الموضوع
:
كتابنا (كيف نفهم ما حدث في سوريا؟!)
عرض مشاركة واحدة
02-15-2025, 05:04 AM
المشاركة
9
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 1
تاريخ الإنضمام :
Jan 2006
رقم العضوية :
780
المشاركات:
1,201
رد: كتابنا (كيف نفهم ما حدث في سوريا؟!)
ثم وقفت جبهة الدروز برياسة (كمال جنبلاط) كَعَظْمة في حلق غازي كنعان، خاصة وأن جنبلاط انحاز انحيازا كاملا لياسر عرفات ومنظمة التحرير ضد تخرصات حافظ الأسد التي تهدف إلى تحقيق الرغبة الإسرائيلية والأمريكية في إنهاء الوجود الفلسطيني في لبنان.
وأعلن (كمال جنبلاط) في خطاب شهير له بأن القوى الوطنية اللبنانية تجد نفسها مضطرة للاصطفاف مع المقاومة الفلسطينية ضد كافة أعدائها.
كما صَرّح في حديث إذاعي لإحدى القنوات الغربية في وضوح أن هناك مؤامرة مشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة ونظام الأسد ضد لبنان وضد منظمة التحرير الفلسطينية، وأن نظام حافظ الأسد دخل بقواته إلى لبنان لهذا الهدف
وكان رد (غازي كنعان) المألوف هو اغتياله بسيارة مفخخة دون أن يلقي بالا لرد الفعل على اغتيال شخصية بحجم جنبلاط
وتوالت حوادث الاغتيال والاختفاء بحق الشخصيات اللبنانية السياسية والإعلامية وكان الأسد يعتمد في تلك الجرائم على جهازه الأمني داخل لبنان ويحرص على استنكارها ظاهريا بالطبع.
ووفقا لشهادة العميد (نبيل الدندل) أنه طالع بنفسه ملفات العمليات عندما واتته الفرصة للعمل في لبنان ضمن فريق الجهاز الأمني التابع لغازي كنعان.
ورغم هذا استمرت المعارضة اللبنانية مشتعلة ضد الوجود السوري، وانطلقت المظاهرات الرافضة لحافظ الأسد وسياساته الدموية وكان هتافها الشهير في تلك الفترة.
(أسد، أسد في لبنان ..... أرنب، أرنب في الجولان)
في إشارة بليغة إلى ما فعله الأسد من تخليه عن الجولان والتفريط فيها وعدم ردها سواء بالحرب أو السلم، في نفس الوقت الذي وَجّه نشاط جيشه ومدرعاته إلى الشعب السوري في الداخل والشعب اللبناني في الخارج
وهنا فكر حافظ الأسد في حل سياسي احتياطي لضمان بقاء نفوذه داخل لبنان، فقام بالتحالف مع إيران وحكومة (الخميني) لتأسيس ميلشيات شيعية ترفع شعار المقاومة ضد إسرائيل وتكون تحت ولاية وسيطرة النظام السوري من جهة، وتحت الرعاية والتمويل الإيراني من جهة أخرى.
وفي ذلك الوقت كان في لبنان بالفعل حركة مسلحة شيعية هي حركة (أمل) التي تزعمها القيادي الشيعي (موسى الصدر) ولم تكن تلك الميلشيا تهدف للمقاومة أو نصـرة القضايا العربية بل كانت كغيرها من الحركات المسلحة التي تتصارع على السلطة والنفوذ داخل لبنان وترفض الوجود الفلسطيني داخل الأراضي اللبنانية، وقد تحالفت هذه الحركة مع الجيش الإسرائيلي عند دخوله إلى لبنان عام 1982م وَكَفَل لهم الإسرائيليون الفرصة لمهاجمة المخيمات الفلسطينية والفتك بمن فيها في المذبحة المعروفة باسم مذبحة (صابرا وشاتيلا) والتي نفذتها ميلشيات أمل الشيعية واقتصـر الدور الإسرائيلي على التأمين والدعم بعكس ما يظن الكثيرون
وتوجهت أنظار حافظ الأسد لاستثمار حركة (أمل) واستخدامها كمركز قوة داخل لبنان في حال اضطراره لسحب قواته منها.
غير أن زعيم الحركة (موسى الصدر) لم يكن من مؤيدي (الأسد) ولا من المؤمنين بمرجعية (الخميني) أو التبعية الكاملة لإيران، فالخميني نَصّب نفسه زعيما روحيا وإماما له الولاية الكاملة على كل شيعي داخل وخارج إيران وذلك بنظريته الفقهية (ولاية الفقيه) والتي وضع نفسه فيها كنائب عن الإمام المهدي الغائب
تلك النظرية التي تعرضت لمعارضة شديدة من بعض مراجع الشيعة في إيران والعراق ولبنان، ولكن الخميني استخدم القمع المباشر في فرض تلك النظرية داخل إيران، واستخدم الاستمالة والاغتيال خارجها
لكن الأصوات الشيعية المعارضة للنظرية في لبنان كانت قوية ومنها صوت (موسى الصدر)، ولهذا رفض الأخير الخضوع لحافظ الأسد وتنفيذ فكرته، وبعدها بقليل سافر (موسى الصدر) إلى ليبيا لمقابلة (القذافي) ليختفي هناك ولا يظهر له أثر.
وبالطبع غنيٌ عن الذكر أن حافظ الأسد بتحالفه القديم مع القذافي كانا ينسقان مع بعضهما البعض أنشطة القتل والاغتيال والتمويل منذ تحالفهما عام 1970م.
وبعد اغتيال الصدر تم تطويق حركة أمل واستنساخ تجربة أشد قوة وكفاءة منها، وهو تنظيم مختلف باسم (حزب الله) ووضعوا على رأسه زعيما شابا كان نائبا لحركة (أمل) هو (حسن نصر الله).
وقد بدأ حزب الله بدعم هائل من إيران وحافظ الأسد حيث لم يقتصـر الأمر على التمويل والتسليح بل أرسل الخميني ميلشيات داعمة انضمت للحزب في لبنان واندرجت تحت قواته وقيادته، وبالطبع تمت التغطية السياسية لهؤلاء المرتزقة على أنهم مجاهدون منضمون لمشروع المقاومة لتحرير القدس!
وفيما بعد تتابع المئات من الشيعة من إيران وسوريا وبعض دول الخليج إلى لبنان للانضمام إلى حزب الله وقواته، وبعضها كان يعود لبلاده الأصلية كأعضاء مستترين تحت رياسة الحزب مثل فروع حزب الله في الكويت والبحرين والسعودية ونفذوا بالفعل بعض العمليات الإرهابية داخل هذه البلاد، والبعض الآخر كان يبقى داخل تنظيمات الحزب في لبنان رغم جنسياتهم الأجنبية
وفي خطاب علني لنصـر الله في بداياته أعلن أمام كافة أعضاء حزبه والجماهير اللبنانية تمسكهم بعقيدتهم الشيعية وولاية الإمام المهدي الغائب والذي ينوب عنه الولي الفقيه الإمام (الخميني).
كما أعلن في وضوح أن مشـروع حزب الله ليس أن يكون لبنان جمهورية مستقلة بل أن يكون لبنان جزء من الدولة الشيعية الكبرى التي تنعقد ولايتها للولي الفقيه في إيران!
أي أن حزب الله أعلنها في وضوح بعدم إيمانه باستقلال وطنه أو الولاء له بل الولاء لإيران وأن مشـروع الحزب يقوم على هذه الولاية
وهكذا تحقق لحافظ الأسد مبتغاه وبدأت منذ ذلك الحين أسطورة حزب الله في لبنان تحت الولاية المزدوجة لحافظ الأسد والخميني.
ومع مرور الوقت سيطر حزب الله على مجريات الأمور في لبنان سيطرة شبه تامة، وأصبح وكيلا للأسد وإيران في إدارة لبنان كمنطقة نفوذ مفتوحة ليس فيها من مفهوم الدولة إلا الاسم، فتعيين الحكومات والمسئولين أصبح بيد حزب الله، والحدود الخارجية -التي هي أهم موطن في سيادة أي دولة- أصبحت تحت سيطرة الحزب، والسياسة الخارجية مرتهنة برغبات الحزب أيضا
وتم التوافق داخل لبنان في انتخابات الرياسة والحكومة أن يكون الرئيس من المسيحيين، ورياسة الوزراء من المسلمين السُنة، ولكن حزب الله وإيران والأسد كانوا حريصين تماما على الإتيان برئيس وزراء سُني خاضع تماما للجبهة الثلاثية الحاكمة، ولم يسمحوا لأي شخصية سنية قوية بتولي المنصب كما حاربوا بشدة ظهور أي مرجعية سنية لها شعبية أو استقلال داخل لبنان
واستمر التحالف الوثيق بين الخميني وحافظ الأسد حتى بادر الأخير بتأييد إيران في حربها مع العراق رغم كل دعاوى القومية التي كان يرفعها الأسد وحزب البعث السوري تحت قيادته، ورغم أن الحزب الحاكم في العراق كان حزب البعث أيضا.
ولم يقتصر الأمر على هذا.
بل خالف حافظ الأسد كافة شعاراته القومية والتجارة بشعارات المقاومة ضد الغرب وتحالف مع الأمريكيين في ضرب العراق عام 1990م إثر التحالف الذي تشكل لحرب العراق عندئذ.
مع أن هذا التحالف كان ضد أدبيات حزب البعث وشعاراته المعلنة على طول الخط.
ومضت حقبة الثمانيات والتسعينيات وحافظ الأسد يدعم مراكز قوته داخل سوريا ولبنان، وبدأ في تجهيز ابنه الأكبر (باسل الأسد) لخلافته وفتح المجال أمامه للترقي داخل الجيش وإعداده لوراثة العرش السوري
لكن القدر أعد مفاجأة صادمة لعائلة الأسد عندما تم اغتيال باسل بحادث سيارة مدبر في الأغلب وبدا أن هناك صراع أجنحة داخل أسرة الأسد نفسها.
ونظرا لأن سيطرة النظام كانت شبه كاملة على الدولة السورية، فلم يكن هناك مجال أمام أسرة الأسد والطائفة العلوية إلا العمل على تصعيد أحد أبناء الأسد لسدة الحكم بعد موته، لأن النظام بأكمله ومصير الطائفة سيدخل إلى متاهات مظلمة لو صعد الحكم شخص آخر من خارج العائلة.
وقد ربط حافظ الأسد وجوده بمراكز قوة شديدة النفوذ والتأثير –بالذات من طائفته- سيطرت على مفاصل السياسة والاقتصاد داخل الدولة وأنشأت امبراطورية لآل الأسد والطائفة ورجال النظام.
بخلاف أن مراكز الدولة بأكملها كانت تعج بالموالين للنظام، ومع الرقابة اللصيقة التي كان يفرضها الأمن على كافة فئات الشعب، أصبح التعامل مع نظام الأسد يجري على أنه قدر مقدور لا يبدو في الأفق وسيلة للخلاص منه.
والشعب السوري –رغم أنه شعب ثوري بطبيعته- إلا أنه استسلم للأمر الواقع كما استسلم مثله كافة الشعوب العربية لأنظمة الحكم التي سيطرت لسنوات طويلة على البلاد من المحيط إلى الخليج.
وأصبح مسار التغيير السياسي في الوطن العربي مسدود الأفق بعد أن تحجرت المنطقة العربية وسيطرت عليها السياسة الأمريكية عقب انفرادها بالعالم بعد سقوط الاتحاد السوفياتي.
وهكذا بدأ العمل على إعداد الابن التالي (بشار الأسد) الذي لم يكن مؤهلا نهائيا للعمل السياسي والعسكري وكان مقيما بلندن عند اغتيال شقيقه، فتم استدعاؤه وإلحاقه بالجيش والبدء بإعداده للرياسة.
الصفحة الشخصية بموقع فيس بوك
القناة الخاصة بيوتيوب
رد مع الإقتباس