الموضوع
:
مُهاجر
عرض مشاركة واحدة
08-29-2025, 11:21 AM
المشاركة
328
مُهاجر
من آل منابر ثقافية
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 1
تاريخ الإنضمام :
Feb 2022
رقم العضوية :
16905
المشاركات:
511
رد: مُهاجر
لا زال الحوار ماثلًا أمامي بتفاصيله المملة، ونتائجه المدلهمة، وما تخلله من اتهام ودفاع وبكاء واستعلاء.
العجيب في الأمر أن المصير محتوم، وأن العاقبة سنتقاسمها معًا من غير استثناء، ومع هذا، نبرة التحدي حاضرة وبقوة المستميت الذي يرفض خدش كرامته.
ويزيد الطين بِلَّةً حين يكون نقد الذات من المحظورات والمحرمات، وقد أسقط الجاحد ضرورة ذلك، إذا كان به ومنه إعادة البوصلة إلى وجهتها الصحيحة.
جهاد النفس لم يجعل رسولُ اللهِ ـ عليه الصلاة والسلام ـ رتبته أعلى من رتبة الجهاد في سبيل الله من باب الحث وحسب، بل لإخبارنا أن النفس هي الأقرب منا، والتي هي بين جنبينا، وواجب علينا الغوص فيها ومعرفة كنهها وأحوالها.
وكم تجاهلناها وجهلناها، فكان منتج ذلك الانفصامَ في سويّ فعالنا وأقوالنا.
أهملناها وقت الدَّعَة، فكانت مُدَّعَةً في خزانة الخذلان، لأن الاهتمام رحّلناه ليشمل الأنام، ومن ذلك تزيد الآلام.
نحتاج إلى مراجعة الأولويات، والغوص في الأعماق لنصافح بذلك الروح، ونودّع موطن المعاناة.
فكم منّا من صافح الجميع، ونسي أن يمدّ يده إلى نفسه، يربّت على كتفيه المنهكين، ويقول لها: "أنا معك."
نتقن الإصغاء للضجيج الخارجي، ونفشل في سماع صرخات الداخل الخافتة، التي تئن تحت وطأة الإهمال والتراكم.
نحمل همّ العالم على أكتافنا، ونهمل همّ النفس، فتخور قوانا دون أن ندري، ويصبح الإنجاز غطاءً هشًّا يوارِي عجزًا عن فهم الذات.
إن التصالح مع الذات ليس رفاهية، بل ضرورة لنبقى أحياءً بالمعنى الكامل للحياة، نعيش الحضور لا مجرد البقاء.
وما أحوجنا إلى وقفة صدق، ننزع فيها الأقنعة، ونكفّ عن تمثيل البطولة، ونُقرّ أن الضعف ليس عيبًا، وأننا في حاجة ماسّة لأن نُرمِّم دواخلنا قبل أن نُزيِّن ظواهرنا.
فهل نملك الشجاعة لنعترف أن الألم المقيم فينا لا يُشفى بتجاهله، وأن الطريق إلى السلام يبدأ من اعتراف صادق لا من إنكار متكرر؟
رد مع الإقتباس