الموضوع
:
حوار مع أمبرتو إيكو
عرض مشاركة واحدة
احصائيات
الردود
1
المشاهدات
4627
عبدالسلام حمزة
كاتب وأديب
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 2
المشاركات
2,945
+
التقييم
0.53
تاريخ التسجيل
Mar 2010
الاقامة
رقم العضوية
8997
10-20-2010, 09:34 AM
المشاركة
1
10-20-2010, 09:34 AM
المشاركة
1
Tweet
حوار مع أمبرتو إيكو
امبرتو إيكو : موسوعة ( تفاعلية ) مثقف إيطالي , قرأناه منظرّا ً وناقدا ً وأديبا ً , كما قرأناه باحثا ً في الفلسفة والجمالية والشعر
ووسائل الإعلام والترجمة . قامت بالحوار الصحفية اللبنانية جماناحداد
سوف ابدأ بسؤال ناجم عن تجربتي الشخصية مع كتابتك إذ لطالما جذبتنا نحن قراءك نحو اتجاهات متنوعة
ورضخنا لك بطيبة خاطر , لكني حين اضطررت إلى ( تطويقك ) خلال الأشهر القليلة الماضية بغية تحديد نقاط حديثنا ,
عجزت عن ذلك لفرط اختلاف مجالات اهتمامك وكثرتها , من تاريخ الجمالية وعلم الرموز إلى الشعر الطليعي والرواية وأدوات التواصل , الخ ..
ما سر ّ هذين التنوع والغزارة , وكيف توفق بين كل هذه الجوانب من دون أن يصيبك التبدد ؟
ثمة في الواقع إجابتان عن سؤالك هذا , الأولى علمية والثانية فلسفية , أما الرد العلمي فهو إني شرعت في الاهتمام بالجمالية ,
القديمة والمعاصرة على السواء منذ اطروحتي الجامعية , وقد جذبني هذا الاهتمام تدريجيا ً إلى الشعر والفنون , وتحديدا ً إلى طليعياتها ,
وبينما كنت منكباً على هذه , وعيت ُ أهمية أنظمة التواصل الجماهيرية والشعبية , فجاء بحثي الأول عن الجمالية في التلفزيون ,
ثم أحسست في مرحلة ما بالحاجة إلى نظرية توحّد كل هذه الاهتمامات , كي لا أشعر أني مصاب بانفصام بالشخصية
فوجدت هذه النظرية الموحّدة في علم الرموز والعلامات .
أما الرواية , فأكتبها لمتعتي الشخصية , يمكنك اعتبارها ( تسلية أيام الآحاد ) خضت غمارها من دون أن أتخيل أن لها أي علاقة
بكتاباتي البحثية والنقدية ,ثم أدركت ُ أنها تشكل في معنى ما استمرارا ً لما سبق , وأنها الملعب الذي أطبّق فيه نظرياتي المختلفة ,
إذا ً هناك في شكل ما نمط سير منطقي ومتماسك في حياتي .
أما الإجابة الفلسفية , فقد أعطاني إياها مسبقا ً أحد اساتذتي عندماكنت ُ فتيا ً , إذ قال لي يوما ً :
( اعرف يا أمبرتو أننا نولد وفي رأسنا فكرة واحدة , وأننا نعيش كل حياتنا ساعين وراء تلك الفكرة بالذات ) .
أذكر أني أعتقدت يومذاك أن استاذي هذا في غاية الرجعية , لإلغائه كل احتمالات التغيير لدى الإنسان .
لكني إذ رحت ُ أنضج , اكتشفت ُ أنه على حق , وأني طوال حياتي لم أسع َ إلا وراء فكرة واحدة فقط لا غير :
المشكلة هي أني لم اعرف بعد ما هي تلك الفكرة ! ( يضحك ) . لكني متفائل وآمل في اكتشافها قبل موتي .
في أي حال لفتني قولك إنك تشعر , حتى أثناء كتابة البحوث , بأنك إنما تروي قصصا ً ...
بالضبط ,
ولطالما كان الأمر كذلك , فعندما قدمت ُ أطروحتي حول جمالية توما الأكويني عام 1954 , وجّه إلي أحد المشرفين ملاحظة مفادها :
( من الواضح أنك لم تزل شابا ً للغاية , إذ إن باحثا ً متمرسا ً كان ليجري البحوث ويستخلص منها الاستنتاجات التي تشكل مادة أطروحته ,
أما أنت فقد صغت الأطروحة كما لو أنك تروي لنا قصة بوليسية ) .
أدركت ُ أنه على حق , لأن أطروحتي كانت فعلا ً قصة بوليسية , لكنه كان على خطأ أيضا ً , لأني مقتنع بأن الباحث المتمرس والبارع
يجب أن لا يكتفي بعرض استنتاجات بحوثه , بل أن يروي كذلك ( قصة ) إنها القصة البوليسية التي أنكب على حلّها في تلك اللحظة
والتي ينبغي لي إبراز الحبكة فيها و ( الضحايا ) والمذنبين وعواقب أفعالهم . إذا ً كما ترين ,
أنا شخص لم يفعل سوى كتابة الروايات كل حياته , هذا هو شغفي الحقيقي .
وللحديث بقية إن شاء الله ..
رد مع الإقتباس