الموضوع: مُهاجر
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-30-2025, 10:50 AM
المشاركة 338
مُهاجر
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • موجود
افتراضي رد: مُهاجر
أنا لستُ عينًا تُبصِر،
بل قلبًا يستشفُّ النور من بين ظلال الحيرة،
أشبه بندفةِ ضوءٍ تسقط في عمقِ ليلٍ دامس،
فتُوقِظ في الروحِ خريطةً لا يعرفها إلّا السائرون نحوي
بنور اليقين.

تسألون: من أنا؟!
أنا نورُ الساري في دياجير الحيرة...
وكهفُ أسرارِ الوجودِ الكثيرة...
وشمسُ الحقيقةِ في مجرّاتِ الكونِ الوسيعة...
وغيثُ الحياةِ للأرضِ القَفِيرة...
وطِبُّ القلوبِ المريضة...
وملاذُ اللاجئِ من العذاباتِ المريرة...

فهل عرفتني؟!

فتِّشْ في جيوبِ الحياة...
واستحضرْ وجوهَ المارّين...
واستنطِقْ حروفَ الكاتبين...
وحَرِّكْ مشاعرَ العاشقين...
وطَبْطِبْ على قلوبِ المكلومين...

ستجدني بين حرفِ العلّة،
وبين ضميرِ المتكلم،
وبين المبنيّ للمجهول...
كائنًا لا يتحرّك،
بعد أن جُرِّدَ من معناه،
فبات كريشةٍ تتقاذفها الرِّيح،
فتهوي بها في بئرٍ عميق...

فلا تسأل عن اسمي،
فأنا اسمٌ بلا صوت، وصوتٌ بلا لحن،
أنا ظلُّ الحقيقةِ حين تغيب،
وصرخةُ المعنى حين يصمتُ كل شيء.

أنا لستُ من هذا الطين وحده،
بل من سرِّ النفخةِ الأولى،
من صمتِ المعنى حين يفيض الكلام،
ومن وجعِ السؤال حين يعجز الجواب...

أنا أثرُ النورِ في أزقةِ العتمة،
والوَصلُ حين تنقطع السُّبُل،
أنا نبضُ الفكرة في صدرِ متأمِّل،
ووميضُ البصيرة في عينِ حائر.

أنا همسةُ الأمل في أذنِ اليائس،
وسجدةُ الروح في محراب الإدراك،
أنا الحكاية التي لا تُروى،
لكنها تعيش في كلّ سطر، وكلّ صمت.

فتِّش عني في شهقةِ الولادة،
في دمعةِ العارف،
في نشوةِ القصيدة،
وفي صمتِ المريد...

ستجدني نائمًا في جفنِ المعنى،
أرتِّب للفجرِ مواعيدَ قيامه،
وأجفّفُ دمعَ الليلِ حين يطول...

أنا لستُ وصفًا يُقال،
ولا حدًّا يُرسم،
أنا المَعبر،
والمعنى،
والحكاية التي ترويك... دون أن تنتهي.