الموضوع: مُهاجر
عرض مشاركة واحدة
قديم يوم أمس, 05:43 PM
المشاركة 399
مُهاجر
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • موجود
افتراضي رد: مُهاجر
هي:
لأجلك…
أترك الكلمات تموت بعد كتابتها؛
أقذفها بعيدًا، خاصة إن كانت موجعة.
نكتب لنُخرج الألم،
لكن الألم — يا صديقي — يعود ليرتفع فوق قلوبنا،
يطوف بها، ولا يزول…
تظل الذكرى مؤلمة مهما تلطّفت.

أكتب…
لكنّي أحاول ألّا أحبس نفسي
في قفص الشعور ذاته الذي يهجم بعد الكتابة.
الرحيل موجع،
وقد قلتُ لك من قبل:
نحن نعيش الوجع ذاته… نغرق في الشعور نفسه.
الحمد لله على كل حال.

وغوصي في الكتب، والخط، والتصميم،
وفي ما لا يُذكر من المشاغل،
مجرد محاولة للتناسي…
جرعة نسيان مؤقتة لا أكثر.

أنا مؤمنة أن الإبداع لا يجيء صدفة،
وأن الألم كثيرًا ما يكون بوابته.
أسأل الله أن يغرس حبَّه في قلوبنا،
لتشبع نفوسُنا طهرًا ونقاءً وعفّة.
الحمد لله… دائمًا.

وكن جميلًا وابتسم…
فهذه عبارة ترافقني صباحًا ومساء،
أردّدها… فأبتسم.
أما الراحلون…
فلا نملك إلا الدعاء لهم،
وأن تبقى ذكراهم في القلب.


---

هو:
أعرف ما تقولينه…
فالذكريات الموجعة لا تأتي وحدها؛
تفِد علينا كمن يغرس خنجر البَين
في قلبٍ مستهامٍ لم يبرأ…
فتسلب منه جَنانه — بفتح الجيم —
وتبقيه يقظًا على حرقةٍ لا تنطفئ.

ولا ينجو من ضجيج الذكرى
إلا من أدرك الحقيقة،
فاستيقظ عقله،
وخضع للرضا والتسليم…
هناك فقط يبدأ الشفاء.

نكتب…
فتتمايل الكلمات بين متناقضين،
تعايش حركة الحياة دون أن تحيد.
فالحياة — كما ترين —
تتأرجح بين:

حزنٍ وسعادة،
خيرٍ وشر،
نجاحٍ وإخفاق،
لقاءٍ وفراق،
شدةٍ ورخاء،
حبٍّ وكره،
عسرٍ ويسر…

وقيسي على هذا ما يشبهه من الحال.

والحب…
له حلاوة في مُرِّه،
ومرارة في حلوه.

أما الدموع…
فنستدعيها لتكون حبرًا،
ونكتب بها جراحًا لا تجف؛
فالحبر دمٌ سال من شريانٍ مثخنٍ بذكرى.


---

هي:
وقد أخذت بملاحظتك في أمر يُصفر ويُصفّق،
وكانت مسوّدة تصحيحٍ أثبتُّها…
فالشكر لك لا ينقطع.


---

هو:
وكم كانت تصلني لأجلك رسائل عتاب…
تربّت على كتفي،
تمسح دمعتي،
وتوبّخ ذلك السيل من الحزن الذي أبعثه.
وأنا — كما قلت دائمًا —
لست إلا رسول العاشقين:
أكتب بلسانهم،
أواسي وحشتهم،
أضمّد جراحهم،
أعرّف بهم،
وأحذّر السائرين في دروبهم.

أما أنا…
فعندي يقينٌ — لا يتزعزع بإذن الله —
أن الرزق، والأجل، والقلب
كلها مقسومة مكتوبة،
ولا لقاء ولا فراق
إلا وقد خُتم نصه ونُفّذ أمره.

وأقول لنفسي ولك:
إيّاك أن تُشرّعي قلبك لكل طارق؛
فالويلات تأتي ممن أُذن لهم بالدخول.
وإن كانت تلك تدابير سلامة،
فلن يسلم القلب — رغم التصاقه بالجسد —
من سهام الإعجاب،
ولا سلطان لنا عليه!

وفي النهاية…
الحبّ لا يتربع إلا لواحد،
ولا يستحق العرش إلا من كان له القلب أصلًا.

فلا تتعلّقي بوهم،
ولا تجعلي الحب في الظلال؛
دعيه في النور، واضحًا، نقيًّا.

ومن أراد الحلال…
فليطرق الباب.
أما الكلمات الرنانة…
فتأسر القلوب وتترك أصحابها أسرى الحروف بلا أمان.

ولا يستحق سكب الدموع
إلا ربٌّ عظيم،
جفّت العيون من حياء التقصير في حقه،
وقصرت الخطى عن نيل رضاه.


---

هي:
صدقت…
مع الله وحده يصفو الطريق.

هو:
ومعه وحده تطيب الخطى.

هما معًا:
كونوا مع الله دائمًا،
وادمنوا طرق بابه ومناجاته،
وذوبوا في محبته…
تنالوا قربه ومودته.