الموضوع: مُهاجر
عرض مشاركة واحدة
قديم يوم أمس, 09:55 PM
المشاركة 417
مُهاجر
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • موجود
افتراضي رد: مُهاجر
حين أتي بالحلول، فليس لكوني المختصّ في علم الأسرة، بل يأتي ذلك من باب الاطلاع، ومجاراة بعض الحالات التي لا تخرج من حَيِّز "الروتين الحياتي" — إن جاز لي الوصف — فهي متكرّرة الحدوث، تعود كلما أشرقت شمس أو غربت، وتستنسخ ذات الوجع كلما انقضى يومٌ أو أقبل آخر.
والمصيبة — بل أمّ المصائب — حين يكون الحلّ واضحَ المعالم، ساطعَ الدلالة، ومع هذا نتجاهله، لنعيش في رحم المعاناة، نَرْتَضِع مرارتها، ونستنشق أوجاعها، وليتنا — ويا ليتنا — نكون الطرف المستفيد!
والحقيقة أن ذاك الذي نتشبّث به لا يقيم لنا وزنًا، ولا يعنيه أمرُنا أصلًا، ولا يرى في حضورنا سوى ظلٍّ لا يُلتفت إليه!
أبعد هذا يكون جنون؟! أم الجنون نفسه يستحي أن يُنسَب إلينا؟!
لنعد لابني المكلوم؛
فتحت له باب الحوار على مصراعَيه، وأشركته في أمر القرار، وقذفت إليه السؤال قذفًا لا مواربة فيه:
كيف تتخلّص من التعلّق بالطرف الآخر؟
سكت برهة، فكان مني الجواب:
أن نُسَدِّد عليه الانتقاد، وأن ننزع منه الحصانة التي منها جاءنا العذاب؛ من غير افتراء، ولا مبالغة في الانتقاد، فهي حقيقتُه التي تستّر بها بدعوى الإخاء، وتزيّا بها ليدفع عن نفسه انكشافَ خوائه.


هناك نطق وقال:
هذا هو الحلّ الذي أكّد لي المؤكّد، وأوقد لي فتيل الخلاص من هذا العذاب.
فكم تنازلتُ! وكم تغافلتُ وعفوتُ!
ولكن كان الإمعانُ في الخطأ… والمضيُّ في الجفاء… كأنه كان يتقوّت بإدماء روحي!
فقلت له:
اجعلها حلقةً في أذنك، واجعل أبناءك ومن بعدهم ذريتك يتناقلونها ويتوارثونها:
كرامتك… ثم كرامتك… ثم كرامتك.
إيّاك والتنازل عنها؛ فإن فعلت، فكبّر على إنسانيتك أربعًا، وادفن ما بقي من ملامح روحك تحت تراب البِلى!
والآن، قُل لي — وبكل صدق — في نظرك: من هو الصديق؟