عرض مشاركة واحدة
قديم 07-30-2025, 08:38 AM
المشاركة 19
مُهاجر
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • موجود
افتراضي رد: احساس متقاعد وذكريات معلّم ..
قرأتُ مقالك فأبهرني، ووقر في القلب معناه، فبكيتُ لصدقه، وفرحتُ بحكمته.

أ"التقاعد لا يعني النهاية"، فهو بابٌ مفتوحٌ، وحياةٌ جديدةٌ، وعهدٌ مشرقٌ. إنه راحةٌ بعد تعبٍ، وجَنيٌ بعد زرعٍ، وفرصةٌ للتأمل والعبادة، وللخير والعطاء.

أما قولك: "أصرُّ وزيرًا ولم أصرُّ مديرًا"، ففيها عزةُ النفس، ورفعةُ الروح، وثباتُ المبدأ. فما قيمةُ المنصب إن زالَ، وما وزنُ الجاه إن تولى؟ لكن الكلمةَ الصادقةَ تبقى، والعملَ الخالصَ يدوم، والأثرَ الطيبَ يخلد.

أما قولك: "كنت معلماً تُعلِّم الأولاد معنى الحياة الحقَّة"، فهذا شرفٌ لا يدانيه شرفٌ، وفضلٌ لا يضاهيه فضلٌ. فأنت الذي غرستَ في القلوب نورَ الإيمان، وربَّيتَ في العقول حبَّ الحق، وزرعتَ في النفوس بذورَ الخير.

أما قولك: "نحن نرى كلَّ جميلٍ ومخلصٍ وصادق"، فما أصدقَك! فالصادقون قليلٌ، لكنهم كالنجوم في الظلام، وكالزهر في الصخور، وكالندى في القيظ. هم نورٌ في دياجير الكذب، وضياءٌ في ظلام النفاق، ورحمةٌ في زمن القسوة.

أما قولك: "هناك في السماء رتبٌ أخرى"، فنعم، فالدُّنيا دارُ اختبارٍ، والآخرةُ دارُ قرارٍ. هناك يُوزنُ الإخلاصُ، ويُكشفُ الغِشُّ، ويُجْزَى الصبرُ. فليست العبرةُ بالمنصبِ، بل بالعملِ، ولا باللقبِ، بل بالتقوى.

فلا تحزنْ يا أستاذنا، فما فقدتَ شيئًا، بل ربحتَ نفسَك، وما خسرتَ منصبًا، بل كسبتَ رضا ربك. فأنت كالشمسِ، إن غربتْ هنا، أشرقتْ هناك، وكالغيثِ، إن انقطع عن الأرضِ، صعد إلى السماءِ.

أسأل الله أن يبارك في عمرك، ويجعل أيامك كلها خيرًا، ويكتب لك القبول حيث كنتَ، ويجعل كلماتك نورًا تهتدي بها الأجيال.