عرض مشاركة واحدة
قديم 10-21-2010, 09:36 PM
المشاركة 13
خالدة بنت أحمد باجنيد
شاعـرة وناقـدة سعـودية
  • غير موجود
افتراضي
- الأدب المعاصر والحداثة:

يتّسم الأدب المعاصر بالمذاهب الموقوتة، التي تختفي الواحدة بعد الأخرى في تجدّد سريع، وتعدّد هذه المذاهب يعدّ دليلاً على أنّ القلق أصبح الطابع العام والمنتشر، وعلى الرغم من استمرار الأدب التقليدي، إلا أنّ الأدب المعاصر في جلّه أخذ ينحو منحى التحرّر والتجديد، فنشأ ما عرف بعد ذلك بالحداثة، وأبرز خصائصها:

· النسبية والتحرر من القواعد، فليس من معيار قائم ولا حكم ثابت، وكلّ شيء نسبي ومتغيّر، فعلى الأديب أن يستعمل طريقته التعبيريّة ولغته الخاصة لينقل إلى الناس رؤية شخصية عن العالم، ولم يعد ذا شأن التفكير المصطنع في المبنى والمعنى، وإنّما في إيجاد وسيلة جديدة يعبّر من خلالها الأديب عن علاقة الإنسان المعاصر بالكون، ومن هنا نستطيع أن نفهم ظاهرة الشعر الحر التي تقوم على رفض النظام الخارجي التقليدي، واستطاعت أن تفرض نفسها على الشعر.

· الرفض والصدق: اتّسم الأدب المعاصر بالرفض المطلق لكلّ ما هو قائم اجتماعيًّا وسياسيًّا، وأصبح من علامات الجدّة الاستخفاف بالدساتير الأخلاقيّة، والمواضعات الاجتماعيّة والفنيّة أيضًا، وأصبح ينظر إلى مراعاة القواعد والقانون على أنّها رياء تنافي الصدق والأمانة الداخليّة، وهما الصفتان اللتان يعتزّ بهما الأديب المعاصر أيّما اعتزاز.

· الاهتمام باللاشعور وبالإنسان الداخلي، وهذا الاهتمام ليس جديدًا بل ظهر عند فرويد وأتباعه الذين أثّروا بتضافر مع العوامل الأدبيّة والفكريّة ليصبح الاهتمام باللاشعور سمة من سمات الأدب المعاصر، وتعدّ السرياليّة تجسديًا فنّيًا لذلك.

· الإشكاليّة والتركيز على المصير الإنساني: يتّصف الأدب المعاصر بالبلبلة والتوتّر والغموض، ونفتقد فيه ما عهدنا في آداب العصور السابقة من اطمئنان وأناقة ودقّة ووضوح، ويرجع السبب في ذلك أنّ الأدب المعاصر أدب إشكالي يريد أن يوقظ القارئ على المشكلات، ولا يزعم أنّه قادر على حلّها، فيما كانت المشكلات في العصور السابقة واضحة المعالم ويمكن مداولتها بحلول منطقيّة، ومن هنا تبرز الإشكالية وما يتبعها من غموض.

ولعلّ المدرسة الوجوديّة كانت أكبر معبّر عن إشكاليّة الأدب الحديث وإنسانيّته، إذ اهتمت بالإنسان ومسألة وجوده في هذا الكون، إلا أنّ الأدب الوجودي المعاصر لم يعالج هذه الإشكاليّة بالتأملات الغيبية، وإنّما تطرق لها ضمن واقع الإنسان الحي.

· الاغتراب الروحي: يشعر قارئ الأدب الحديث باستمرار أن هناك علاقة جوهريّة مفقودة بين الأديب والعالم، والمسألة تتجاوز الرفض إلى شيء أعمق يتمثّل في الاغتراب الروحي، الشعور بأنّ حياة الفنان لا تستقيم مع طبيعة الحياة القائمة في عصره، والأدباء المعاصرون إذ يدركون هذه الحقيقة، ويكتبون عنها يعممون تجربتهم ويعمّقونها فتكتسب نوعًا من الشموليّة، بحيث تأخذ طابع (نقد الحياة).
/
\
/
وبهذا انتهى استعراض القسم الأوّل من الكتاب، وسأستأنف قريبًا بإذن الله القسم الثاني الذي يستعرض جوانب من النقد.
تحيتي..
.
.
.
خالدة..