بسم الله الرحمن الرحيم

في قلب غابات نغويي بجنوب أفريقيا، اكتُشف عام 1895 نبات غريب وفريد من نوعه، أطلق عليه اسم Encephalartos woodii. ينتمي هذا النبات إلى عائلة السيكاديات، وهي مجموعة نباتات بدائية ظهرت منذ أكثر من 280 مليون سنة، وتُشبه النخيل في شكلها، لكنها تختلف تمامًا في بنيتها وتاريخها التطوري.
ما يجعل إنسيفالارتوس وودي مميزًا ليس فقط ندرته، بل كونه حالة فريدة في عالم النبات: لم يُعثر على أي أنثى من هذا النوع منذ اكتشافه، وكل العينات المعروفة هي ذكور فقط. هذا يعني أن النبات لا يستطيع التكاثر طبيعيًا، مما يجعله منقرضًا بيولوجيًا رغم وجوده في بعض الحدائق النباتية حول العالم.
تم نقل أجزاء من النبات الأصلي إلى حدائق نباتية مثل Longwood Gardens في الولايات المتحدة، حيث يُعامل ككنز نباتي حي. وقد حاول العلماء تهجينه مع أنواع قريبة مثل Encephalartos natalensis لإنتاج نباتات هجينة، لكنها لا تحمل الصفات الوراثية النقية للنبات الأصلي. كما تُبذل جهود في مجال الهندسة الوراثية والاستنساخ الجيني لإنتاج أنثى مطابقة، لكن حتى الآن لم تنجح أي محاولة.
إن قصة إنسيفالارتوس وودي تُجسد مأساة الانقراض الصامت، وتُسلط الضوء على أهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي. فقدان الأنثى من هذا النبات لم يكن نتيجة كارثة طبيعية، بل نتيجة لتغيرات بيئية وتدخل بشري غير محسوب. واليوم، يُعتبر هذا النبات رمزًا حيًا للعزلة البيولوجية، وأحد أكثر الكائنات النباتية وحدةً على وجه الأرض.
إن وجود هذا النبات في حدائق العالم ليس مجرد عرض نباتي، بل هو تذكير دائم بضرورة حماية الأنواع النادرة قبل أن تصبح مجرد ذكرى في كتب التاريخ. فكل ورقة من أوراقه، وكل مخروط ينمو عليه، يحمل في طياته قصة كائن حي فقد نصفه الآخر، وينتظر بصمت أن تعيده العلوم إلى الحياة من جديد
.
منقول