الموضوع: مُهاجر
عرض مشاركة واحدة
قديم يوم أمس, 09:54 PM
المشاركة 416
مُهاجر
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • موجود
افتراضي رد: مُهاجر
وبعد توالي الأيام، بدأ يُخرِج بعض ما لديه من هواجس أرقّت ليله ونغّصت عليه نهاره، إذ كانت حاضرةً في كلّ يوم، وهو يصطلي بنارها، متأرجحًا بين الإقدام والإحجام، بين اتخاذ القرار وإنهاء الأمر، وما بين إصدار القرار وتحمل عواقبه المُرّة. ولهذا، احتاج إلى يدٍ وعقلٍ ينتشلانه من دوّامة التردّد.
وسبق أن أخبرني بذلك الأمر تلميحًا، وكأنّه هامشٌ من الأخبار.
أمّا اليوم، فقد صرّح به صراحة، بل وأكّد حاجته إلى إنهائه، وقطع شِريانٍ ما طالما غذّاه ذلك الحرصُ على البقاء، ولو تحت سياط الإسقاطات والإهانات من قِبَل ذلك الصاحب الذي يُصاحبه.
يخبرني بأنّ له زميلًا في الفصل، وهو من نفس القرية التي نحن فيها، وأنّه الصاحب القريب منه، ولطالما ستر عليه عيبه، وكم من المرّات أشاح بوجه العتاب عنه، وكم ساق له من الأعذار الأُلوف.
ومع هذا… لا يزال الحال كما هو!
تركته حتى تنفّس الصعداء، وكأنّه ألقى صخرةً عظيمة لطالما جثمت على صدره سنواتٍ طويلة.
قلت له:
"استمر معه، واصبر واصطبر على ما تلاقيه منه."


فتعجّب من جوابي، وأخذ ينظر بدهشة، وقد ألحق نظره بجملة اعتراض… ولما استمرّ على هذا الحال، قلت له:
"هل لديك غيرُ هذا القرار؟"
تلعثم، وحينها أسلمتُه بعدما فقد الجواب.
.............
باغتُّه بالسؤال كي أُبيّن له أنّ الحلول معدومةُ الوجود، وأنّ الرغبة في الخلاص والتخلّص من ذلك الرباط الذي بينه وبين زميله ليست كافية إذا لم تكن الرغبة ملازمةً لذاك القرار وتلك الرغبة، لأنّ التخلّص من الماضي الذي يرافق سيرته منذ صفوف الابتدائية ليس سهلًا.
وقد صارحته بأنّه — حتى لو أعطيته الحل — فلربّما ينكص على عقبيه ويعود إلى زميله من جديد، وبأنّ الحلول التي أُبديها له ستخضع للتمحيص، وتمرّ عبر قنوات النفس وميل الهوى، وفلترةِ طولِ الصحبة؛ وبالمختصر… لعلّها حلولٌ موضعيةُ التخدير، آنيةُ التأثير.
وفي الفصل التالي سأضع بين أيديكم الحل.