عرض مشاركة واحدة
قديم اليوم, 09:42 AM
المشاركة 4
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • موجود
افتراضي رد: *مقاصد من الشعر العربي*

الرحلة الرابعة - اليوم موضوعنا عن الجهل،

الأعزاء جميعهم ،،
نتحدث في هذه الحلقة عن الجهل ومظاهره المتنوعة التي تتجلى عادة في أقوال وتصرفات بعض الناس، حيث يظهر لك الجهل واضحاً من خلال سلوكهم وكلامهم، رغم اختلاف ما حصلوا عليه من درجات تعليمية أو أكاديمية.
فالجهل هو نقيض العلم، ويُعدّ من أخطر الآفات التي تصيب المجتمعات، إذ إنه يشكل عائقًا كبيراً أمام التقدم المأمول، وهو سبب رئيسي في تخلف الأمم وتأخر الشعوب، لذا كان واجباً على كل إنسان أن يسعى لمحاربته، ويحرص بشكل دائم أن يتزود بالعلم ويواكب المعرفة المتجددة.
وفي حديث لرسولنا الكريم وصف لحال الجاهل بدقة، فقال:
«الجاهل يظلم من خالطه، ويعتدي على من هو دونه، ويتطاول على من هو فوقه، ويتكلم بغير تمييز، وإن رأى كريمة أعرض عنها، وإن عرضت فتنة أردته وتهور فيها».
كما أن الجهل لا يقتصر على من لم ينالوا حظاً من التعليم، بل إن له وجوه متعددة، ومن الجهّال من يحمل أعلى الشهادات، لكنه يتحدث في كل علم دون دراية، ويظن نفسه أنه مرجعٌ في كل موضوع يطرح أمامه، وهؤلاء من أخطر الناس، ومنهم كذلك من يتخصص في مجال معين، لكنه لا يعترف بفضل غيره، ويتعامل مع الآخرين بتعالٍ وكأنه ملهمٌ أوحد، وهناك من يتحدث في كل موضوع وكأنه فقيه، وهو في الحقيقة من الجاهلين.
وقد تنبّه الأدباء والشعراء لهذه الأنماط من الجهل، ولم يغفلوا عن تناولها في شعرهم، وقد جمعت بعضاُ من تلك الأقوال والأبيات للعبرة، علّها تذكّرنا بأهمية التواضع، والسعي نحو الفهم، والابتعاد عن مكاره الجهل.
وفي الختام، لا بد أن يسود الاحترام والتقدير في تعاملنا مع الآخرين، مهما اختلفت ثقافاتهم أو درجات علمهم، فبالجهل والتعصب نهوي، وبالعلم والفهم المتبادل نرتقي.
----------------
يقول المتنبي:
وحَلَاوَةُ الدُّنْيَا لِجَاهِلِهَا ** ومَرَارَةُ الدُّنْيَا لِمَنْ عَقِلَا
----------------
وقال أبو العلاء المعري:
ولَمَّا رَأَيْتُ الْجَهْلَ فِي النَّاسِ فَاشِيَاً ** تَجَاهَلْتُ حَتَّى ظُنَّ أَنِّي جَاهِلُ
----------------
وقال الخليل بن أحمد:
لَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ مَا أَقُولُ عَذَرْتَنِي ** أَوْ كُنْتُ أَجْهَلُ مَا تَقُولَ عَذَلْتُكَا
لَكِنْ جَهلْتَ مَقَالَتِي فَعَذَلْتَنِي ** وَعَلِمْتُ أَنَّكَ جَاهِلٌ فَعَذَرْتُكَا
----------------
وقال الشاعر القروي:
ذُو الْجَهْلِ لَا يَنْفَكُّ مُضْطَرِبَاً ** لِأَقَلِّ شَيْءٍ يَفْقِدُ الصَّبْرَا
كُلُّ الْمَصَائِبِ عِنْدَهُ كَبُرَتْ ** إِلَّا مُصِيبَةَ جَهْلِهِ الْكُبْرَى
----------------
يقول الشاعر: أبو مسلم الجهني من بحر الكامل
وإذا بليتَ بجَاهِلٍ مُتَحَكِّمٍ ** يَجِد المُحَالَ مِنَ الأمُورِ صَوَابَا
أوليتُه مِنِّي السُّكوتَ وربَمَّا ** كانَ السكوتُ عن الجَوابِ جَوابَا
----------------
أعزائي، وإلى حلقة جديدة قادمة بإذن الله ،،
تحياتي للجميع ،،