عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
1

المشاهدات
3591
 
عبدالسلام حمزة
كاتب وأديب

اوسمتي


عبدالسلام حمزة is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
2,945

+التقييم
0.57

تاريخ التسجيل
Mar 2010

الاقامة

رقم العضوية
8997
10-20-2010, 09:34 AM
المشاركة 1
10-20-2010, 09:34 AM
المشاركة 1
افتراضي حوار مع أمبرتو إيكو


امبرتو إيكو : موسوعة ( تفاعلية ) مثقف إيطالي , قرأناه منظرّا ً وناقدا ً وأديبا ً , كما قرأناه باحثا ً في الفلسفة والجمالية والشعر

ووسائل الإعلام والترجمة . قامت بالحوار الصحفية اللبنانية جماناحداد

سوف ابدأ بسؤال ناجم عن تجربتي الشخصية مع كتابتك إذ لطالما جذبتنا نحن قراءك نحو اتجاهات متنوعة

ورضخنا لك بطيبة خاطر , لكني حين اضطررت إلى ( تطويقك ) خلال الأشهر القليلة الماضية بغية تحديد نقاط حديثنا ,

عجزت عن ذلك لفرط اختلاف مجالات اهتمامك وكثرتها , من تاريخ الجمالية وعلم الرموز إلى الشعر الطليعي والرواية وأدوات التواصل , الخ ..

ما سر ّ هذين التنوع والغزارة , وكيف توفق بين كل هذه الجوانب من دون أن يصيبك التبدد ؟


ثمة في الواقع إجابتان عن سؤالك هذا , الأولى علمية والثانية فلسفية , أما الرد العلمي فهو إني شرعت في الاهتمام بالجمالية ,

القديمة والمعاصرة على السواء منذ اطروحتي الجامعية , وقد جذبني هذا الاهتمام تدريجيا ً إلى الشعر والفنون , وتحديدا ً إلى طليعياتها ,

وبينما كنت منكباً على هذه , وعيت ُ أهمية أنظمة التواصل الجماهيرية والشعبية , فجاء بحثي الأول عن الجمالية في التلفزيون ,

ثم أحسست في مرحلة ما بالحاجة إلى نظرية توحّد كل هذه الاهتمامات , كي لا أشعر أني مصاب بانفصام بالشخصية

فوجدت هذه النظرية الموحّدة في علم الرموز والعلامات .

أما الرواية , فأكتبها لمتعتي الشخصية , يمكنك اعتبارها ( تسلية أيام الآحاد ) خضت غمارها من دون أن أتخيل أن لها أي علاقة

بكتاباتي البحثية والنقدية ,ثم أدركت ُ أنها تشكل في معنى ما استمرارا ً لما سبق , وأنها الملعب الذي أطبّق فيه نظرياتي المختلفة ,

إذا ً هناك في شكل ما نمط سير منطقي ومتماسك في حياتي .

أما الإجابة الفلسفية , فقد أعطاني إياها مسبقا ً أحد اساتذتي عندماكنت ُ فتيا ً , إذ قال لي يوما ً :

( اعرف يا أمبرتو أننا نولد وفي رأسنا فكرة واحدة , وأننا نعيش كل حياتنا ساعين وراء تلك الفكرة بالذات ) .

أذكر أني أعتقدت يومذاك أن استاذي هذا في غاية الرجعية , لإلغائه كل احتمالات التغيير لدى الإنسان .

لكني إذ رحت ُ أنضج , اكتشفت ُ أنه على حق , وأني طوال حياتي لم أسع َ إلا وراء فكرة واحدة فقط لا غير :

المشكلة هي أني لم اعرف بعد ما هي تلك الفكرة ! ( يضحك ) . لكني متفائل وآمل في اكتشافها قبل موتي .

في أي حال لفتني قولك إنك تشعر , حتى أثناء كتابة البحوث , بأنك إنما تروي قصصا ً ... بالضبط ,

ولطالما كان الأمر كذلك , فعندما قدمت ُ أطروحتي حول جمالية توما الأكويني عام 1954 , وجّه إلي أحد المشرفين ملاحظة مفادها :

( من الواضح أنك لم تزل شابا ً للغاية , إذ إن باحثا ً متمرسا ً كان ليجري البحوث ويستخلص منها الاستنتاجات التي تشكل مادة أطروحته ,

أما أنت فقد صغت الأطروحة كما لو أنك تروي لنا قصة بوليسية ) .

أدركت ُ أنه على حق , لأن أطروحتي كانت فعلا ً قصة بوليسية , لكنه كان على خطأ أيضا ً , لأني مقتنع بأن الباحث المتمرس والبارع

يجب أن لا يكتفي بعرض استنتاجات بحوثه , بل أن يروي كذلك ( قصة ) إنها القصة البوليسية التي أنكب على حلّها في تلك اللحظة

والتي ينبغي لي إبراز الحبكة فيها و ( الضحايا ) والمذنبين وعواقب أفعالهم . إذا ً كما ترين ,

أنا شخص لم يفعل سوى كتابة الروايات كل حياته , هذا هو شغفي الحقيقي .

وللحديث بقية إن شاء الله ..