عرض مشاركة واحدة
قديم 10-21-2010, 09:31 PM
المشاركة 12
خالدة بنت أحمد باجنيد
شاعـرة وناقـدة سعـودية
  • غير موجود
افتراضي
- الاتجاهات الأدبيّة في القرن العشرين:

اتّصفت السنوات الأولى من القرن العشرين بحدّة الاتجاهات القوميّة والوطنيّة وازدياد التنافس المحموم بين الدول الأوربيّة على التوسّع الاستعماري في آسيا وإفريقية، ممّا هيّأ لنشوب الحرب العالميّة الأولى (1914-1918م)، وقد نتجت عن هذه الحرب خسائر كبيرة ماديّة وبشريّة، كما أورثت أحقادًا وضغائن ما لبثت أن تأججت لتعلن عن الحرب العالميّة الثانية (1932م).

من أهمّ آثار الحرب العالميّة الاولى انتصار الشيوعيّة، وقيام الاتحاد السوفييتي تجسيدًا لها، وازدهار الولايات المتحدة الأمريكيّة وبروزها شريكًا منافسًا لأوربا، وجاءت الحرب العالميّة الثانية لتؤكّد النتائج العامة التي تمخضت عنها الحرب العالمية الأولى:

· تحوّل مركز القوة الرئيسيّة في العالم إلى خارج أوربا، فبرز الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية كقوتين جبارتين في العالم، وأصبحت دول أوربا في المرتبة الثانية.

· حدثت تغييرات في الخارطة الأوربيّة، أهمّها انقسام ألمانيا إلى شرقية وغربية.

· كان للحرب تأثيرها الكبير على حياة السكان، لأن الآلة الحربية طالت المناطق الزراعية والصناعيّة، وتسبب بخسائر في القوى البشرية.

· كانت الولايات المتحدّة الوحيدة التي سلمت من الغارات الجوية والتدمير الشامل، لذلك استطاعت بعد الحرب مباشرة أن تفرض سلطانها الاقتصادي والسياسي على أوربا، وأقطار كثيرة في العالم، وكان لذلك تأثيره السيء لأن أمريكا استندت على القوى المحافظة والرجعيّة، ودعمتها مقابل التنكيل بالحركات الإصلاحيّة والتحرريّة.

· وهذه الأحداث وغيرها من التقدّم السريع والابتكارات المتلاحقة في الناحية العلمية والفكرية جعلت هذا القرن عصر التنوّع والتعدّد الفكري والثقافي بشكل يصعب حصره وتحديده، إضافة إلى الأزمات التي تتعرض لها الرأسمالية، والمشاكل التي تتخبط فيها الشيوعيّة، وكلّ ذلك أضفى عليه التعقيد والتداخل.

ولعلّ ممّا استجدّ في العصر بروز نوع من الأدب عرف بالأدب المحلّي –خصوصًا في أمركيا-، وهذا الأدب يعتبر حلقة وصل بين الرومانسيّة والواقعيّة، والكاتب فيه يصف المناظر الطبيعية، والجغرافيا البشريّة، والعادات، والملابس، وطرائق السلوك، ...الخ، ودفع إليه تلاشي الفوارق المحليّة بسرعة مذهلة نتيجة المدنيّة والتحضّر، فدفعت الأديب المحلّي رغبة رومنسية إلى المحافظة على ذلك العصر الذهبي، حيث كان الناس يعيشون حياة هادئة بسيطة في أحضان الطبيعة، فهو يصوّر الحياة بأسلوب عاطفي يأسر الجمهور؛ والجدير بالذكر أنّ هؤلاء الكتّاب وإن كتبوا بروح محليّة إقليميّة، فإن الهدف الجامع لهم قومي عام.

كما شهد هذا العصر ازدهار الأدب الشعبي والفلكلور، والأدب الشفوي الذي تتناقله الألسن بكثير من المبالغات والتمنيق.

وقد تولّد عن ذلك الاتجاه الاجتماعي، وبرز بقوّة في الرواية –لاسيّما الأمريكيّة أيضًا-، فقد شهد هذا العصر نهضة الأدب الأمريكي، التي عاش فترة هدوء ورضى بعد الحرب العالمية الثانية، ثمّ تحوّل إلى تشكّك مردّه إلى القوة العسكريّة والاقتصاديّة والسياسيّة للحكومة التي تمثّل المظهر الخارجي، بينما الأمريكيون أنفسهم يعيشون حالة من الضعف الداخلي والاضطراب والعجز، وتمثّل ذلك بوضوح رواية (التقط 22 Catch 22) لهيلر.

كذلك تطور الأدب الصحافي، وأصبحت الصحافة ذات شكل فنيّ واعٍ، وليس مجرّد أخبار تقريريّة، ممّا أضفى عليها الحيوية، خصوصًا عندما أصبح الصحفيون يخوضون التجربة ليكتبوا عنها، وتخلوا عن دور المراقب الخارجي.

وأسهم هذا العصر أيضًا عن قيام الحركة النسائيّة في الأدب، فبرزت عدّة أديبات قررن ألا يسمحن للرجال أن يحددوا لهنّ أدوارهنّ في الحياة، وقد نجم عن ذلك اتجاهان من الأدب النسائي: الأول أدب معقول حسّاس ذكي، يحمل نظرة جديدة إلى العلاقات الإنسانية، والثاني أدب مهووس بمعاداة الرجال.