة طارئة فوق ما كان يأتى من مدد تقليدى وكان الجسر نتيجة طبيعية لاستغاثة إسرائيل وضمان انتصارها أو على الأقل ضمان بقائها !
فاجتمعت لإسرائيل عوامل التفوق التقليدى مع عوامل تفوق طارئة غير تقليدية مثلها هذا الجسر الجوى وضاعف من قدرتها التسليحية عما كانت عليه قبل الحرب , أى أنه لم يكتف بتعويض الخسائر وحسب

وقصة الجسر الجوى تبدأ وتنتهى عند اسم واحد وهو هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى , اليهودى الديانة المتعصب لإسرائيل ورجلها الأول في الإدارة الأمريكية برياسة نيكسون
وكان من حظ إسرائيل الوافر أن ظروف نيكسون أثناء حرب أكتوبر كانت في أضعف حالاتها حيث كان يواجه شبح فضيحة ووتر جيت والتى دفعته لترك السياسة الخارجية للولايات المتحدة في يد كيسنجر الذى أصبح ـ على حد قول كيسنجر نفسه ـ رئيس الولايات المتحدة فيما يخص السياسة الخارجية , ولم تكن إسرائيل تتمنى أكثر من ذلك

وقد قام هنرى كيسنجر بدور مرعب كاد يورط الولايات المتحدة في مواجهة نووية مع الإتحاد السوفياتى في نهاية أيام الحرب حيث بلغت صفاقة التدخل الأمريكى حدا استفز السوفيات ـ على ضعفهم في ذلك الوقت ـ ومشي هنرى كيسنجر الطريق إلى آخره وأصر على الدعم المباشر بل وأعلن قبوله للتحدى السوفياتى بإعلانه رفع درجة الإستعداد النووى !
وعجز السوفيات بالفعل عن الإستمرار في التحدى بعد أن عجزوا في مجاراة المدد الأمريكى لإسرائيل بالأسلحة فوق التقليدية والتزموا بعدم مد العرب بأى سلاح زائد أو متفوق
ويمكننا القول بإطمئنان أن جولدا مائير أو موشي ديان لو كانا مكان هنرى كيسنجر ما قاما بربع ما قام به في دعم إسرائيل للدرجة التي لم تثر غيظ السوفيات فحسب بل أغاظت حتى بقية رجال الإدارة الأمريكية كوزير الدفاع ورجال البنتاجون الذين اعتبروا ممارسات كيسنجر في دعم إسرائيل جنونا حقيقيا أودى إلى اهتزاز محتوى الإحتياطى الإستراتيجى التسليحى للولايات المتحدة من كثافة وغزارة الممنوح للإسرائليين ,
هذا فضلا على أن كيسنجر لم يتوقف عند حد الكم بل تعداه للكيف بدرجة خطيرة حتى أنه فتح المخازن الرئيسية أمام الطلبات الرئيسية لتختار إسرائيل ما شاءت من أقوى الأسلحة ـ وحتى تلك التي لم تدخل الخدمة بعد ـ ولم يمنع كيسنجر شيئا إلا قنابل الليزر والمخزن النووى !!

ونبدأ القصة من أولها ومن خلال كلمات هنرى كيسنجر نفسه في مذكراته المنشورة تحت إسم ( سنوات الفوران ) حتى يمكننا أن نتخيل ما الذى فعلته الولايات المتحدة مع إسرائيل وكيف أنها بالفعل شاركت إسرائيل في الحرب على كافة مستويات القتال ,
فكيسنجر في مذكراته لم يخف شيئا ,
وهو ما يجعلنا مطمئنين ونحن نقول أن العرب كانوا يحاربون الولايات المتحدة لا إسرائيل في نهايات الحرب وهى الحقيقة التي اعتبرها البعض مبالغة حتى جاءت على لسان الداعم الأول لإسرائيل وبلا حياء !!
وأكدتها القيادات الإسرائيلية مثل ديان وجولدا مائير مما يغنينا عن أى شهادة أخرى في هذا الشأن