الموضوع
:
كتابنا (كيف نفهم ما حدث في سوريا؟!)
عرض مشاركة واحدة
02-15-2025, 05:05 AM
المشاركة
10
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 1
تاريخ الإنضمام :
Jan 2006
رقم العضوية :
780
المشاركات:
1,201
رد: كتابنا (كيف نفهم ما حدث في سوريا؟!)
* زمن بشار الأسد
عندما مات حافظ الأسد عام 2000م وَخَلَفَهُ ابنه (بشار الأسد) بعد مسـرحية تغيير الدستور الكارثية التي وقعت فيها لأول مرة خطة توريث الجمهوريات في العالم العربي في سوريا، وفتحت المجال للتوريث في مصـر واليمن والعراق والجزائر لولا أن القدر وقف أمام تلك المحاولات وفشلت جميعا.
كان الشعور العام السوري في وقتها شعورا مكتوما بالإهانة لشعب عريق وله صفات حضارية متفردة والأهم من هذا أنه شعب ثائر بطبيعته وقوته عندما يتحرك لا تضاهيها قوة.
هذه الطبيعة الحرة للشعب السوري التي عَبّر عنها الرئيس السوري (شكري القويتلي) بعد أن تمت الوحدة مع مصـر وتخلى القويتلي عن الرياسة لعبد الناصر فأصبح رئيسا لمصـر وسوريا تحت اسم (الجمهورية العربية المتحدة)، فقال القويتلي لعبد الناصر عبارة لافتة:
(
أنت لا تعرف ماذا أخذت يا سيادة الرئيس، لقد أخذت شعبا يعتقد كل من فيه أنه سياسي ويعتقد خمسون بالمائة منه أنهم زعماء، بينما يعتقد خمسة وعشـرون بالمائة منه أنهم أنبياء، فضلا على عشـرة بالمائة يعتقدون أنهم آلهة
)
والواقع أن كلمات القويتلي كانت شرحا مُبَسطا وساخرا لمكونات الشعب السوري، لكنها حملت حقيقة دامغة وهي أن غالبية الشعب هم بالفطرة سياسيون ومقاومون يهتمون بالشئون العامة في بلادهم، وليس سهلا أن يستسلموا للأمر للواقع وثوريتهم ممتدة لا تهدأ طالما الخطر كان ماثلا أمامهم.
ثم كانت كلمات القويتلي تشـرح أهم صفة يتميز بها السوريون عن سائر العرب، وهو أنه لا يوجد لديهم مصطلح (الأغلبية الصامتة) وهي فئات الشعب التي نَصِفَها في مصـر بحزب (الكنبة) إشارة إلى فئة موجودة بكافة الشعوب وتتميز بانعدام رغبتها في المشاركة السياسية ولا تهتم بما يجري في بلادها ويتركز اهتماها على حياتها الشخصية ومحيطها الاجتماعي وحده، وليس لهم نشاط سياسي أو مشاركة عامة في أي فعاليات أو انتخابات أو حتى مظاهرات
هذه الفئات التي تمارس هواية التجاهل للمجال السياسي العام، ليس لها وجود في فئات الشعب السوري فالشعب بكل طوائفه مُسَيس وله انتماءات وقناعات يتحرك على أساسها أو يلتزم الصمت، ولكن الصمت هنا إذا اختارته فئة من الشعب لا يكون صمتا سلبيا بل هو صمت إيجابي نابع عن موقف بالتأييد أو المعارضة
وهذا ما رأيناه في الحراك الشعبي الذي بدأ بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وسقوط السلطة العثمانية على البلاد حيث تعددت الثورات الشعبية ضد الاحتلال الفرنسـي للدرجة التي دفعت فرنسا لتغيير موقفها من تقسيم سوريا والرحيل عنها، وهذا رغم قوة فرنسا ووحشيتها في مواجهة المقاومة في المستعمرات التي احتلتها.
وهذه هي الخصوصية التي تميز بها أهل الشام دائما والتي استحقوا عليها قول النبي عليه الصلاة والسلام:
(بَينما أنا نائمٌ رأيتُ عمودَ الكتابِ احْتُمِلَ مِن تحتِ رأسي فعُمِدَ بهِ إلى الشَّامِ، ألا وإنَّ الإيمانَ حين تقعُ الفتنُ بالشَّامِ)
وهذه الخصوصية أيضا هي التي جعلت الشام مهد أقوى دُوَل الخلافة، الخلافة الأموية التي حكمت نصف الكرة الأرضية من الصين شرقا حتى الأندلس غربا، وكان لها الفضل في فتح كافة بلاد الإسلام في عمق آسيا وشمال افريقيا والأندلس
وكان أهل الشام بقيادة (عبد الرحمن الداخل) هم الذين جددوا فتح الأندلس بعد انهيار الخلافة الأموية في الشـرق على يد العباسيين فعادت دولة الأمويين لتكمل الفتوحات بقيادة (عبد الرحمن الداخل) ثم حفيده (عبد الرحمن الناصر) ثم جاء عهد (الحاجب المنصور) حتى وصل اتساع خلافة الأندلس إلى حدود فرنسا واستمرت حضارتهم ستمائة عام كاملة بمشاركة أبطال الساحل المغربي من دولة المرابطين والموحدين.
وكان أهل الشام هم أصحاب المبادرة بعد انهيار وتمزق الدولة العباسية وبعد أن نجح الصليبيون في احتلال القدس ومواقع عدة على الساحل الشامي فظهرت في الشام إمارات صغيرة حملت على عاتقها راية الجهاد من جديد وكان أولها إمارة (عماد الدين زنكي)، ثم ولده المجاهد العملاق (نور الدين محمود)، والذي كان سببا في تمهيد الأرض أمام (صلاح الدين) والدولة الأيوبية لتحرير القدس.
وكان أهل الشام هم الجناح الثاني مع مصـر الذي تصدى لخطر المغول وردوهم عن بلاد العرب بل وعن باقي العالم بعد أن كان الطوفان المغولي ينوي الاستمرار في الزحف إلى أوربا أيضا دون أن يردعه رادع.
وكان نفس هذا الجناح العملاق (مصـر والشام) هو الذي خاض المعارك لعدة قرون مع الحملات الصليبية المتتابعة التي توحدت فيها ممالك أوربا جميعا ضد هذه الجبهة ومع ذلك فشلت كل تلك الحملات واندحرت –رغم قوتها- ورغم أن بلاد الإسلام وقتها كانت مفككة وليس فيها حكم موحد كما كانت في عهد الخلافة.
ثم كانت مصـر والشام أيضا هي التي ردت الحملة الفرنسية البربرية بقيادة نابليون وعجز فيها هذا الأخير عن إتمام مشـروعه الامبراطوري رغم أن فرنسا تحت قيادته كانت أكبر قوة في العالم في وقتها ونجحت في تركيع أوربا بالكامل من روسيا البيضاء وحتى حدود إسبانيا.
ورغم هذا تحطمت أسطورة نابليون هنا على يد مصر والشام أيضا، قبل أن يعود إلى فرنسا وينال الهزيمة على يد الانجليز
ولم يهنأ الاحتلال الغربي المعاصر في الشام أيضا رغم نجاح المشـروع الصهيوني وظل هذا الجناح يهدأ حينا ويقوم حينا ولم يستسلم
وأي نعم أن البطولة والفدائية كانت – ولا زالت- صفة عامة في شعوب المنطقة رغم ما تعانيه من حالة الانهيار الحالي، إلا أن الشام بالتحديد كانت دوما هي أسرعهم إلى الاستنفار وعودة الطاقة للقتال بعد اليأس
فالشعوب في العادة وطبقا لعلم الاجتماع السياسي لا يمكن أن تعيش في حالة ثورية دائمة، بل تكون الثورات على هيئة موجات متباعدة ضد الاحتلال أو ضد الظلم، ومؤقتة بزمانها، وسواء فشلت أو نجحت فإن الموجة الثورية تسـري عليها قواعد الأمواج في أنها تتكون من قمم وقيعان ولا يمكن أن تظل الموجة على حال الصعود دون الهبوط مهما كانت قوتها وارتفاعها.
لكن سوريا بَدَت في القرن العشـرين كما لو كانت تربة بركانية نشطة لا تهدأ فيها موجة هابطة إلا على أكتاف موجة صاعدة والانقلابات والتغييرات فيها لم تسكن قط إلا بعد تولي الأسد للرياسة.
وقد شرحنا استراتيجية الأسد في تسكين موجات الثورة ضده بالاستراتيجية التي اتبعها عندما سيطر على الجيش والمؤسسات عندما ربط مصيرهم بمصيره فأصبحت تلك المؤسسات تدافع عن الأسد دفاعها عن وجودها، واقتنع الجيش والمؤسسات والطائفة العلوية بأن استمرار الأسد هو ضمانة البقاء لهم لثقتهم في أن الشعب لو وجد الفرصة فسيفتك بهم عن بكرة أبيهم بعد طول سنوات القمع.
وهذا هو تبرير الوحشية الزاعقة التي استخدمها النظام عشرات المرات ضد الشعب.
كما نجح في إجبار الشعب على قبول الأمر الواقع لسببين رئيسيين كان أولهما وأكثرهما خطرا هو عدم توحد الشعب على وجوب الخروج ضده، فقد استفاد الأسد من دروس التاريخ وكان يُغَذي الطائفية والعنصرية لكي تبقى البلاد منقسمة الأهواء والانتماءات.
وليس معنى هذا أن فترة الأسد كانت مستقرة بلا اعتراض، بل مَرّت بموجات معارضة كثيرة لكن مَقْتل تلك المعارضة كان في كونها نقاط ثورية إقليمية أو طائفية لم تجمع الكتلة الحرجة للجماهير لكي تتوحد ضد الحكم الفاشي للعلويين.
والسبب الثاني هو أن الأسد كان بارعا للغاية في تحالفاته وتوازناته، فقد احتفظ بعلاقاته الاستراتيجية مع الروس وإيران، ونجح –في نفس الوقت- في مَدّ سبل الاتصال مع الإسرائيليين والأمريكيين وقدم لهم خدمات متعددة بالشكل الذي جعلهم يهملون أمر سياسته في سوريا داخليا ويكتفون فقط بإدانة القمع.
بل إنهم قبلوا بسيطرته على لبنان بعد أن ضمن مصالحهم فيها واستجاب لكل متطلباتهم، فوصل القبول الغربي لتصـرفاته أنهم تجاهلوا جرائم حرب فعلية قام بها الأسد في لبنان كان أشَدّها فجورا اغتياله لرئيسين منتخبين ورئيس وزراء فضلا على زعماء سياسيين لهم كتل وأحزاب مهمة داخل لبنان!
ورغم ذلك تم غض الطرف عن هذا عالميا.
وعندما استلم (بشار الأسد) السلطة كان سبب قبول الشعب وسكوته عن هذا هو انسداد الأفق وانعدام القيادات التي تثق بها الجماهير للتحرك بثورة ضد حكمه.
فقبلوا بالأمر الواقع لا سيما أنه كان أمرا عاما –كما قلنا- على العرب جميعا فلم يكن حكم الأسد منفردا في جبروته أو طول مدته بل كانت كافة الأقطار العربية خاضعة لحكام قضوا في سدة الحكم من عشـرين إلى أربعين عاما تحميهم العصا الغليظة بالقمع الداخلي والمساندة الغربية من الخارج.
وأصبح الوضع العالمي جامدا مع انفراد الولايات المتحدة بالعالم، وغياب القوة العظمى الموازية التي تستطيع دعم تحرك الشعوب ضد السياسة الغربية ورجالها.
لهذا سكت السوريون كما سكت غيرهم في انتظار عاصفة التغيير التي قد تأتي كثورة بركان مفاجئ إذا تغيرت الأوضاع.
ورغم أن حكم (بشار الأسد) كان امتدادا لحكم والده بلا أي تجديد، إلا أن التغير الوحيد الذي وقع أن بشار كان معدوم الخبرة والكفاءة والكاريزما، وغباؤه يبدو صارخا على وجهه وطريقة حديثه، فأصبح الحكم في هرم السلطة قائما على رجال الحكم نفسه لا على رغبة وسياسة الرئيس الحاكم.
فكانت الحكومة المنتمية لسلطة آل الأسد هي من تدير الأمور وتحفظ الخط الذي ينبغي لسياسة بشار أن تمضي فيه حفاظا على مكتسبات عصابة الحكم.
ولم يكن أمام الحكم أية مخاطر إلا تلك النقطة وحدها.
ففريق الحكم تحت قيادة حافظ الأسد –وكعادة كل الدكتاتوريات- لم يكن فريقا متجانسا أو متحدا بل كانت بينهم تنافسات ووجهات نظر مختلفة، حتى لا يتفق هذا الفريق ويتجانس مع بعضه البعض فيمثلون خطرا على الديكتاتور نفسه
وهذا الاختلاف لم يكن يمثل خطرا على حافظ الأسد لأنه كان المسيطر والصانع للسياسة والقرار الأخير بيده
وهو ما اختلف في عهد بشار الذي وقع تحت تأثير خلاف فريق الحكم وكانت سياسته داخليا وخارجيا تتنازعها الدولة العميقة بمكوناتها المتضادة.
كانت القوى الموجودة تتمثل في الجناح الأول وهو الجيش وأجهزة الأمن الذين تحولوا من جيش وطني للشعب إلى مجرد قوات مرتزقة تدين بالولاء الكامل لحكم الطائفة العلوية ولم تكن نُظُم الجيش منذ عهد حافظ الأسد تمارس أو تحترم التقاليد العسكرية النظامية أو تمارس أدنى دور لحفظ الأمن القومي للبلاد، وانتهت تماما العقيدة العسكرية الوطنية التي كان آخرها حرب أكتوبر
فالوطنية والعقيدة العسكرية بعد حرب أكتوبر أصبحت خاضعة تماما لمؤسسة الحكم، والشعب السوري نفسه خارج إطار عقيدة الجيش ولهذا كان حافظ الأسد ومن بعده بشار يستخدمون الجيش لضـرب الشعب نفسه دون أن يكترث الضباط أو الجنود بالقاعدة الأساسية لأي جيش نظامي وهو الانتماء للبلاد لا الحكام، وأن الجيوش لا تصلح بأي حال لأن تكون أدوات قمع، نظرا للاختلاف الفادح بين أسلحة وقوة الجيوش وبين أسلحة وقوة أجهزة الأمن التقليدية وقوات الشرطة المدنية
لكن الأسد منذ أحداث حماة جعل من الجيش هو الأداة الرئيسية لحفظ أمن النظام في الداخل وأصبحت القاعدة هي استخدام الكتائب والفِرَق والأسلحة العسكرية الثقيلة لمحو وإبادة أي قوة معارضة مسلحة أو سلمية!
أما الجناح الثاني لقوة النظام فكان يتمثل في الحكومة والامبراطورية الاقتصادية لآل الأسد والتي يتحالف معها أصحاب المصالح داخل البلاد.
وبالتالي أصبحت مؤسسة الحكم في عهد بشار عبارة عن مراكز قوى عميقة يقف على رأسها أعوان وأتباع ليس بالضرورة أن يتفقوا سياسيا على قرار واحد في كافة القضايا.
وأضيف إلى ذلك ظهور مركز قوة هائل داخل بيت الرياسة يتمثل في (ماهر الأسد) شقيق بشار والذي كان يتعامل باعتباره وريثا وشريكا مع بشار، وكانت النقطة الخطيرة في هذا الأمر أن (ماهر الأسد) قام بتكوين قوة عسكرية وسياسية ومراكز مسئولية تدين له بالولاء بغض النظر عن الولاء لبشار.
وهكذا بدأت الاضطرابات تغزو حكم بشار الأسد من خلال نظام حكمه نفسه، لا من خلال المعارضة أو الأخطار الخارجية.
وبدأ هذا واضحا في أقوى وأول أزمة سياسية يتعرض لها نظامه والتي تمثلت في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني (رفيق الحريري) في بيروت عام 2005م.
وبدأ الأمر عندما أصدر بشار الأسد قرارا بسحب رجل النظام القوي (غازي كنعان) من موقعه بلبنان إلى سوريا ليعمل كوزير للداخلية.
وكان كنعان قد أصبح –مع طول المدة- هو الحاكم بأمره في لبنان، فضلا على أنه الرجل الذي أعطاه الأسد صلاحية التواصل مع الأمريكيين والإسرائيليين في إدارة الأمور داخل لبنان منذ الثمانينيات، فأصبح بهذه الصفة هو رجل أمريكا في المنطقة فضلا على كونه ركنا أساسيا في نظام حافظ الأسد.
وعندما مات الأسد وتولى بشار، كان من الطبيعي أن يطمع فريق بشار الجديد في مكانة ومكان غازي كنعان، على عادة النظرية السياسية التقليدية التي يكون فيها لكل حكم رجاله، وقد شق عدد من السياسيين طريقهم لبشار بعد أن كانوا في عهد حافظ يقبعون في خلفية المشهد.
وكانت هناك أسباب قوية لدى بشار لاستبعاد كنعان، أهمها أن كنعان من الحرس القديم الذي كان يرى في تولي بشار الحكم قرارا سلبيا على طائفة العلويين بأكملها.
وأثناء مناقشة قرار خلافة حافظ الأسد كان كنعان من الفريق العاقل الذي يرى بأن قمة النجاح للعلويين هو قبول السوريين بحكم حافظ الأسد طيلة هذه المدة.
وأما وضع بشار منعدم الخبرة والتجربة وصغير السن وتوريثه لحكم سوريا فهو مخاطرة بمستقبل العلويين وليست صيانة أو حماية لهم.
ولهذا كان يرى أن العلويين يكفيهم وجودهم المتفشـي في أركان الدولة، وعليهم أن يكتفوا بنائب للرئيس من طائفتهم، على أن يكون الرئيس شخص من خارج العلويين وله خبرة وقبول في الشارع السوري
ولا شك أن رؤية كنعان كانت ثاقبة وتدل على فهمه لتركيبة وطبيعة الشعب السوري النافرة التي ستتحرك –طال الزمن أو قصر- بسبب مهزلة توريث الحكم بهذه الصورة المبتذلة
ومن الطبيعي أن يتفجر الحقد من بشار ومجموعته ضد كنعان ومن كان يرى رأيهم، لهذا بدأ بشار بتعيين كنعان وزيرا للداخلية وَسَحْبه من مركز قوته في لبنان ليضعه نصب عينيه تحت المراقبة في منصب لن يُغني عنه شيئا، وذلك لأن وزارة الداخلية رغم أنها وزارة سيادية وخطيرة إلا أن الوزارة نفسها كانت تُدَار مباشرة من ماهر الأسد ورجال النظام ولم يكن الوزير إلا صورة للسلطة فيها
واستجاب كنعان للقرار وترك مكانه في لبنان والذي حل فيه (رستم غزال)، لكنه كان يدرك تماما معنى هذا التغيير ولم تكن شخصية بمثل شخصيته وخبراته التآمرية تترك مكان نفوذها لغيرها دون ضمان، وعليه وضع كنعان أجهزة تصنت في مكاتب رستم غزال وكبار رجاله في مقر الجهاز الأمني بلبنان، وقام بتجنيد بعض عناصر الجهاز لصالحه، فأصبح يراقب الوضع هناك كما كان قبلها.
في تلك الفترة كان رئيس الحكومة في لبنان هو رجل الأعمال السُنّي (رفيق الحريري) صاحب الشعبية الكبيرة والقبول دوليا ومحليا، وكان الذي يتولى منصب الرياسة هو (ايميل لحود) الرئيس المسيحي المدعوم من حزب الله ونظام الأسد.
ولم يكن رفيق الحريري شخصية سياسية مقاتلة أو مركز قوة يمثل خطرا على السوريين بل كان رجل أعمال له سياسة مهادنة ولم يعارض الوجود السوري أو يتحرك ضده كما فعلت قبله شخصيات لبنانية جاءت لمنصبه من قبل.
أي أن الأمور كانت مستقرة داخل لبنان وعلاقة نظام الأسد برفيق الحريري علاقة متوازنة.
حتى جاء موعد انتخابات الرياسة في لبنان، وكانت رغبة السوريين هي انتخاب (ايميل لحود) لولاية رياسية جديدة، وهو الأمر الذي كان يعارضه رفيق الحريري.
ورغم أن مثل هذه الخلافات هي مجرد خلافات سياسية توافقية ومنطقية الحدوث، إلا أن عقلية الغباء النَشِط لدى نظام بشار الأسد وانعدام الحس السياسي لرجاله الجدد أوقعهم في أكبر أزمة لهم عندما قرروا اغتيال (رفيق الحريري) رَدّا منهم على اعتراضه بتزكية ترشيح (اميل لحود)
واعتقد فريق بشار أن اغتيالهم للحريري هو استمرار تقليدي لنفس خط حافظ الأسد في فرض السيطرة الزاعقة على لبنان ولكي يثبتوا للجميع أن بشار يتبع نفس المنهج وعلى الكل الانصياع لهم دون معارضة!
الصفحة الشخصية بموقع فيس بوك
القناة الخاصة بيوتيوب
رد مع الإقتباس